فضاءات

نجم الدين السهروردي :الأب الروحي لمدرسي التربية الرياضية في العراق / منعم جابر

استكمالا لما بدأناه قبل عامين يوم احتفالنا في الذكرى الثمانين لميلاد حزبنا الشيوعي العراقي باستذكار شهداء الرياضة من الشيوعيين واصدقائهم وانصارهم ومن اجل استكمال الفائدة من ذلك وانصافا للمبدعين من الشخصيات الرياضية ونجومها منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921 وحتى الساعة قررنا الاستمرار بالكتابة عن هؤلاء تخليدا لذكراهم وتعظيما لعطائهم بعيدا عن الحزبية الضيقة والطائفية المقيتة واعتمادا على الهوية العراقية الاصيلة ولكل ابناء الوطن. آملين تعاونكم معنا بالكتابة عن مبدعي الرياضة وروادها وابطالها الراحلين والاحياء ممن كان لهم دور رياضي ووطني في عموم مناطق العراق اعتزازاً بعطائهم الثر الجميل وخدمة للرياضة وعراقنا المناضل.
لنغور في عوالم السهروردي
هو نجم محي الدين السهروردي ولد في محلة جديد حسن باشا احد ازقة شارع الرشيد في بغداد عام 1920 درس في المأمونية والغربية والتفيض الاهلية. وهو من عائلة متدينة محافظة درس في الجامعة الامريكية ببيروت عام 1938. كان له نشاط سياسي حيث امتلك وعياً قوميا مبكرا! اشترك في حركة رشيد عالي الكيلاني عام 1941 وتعرض للسجن والاعتقال والهجر. بعد الحرب العالمية الثانية دخل الى كلية الحقوق عام 1947 بعدها عاد الى امريكا ليحصل على الماجستير في التربية الرياضية. يذكر الرياضي والكاتب عامر ناجي مؤلف كتاب "رياضيون في حياتي" بأن نجم السهروردي "تعلم في صغره وهو في سن الرابعة من عمره السباحة وركوب الخيل وجميع انواع الرماية ما جعله رياضيا حتى النخاع. وأحرز في الملاكمة بطولة العراق المفتوحة عام 1934 وفي الساحة والميدان كان يمارس اكثر من لعبة واحدة فكان يركض 100م و200م وكذلك كان بطلا في الطفر العريض والثلاثية ورمي القرص والرمح اي كان يلعب اكثر من عشرة العاب رياضية ويفوز فيها" يضاف الى ذلك ممارسته للعبة الجمباز واستطيع القول أن السهروردي كان رياضيا بالفطرة مارس العابا عدة وبرز فيها وهي حالة ميزت رياضيي ايام زمان !
السهروردي خدم الرياضة وقدم لها الكثير
يقول الخبير الرياضي الدكتور باسل عبد المهدي: أن الدكتور نجم محي الدين السهروردي قدم للرياضة الكثير وله افضال واعمال جليلة لا يمكن للاجيال نسيانها منها:
1- حول معهد التربية البدنية الى كلية التربية الرياضية ليكون اول صرح جامعي في المنطقة، وارتقى بالجانب العلمي للرياضة ومدرسيها، وكان بحق الاب الروحي لمدرسي التربية الرياضية ووضع الحجر الاساس للدراسات العليا.
2- أسهم بشكل كبير في بناء المنشآت الرياضية القائمة اليوم من خلال الاتفاق مع شركة زبلن الامريكية حيث ان بنايات التربية الرياضية واحدة من افضل المنشآت الرياضية اليوم، حيث احتوت على المسابح والقاعات وملاعب الكرة والمضامير بما يخدم كل الالعاب. اضافة الى استمراره عميدا لكلية التربية الرياضية لما يقرب من ثمانية عشر عاماً أسهم من خلالها بوضع الاسس العلمية والعملية الصحيحة لهذا الصرح الرياضي العملاق. وأسهم السهروردي اضافة الى عميد الرياضة العراقية اكرم فهمي وعبيد عبد الله المضايفي في وضع الاسس الصحيحة للرياضة الاولمبية التي تعاني اليوم تراجعا وإخفاقاً.
شغل الكثير من المناصب الرياضية
لقد كان سفر الدكتور نجم محي الدين السهروردي طويلا وحافلا بالعمل الرياضي الوطني حيث تواصل منذ الخمسينات وشغل مناصب عدة منها مدير عام للتربية الرياضية في وزارة المعارف ونائب لنقيب المعلمين ومساعد لرئيس جامعة بغداد وامين عام للجنة الاولمبية الوطنية العراقية اضافة الى اشغاله عددا من المناصب في المؤسسات الرياضية الدولية ومنها امين عام للاتحاد العربي لكليات ومعاهد التربية الرياضية في جامعة الدول العربية وبعد احالته إلى التقاعد عام 1980 غادر العراق ليعمل مستشارا رياضياً لدى الحكومة القطرية لفترة طويلة قدم خلالها عصارة خبرته وعلومه من اجل تطوير الرياضة في دولة قطر وقد نجح في ذلك ايما نجاح. وفي العام 1989 مُنح وسام الاستحقاق الاولمبي.
الشيخوخة لا تقاس بالسنين
وقبل ان نختم هذه المسيرة الرائعة لأحد اقطاب الرياضة العراقية لابد لنا من نقل ما يقوله السهروردي عن الشيخوخة حسب مصدرنا السابق "لا تقاس الشيخوخة بسنين العمر وانما حالة الشيخوخة تكون عندما يعجز الانسان عن العمل" وقد واصل مبدعنا الكبير عطاءه حيث اقام في سنواته الاخيرة جلسة كل يوم اربعاء بحضور الكثير من شخصيات المجتمع ونجوم الرياضة للنقاش وتبادل الافكار وما يخدم الرياضة والوطن.
في العام 2009 غادرنا السهروردي الى العالم الآخر بعد ان قدم للوطن ورياضته اكبر الخدمات والقيم النبيلة.
تحية حب للباذلين والعاملين المجتهدين من اجل الوطن.