فضاءات

رعاية التلاميذ النازحين في برنامج TEACH/ كمال يلدو

منذ أن سقطت الموصل بيد تنظيم (داعش) الأرهابي وتعرض مئات الألوف من سكنة منطقة سهل نينوى الى مصير مجهول، عبر الخطف او القتل او التهجير القسري من قراهم واللجوء الى المحافظات والبلدات القريبة او حتى اختيار دول كطريقة للأبتعاد عن مصادر الأرهاب والخطر، وبعدما نقلت وسائل الأعلام العالمية تلك المشاهد الأنسانية المريعة عن احوال النازحين، ناهيك عن الزيارات الميدانية للعديد من النشطاء، ابتدئ بعمل انساني كبير تقوم به مؤسسات وجمعيات وشخصيات وفي مقدمتها (ابريشية مار توما الرسول بديترويت برعاية المطران فرنسيس قلابات) وبالتنسيق مع برنامج " تبني عائلة لاجئة"، لتقديم المساعدات الممكنة لهذه العوائل المنكوبة.
وللوقوف على تفاصيل هذا العمل الأنساني كان هذا اللقاء مع "المربية السيدة ماركريت شمعون" التي أبتدأت الحديث:
العمل الأنساني وسط الجالية (العراقية - الكلدانية) في ديترويت بدأ منذ ان اطلق السيد (باسل بقال) نداءه (عام ٢٠٠٧) في تأسيس الصندوق الخيري لمساعدة العوائل اللاجئة الى سوريا والأردن، ثم تطور ليشمل لبنان وتركيا بالتزامن مع تزايد العوائل اللاجئة، وسمي البرنامج آنذاك برنامج : (تبني عائلة لاجئة ـ Adopt A Refugee Family)، وأعتمد على جمع التبرعات من ابناء الجالية وتقديمها معونات شهرية لأكثر العوائل العراقية عوزاً وتضرراً في تلك الدول، ولاقى نجاحاً كبيرا نتيجة المواصلة والأمانة والثقة التي عمل بها الفريق المتطوع.
وتكمل "السيدة ماركريت شمعون": لكن ما حصل عقب احتلال الموصل في ١٠ حزيران ٢٠١٤ وأستهداف داعش لبلدات سهل نينوى، الاراضي التأريخية للكلدان والآشوريين والسريان والأيزيديين، وتشريد مئات الآلاف من العوائل، وأمام عجز الحكومات والدول، فرضت الحاجة (علينا) أن نقوم بعمل انساني اضافي فكان أن جرى توحيد جهود فريق (تبني عائلة لاجئة) مع جهود (أبريشية توما الرسول في ديترويت برعاية المطران فرنسيس قلابات) وظهر للعلن فريق عمل اطلق عليه (ساعدوا العراق ـ Help Iraq) هذا البرنامج شمل ايضاً مساعدة النازحين داخل العراق في هذه المرة، بالأعتماد على ما تجود به ايادي الخيرين من عوائل جاليتنا الكريمة.
وللحديث اكثر عن الصندوق الجديد تقول "المربية ماركريت شمعون": يتضمن العمل الجديد الأستمرار في برنامج (تبني عائلة لاجئة) مع العوائل اللاجئة لدول الجوار، واستحداث ثلاث مؤسسات هي: مؤسسة تقدم الخدمات الصحية للنازحين على شكل أدوية او اقامة العيادات الطبية (MERCI)، ومؤسسة تعنى بالجوانب القانونية لحقوق النازحين ومحاولة ضمان املاكهم وممتلكاتهم قانونيا وتقديمها للمؤسسات المعنية، ويشارك فيها نخبة من المحامين المتطوعين (JUSTICE)، والمؤسسة الثالثة (TEACH) هي التي تعني بالتلاميذ والشبان الذين حرموا من مواصلة التعليم أو حتى من التعليم اصلاً، وخاصة اولئك الصغار الذين اضطرت عوائلهم الى اللجوء الى دول الجوار حيثُ تَحرمهم معظم قوانين تلك البلدان من مواصلة التعليم هناك.
وتُكمل "السيدة شمعون" حديثها قائلة: بالنسبة الى صندوق (تعليم ـ TEACH)، فقد تأسس قبل قرابة سنة من مجموعة من المربيات والمربين من مدينتنا بدعوة من راعي الأبريشية المطران قلابات، وتوجهنا بالنداء الى عوائل جاليتنا الكريمة عبر كل المنابر المتاحة من اجل جمع الأموال لمساعدة هؤلاء التلاميذ الذين لا ذنب لهم في كل ما يجري هناك. وقد كانت النتائج مبهرة، ما شجعنا اكثر، وقد تمكنا من تنظيم عدة حملات منها: حملة شراء القرطاسية واللوازم المدرسية والحقائب للتلاميذ في المخيمات، والثانية اسميناها (حملة المعاطف ـ Coats Drive) جرى فيها توزيع المعاطف على الصغار، ثم حملة (الحفاظات) حيث تم شراء وتوزيع حفاظات الأطفال والحفاظات النسائية ، ثم حملة (الكرسمس) حيث جرت تهيئة هدايا ولعب للأطفال ووزعت عليهم اثناء اعياد الميلاد في العام الماضي ، وقد كان لهذه الحملات مردودها النفسي الطيب على العوائل مثلما على التلاميذ. وهناك جهد استثنائي يجري العمل عليه الآن لتأسيس (مدرسة عراقية في الأردن) لأبناء العوائل النازحة نأمل أن تستوعب (٣٥٠ تلميذاً) حتى ننتشل هذا الجيل من الحرمان والأمية ونوفر له فرصة التعليم .
وتضيف "المربية ماركريت شمعون": إن عملنا متواصل في كل يوم، لأن محنة هؤلاء النازحين مستمرة ولا نعلم لها اية نهاية، لكننا ماضون في المساعدة طالما هناك حاجة اليها. وبودي أن اضيف (تكمل حديثها): على الرغم من ان النسبة الكبرى من الأموال تجمع من العوائل الكلدانية المسيحية وبمشاركة الأبريشية ، فأن هذه المساعدات غير مشروطة، حيث نُقدمها لكل من يحتاجها ومن يقصد مراكزنا هناك. لقد قدمناها للأخوة الأيزيديين والتركمان والعرب اضافة الى المسيحين، ونحن لا نسأل عن الدين او القومية، المهم عندنا ان نقدم المساعدة، وهذا هو ترجمة لقيمنا الروحية المسيحية التي تدعونا الى مساعدة الضعيف والمحتاج كائناً من كان.
ثم تختتم "المربية ماركريت شمعون" كلامها بالقول: إن هذا العمل الذي نقوم به هو عمل طوعي ونحن فخورون به، وتملأ قلوبنا الغبطة بأننا نقدم المساعدة لأناس لا نعرفهم ولم نرهم وربما لن نراهم، لكننا نلتقي معهم في أنهم بشر مثلنا ومواطنون عراقيون ايضا. ويسعدني ان انقل للقراء الكرام أن الأموال التي نجمعها والتي تتبرع بها العوائل او الأشخاص تذهب ١٠٠ في المئة الى العوائل المحتاجة، حيث نتحمل نحن (المتطوعين) كل الصرفيات الثانوية المتعلقة بالتحويل والتوزيع، ويسعدني كثيرا ان اقول أن كل العاملين يبذلون ما بإمكانهم لإسعاد الآخرين ورسم ابتسامة على وجوههم بأمل أن تنتهي معاناتهم. ولهذا اتوجه اليكم ايضا بدعم هذه المشاريع الأنسانية عبر التبرع من خلال زيارة موقعنا الألكتروني (www.helpiraq.org) أو من خلال التطوع معنا في نشاطاتنا وحملاتنا مع الجالية، او بالصلاة لنا ولكل النازحين والمهجرين.