فضاءات

مسرحية المركب في أربيل ( عينكاوه ) / هند الجبوري

وسط الخراب والتهجير والحروب والفقر التى تجّر الانسان بعيدا عن انسانيته لتعمق حالة الاغتراب التى يعيشها المواطن، يظهر خبر لعمل مسرحى جديد لفرقة ينابيع المسرحية اسمه المركب قوة العمل المسرحى الذى قدمته ينابيع، ويكمن في بساطته وعمقه الإنساني.
العمل يدور حول فكرة ازلية عن الحب الدى يولد وسط الخراب ليتشبث ويمسك بالمستقبل كما يراه ليوكد انسانيته وسط حالة الخراب الذى يعيشه البلد وكطريقة لرفض ما يمارس على الانسان البسيط من استلاب لقيمه وحضارته تحت شعارات الدين والطائفية. يقدم العمل شخصيتين من الناس البسطاء، الرجل الذى لا يقرأ ولا يكتب ولكنه من امهر الحرفيين فى صناعة آلة العود، المهنة التى ورثها عن الاجداد وابدع فيها، يُحارب وتحطّمّ ورشته واعواده باسم الدين، فيهرب الى مركب مهجور متظاهرا بالجنون للحفاط على حياته وعلى عود جدّه، وفى الجهة الاخرى تشتد حملة التطهير الطائفى بقتل الناس لتلجأ امرأة هاربة من ميليشيات القتل والموت الى المركب المهجور.
لقاء الضحيتين جسده الفنان سلام الصكر والفنانة نضال عبد الكريم على مدى ساعة وربع. امتاز العمل بالايقاع السريع والحركة الانسيابية وتجسيد متألق من الفنانين سلام ونضال حيث استطاعا ان يحافظا على يقظة الجمهور متعاطفا معهما من خلال بناء وتطور الشخصيات بشكل متصاعد ومقنع مع الحفاظ على ايقاع العمل وتصاعده بشكل منطقي متزامن مع احداث المسرحية مع الكثير من ومضات الكوميديا السوداء المنتقدة لظروف الحياة اليومية التي يعيشها المواطن العراقي.
تحول جميل وانسيابى لشخصية الرجل من انسان حوله الخوف الى اهمال لنفسه وعدم الثقة بما يحيطه، الى عاشق يتغزل بالنجوم. وكذلك نحن امام شخصية المرأة المدرسة الواعية لما يجرى حولها، تقاوم الظروف المحيطة بها اجتماعيا وتعى جيدا ان الحروب منعتها من تحقيق ذاتها بالأمومة، وشاهدنا تجسيدا متميزا للممثلة نضال لشخصية المرأة خاصة بعلاقتها مع طالباتها.
الديكور كان عبارة عن اشرعة مهلهلة لمركب مهجور وجرى استخدام هذة الاشرعة بشكل جيد لتوصيل فكرة المسرحية، وكان موفقا في خدمة اداء الممثلين. العمل اعتمد بشكل كبير على قدرات الممثلين الدين قدموا اداء جميلا ممتعا ذا حرفية ومهنية عالية. الموسيقى كانت موفقة فى بعض المشاهد وساعدت على اضفاء جو من المرح على اجواء المسرحية. عمل جميل متميز وسط ما نعيش من اجواء الأحباط والترقب منحنا المركب مع ركابه ساعة وربع من البهجة واعطانا جرعة بالتفاؤل لمستقبل أفضل.
العمل من تأليف واخراج الفنان سلام الصكر
تمثيل - الفنانين نضال عبد الكريم وسلام الصكر
الأدارة المسرحية والسنكرافيا - صلاح الصكر
اختيار الموسيقى سومة سامي . تنفيذ - رتاب ألأميري