فضاءات

نساء كربلاء يتظاهرن مطالبات بالتغيير والإصلاح ومحاربة الفساد / انتصار السعداوي

لم يستثن الفساد والظلم والتهميش أحدا من أبناء الشعب العراقي، نساء ورجالا وأطفالا. فغالبية العراقيين عانوا، وما زالوا يعانون، الحيف والظلم والعوز والفاقة، بفضل حكومات المحاصصة الطائفية والقومية والاثنية، والفساد المستشري في مفاصل الدولة.
وشأن الكثيرات من النساء في المحافظات، تشارك نسوة كربلائيات، كل يوم جمعة، في التظاهرات السلمية، مطالبات بالتغيير والإصلاح ومحاربة الفاسدين، وبحقوقهن وحقوق أطفالهن وعائلاتهم، عبر شعارات تصرخ في وجه الظلم والتخلف والفساد، وتدعو إلى المساواة والحرية والعدالة، وإلى مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
"طريق الشعب" كانت حاضرة في ساحات التظاهر بمحافظة كربلاء، والتقت عددا من النسوة المشاركات في التظاهرات:
الحقوقية كوثر ناصر، التي كانت تحمل لافتة تطالب فيها بعدم التسويف في تنفيذ الاصلاحات، قالت لـ "طريق الشعب" ان أي تغيير او إصلاح يراد له أن يكون صادقا وحقيقيا، يجب ان ترافقه مجموعة من التعديلات الدستورية، لكي يكون بغطاء قانوني وتكون الإصلاحات حقيقية وليس صورية، مضيفة انها ستخرج للتظاهر كل جمعة، حتى ولو بقيت هي المرأة الوحيدة في التظاهرات.
وأشارت إلى ان هناك الكثير من النساء يرغبن في المشاركة في التظاهرات، لكنهن بحاجة إلى الإسناد والدعم والعون.
اما المهندسة سيماء حسين فقد أشارت إلى انها تعمل بعقد في وزارة الشباب، وانها لم تتسلم راتبها منذ ستة أشهر، ثم مضت إلى القول: "إلا يستدعي هذا ان أقف واصرخ بوجه المعنيين مطالبة بحقوقي، لا سيما إنني لم احصل على فرصة عمل ثابتة تناسب اختصاصي وخبرتي.. أليس من حقي أن أطالب بفرصة عمل؟".
واضافت المهندسة سيماء قائلة: "خرجت في الأيام السابقة للتظاهرات لمساندة رئيس الوزراء بحزمة الإصلاحات التي أطلقها، أما حاليا فقد خرجت محذرة من السخط الشعبي، في حال التسويف والمماطلة في تنفيذ ما وعدوا به، فالتظاهرات ستبقى مستمرة".
السيدة أم عامر التي تشارك في التظاهرات مع بناتها، قالت ان "التظاهرات ستسجلها ذاكرة العراق التاريخية والسياسية، ولا بد إن تكون هناك بصمة للمرأة فيها"، مبينة أن مطالبها في التظاهرات تمثل مطالب الشعب العراقي بأكمله، ومضيفة قولها: "اننا كعراقيين عدونا واحد، وهو الفساد. لذلك نطالب بمحاسبة المفسدين واسترجاع ما نهبوه من أموال العراقيات والعراقيين، ونطالب أيضا بتعديل الدستور ليجري الإصلاح على أسس قانونية وعلمية رصينة".
من بين المتظاهرين الشابة آمال التي كانت تقف عند باب مبنى المحافظة مع أخواتها ووالدتها، وهي تحمل لافتة كتبت عليها بخط يدها مقطعا من انشودة وطنية للمطرب أحمد جواد، بعنوان "يا ستار"، والمقطع هو: "احب توصلك الفكرة.. جوازك هيئة وحضرة"، سألناها عن سبب مشاركتها في التظاهرات، فأجابت بالقول انها طالبة في السادس الإعدادي، وقد خرجت في التظاهرات مطالبة بوضع قوانين وضوابط امتحانية ثابتة، غير متذبذبة، مشيرة إلى ان وزارة التربية تغير هذه القوانين كل عام، ومن بينها "قانون تحسين المعدل"، ما يؤدي إلى تشتيت فكر الطالب، وإلى?عدم قدرته على تدبير أموره في حال مفاجأته بقوانين جديدة.
من جهتها قالت الإعلامية في قناة العراقية، هناء، انها تشارك في التظاهرات مطالبة بحقوق أولادها، وبضمان مستقبلهم العلمي والصحي، ومستواهم المعيشي، بما يحفظ كرامتهم. وأضافت قائلة: "لي ابنتان، إحداهما متخصصة في هندسة الكهرباء، لكنها تعمل مونتيرة بأجر "القطعة"، والثانية محامية وتعمل بأجر يومي، وقد كانتا متفوقتين في الدراسة"، وتابعت هناء متسائلة: "لماذا لم يجر تعيين ابنتي ضمن اختصاصيهما، لمن تذهب الدرجات الوظيفية؟ لأولاد وأصدقاء وأقارب المسؤولين؟ ألا تحتاج وزارة الكهرباء الى مهندسة كهرباء؟ ام انتفت حاجة الدوائر ال?كومية الى محاميات؟"، مضيفة قولها: "انا اليوم اطالب بالعدالة وتوفير فرص العمل ولقمة العيش للجميع، وصرف رواتب للخريجين غير الحاصلين على عمل، وللأمهات المرضعات والأرامل والمطلقات واليتامى، ولكن ليس مثل تلك المبالغ المخجلة التي تمنحها شبكة الرعاية للنساء المستحقات!".
المصورة في دائرة صحة كربلاء امل النصراوي، قالت ان "التظاهرات سلمية، وليس هناك أمر يمنع النساء من المشاركة فيها، ولهذا سأخرج كل جمعة مطالبة بحقوقي وحقوق أولادي، وبفرص تعليم جيدة، ومدارس نظيفة وصحية، وأطالب أيضا بالتعليم المجاني، وبتوزيع الأغذية والقرطاسية مجانا على التلاميذ، فضلا عن توزيع الرواتب على الطلبة، كما وعد مجلس الوزراء، لمساعدتهم في مصاريف الدراسة، وخصوصا المتفوقين منهم".
من جانبها قالت الباحثة الاجتماعية رجاء القطب، ان وجود المرأة في التظاهرات ضروري جدا، "لذلك يجب دعم المرأة معنويا وهي تتضامن مع أبناء شعبها بمختلف أطيافهم"، مضيفة ان وجود المرأة في التظاهرات يمنح الأمان والطمأنينة والثقة بالنفس.
وبينت ان المرأة في البداية كانت قلقة ومترددة من المشاركة في التظاهرات، خوفا من الاصطدامات والقمع، "لكن في الواقع ان الأمور تحت السيطرة تماما، والتظاهرات تسير ومستمرة، ونحن نشارك فيها على الرغم من انقطاع سير المركبات في الشوارع المؤدية إلى ساحات التظاهر لدواع أمنية، والذي يضطرنا إلى السير على الأقدام مسافات طويلة للوصول إلى تلك الساحات".
وأشارت الباحثة رجاء إلى انها تطالب رئيس الوزراء، بأن يفي بوعوده الإصلاحية، لكي لا يخسر ثقة الشعب، "وإلا فإن الاصلاحات الصورية ستكون نتائجها السياسية سيئة جدا، والتظاهرات ستبقى مستمرة".