فضاءات

سلوى جراح في ستوكهولم/ طالب عاشور

أجرت رابطة الأنصار الديمقراطيين في ستوكهولم وشمال السويد، وبجهود مشتركة مع الجمعية المندائية في ستوكهولم، وعلى قاعتها، لقاءاً مع الإعلامية والكاتبة الروائية "سلوى جراح"، وذلك في يوم السبت المصادف 28/11/2015، قدمها الأستاذ الشاعر نجم خطاوي مستهلاً لقاءه معها بمقدمة عرّف خلالها بهوية السيدة "سلوى جراح" الفلسطينة المولد، التي نشأت في العراق برفقة والدها الذي جاء للعمل مهندساً في شركة نفط البصرة. وتنقلت بين البصرة وكركوك وبغداد، ودرست في مدارسها، ثم درست الأدب الإنكليزي في جامعة الحكمة في الزعفرانية- بغداد، وعملت بعد التخرج في إذاعة وتلفزيون بغداد، قبل أن تهاجر إلى بريطانيا في عام 1977 لتعمل كمقدمة ومعدة، ومن ثم صانعة برامج في هيئة الإذاعة البريطانية أل(بي بي سي)، لمدة تجاوزت 22 عاماً، أما تجربتها في كتابة الرواية فتمتد لعشرة سنوات خلت، وكانت روايتها الأولى (الفصل الخامس) عام 2005 بينما كانت الثانية (صخور الشاطئ) عام 2009 ، تستذكر خلالها فلسطين في عشرينات القرن الماضي. ثم جاءت روايتها (بلا شطآن) عام 2012 لتصف عوالم وفضاءات العراقيين في المهاجر.
بينما كانت روايتها التالية (صورة في ماء ساكن) عام 2014 ، في حين كانت (أبواب ضيقة) الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر عام 2015، آخر نتاجاتها، وصفت فيها لوعتها أثناء عودتها إلى بغداد في عام 2003، بعد فراق قسري وطويل دام سنوات عدة، حيث كتبت تقول....(جلست صامتة، عيناي تبحثان، عما تركت ورائي) وهي صورة دقيقة تمثل من إكتوى بنار الغربة، مهاجراً، مبتعداً عن جذوره الأولى.
((انشغلت صديقتي وشقيقها بحديث طويل يكاد لا ينقطع. درت بعيني في كل ما حولي، علي أجد ما علق بذاكرتي ولم تعد عليه السنين. إستوقفتني هذه الرمادية البشعة، الجدران الكونكريتية التي تعلو فوق البيوت، وتحجب الطرقات، والأحياء، وقد تجمعت حولها دوريات الجيش بملابسهم الجديدة التي تشبه ملابس الجيش الأمريكي... بدو غرباء عن الذاكرة... راعني هذا الغبار الذي تراكم على كل شيء، الشوارع والبيوت والأشجار ووجوه الناس. قلت لنفسي مواسيةً "هل نسيت الطوز؟"))
حدثتنا الكاتبة في رواياتها عن ذكرياتها في البصرة، عن رائحة البحر والشط، وعن السفن والمراكب والصيادين، وعن الناس البسطاء والأسواق الشعبية، وعن كركوك وقلعتها، وشوارعها العريضة، وعن زميلات دراستها، حيث صورت ببراعة وحميمية فضاءات وأجواء تلك العلاقات، عاكسة تأثير الأحداث السياسية التي طبعت تلك الفترة التي تدور فيها أحداث رواياتها.
حضر اللقاء جمهور نوعي من أفراد الجالية العراقية، وإستمر حوالي ساعتين، وساهم بعضهم بمناقشة العديد مما طرحته الكاتبة، ثم ودعتنا تاركةً إنطباعاً جميلاً، وفيضاً من المشاعر المتضاربة، وشوقاً وحنيناً إلى بغداد وأهليها، ودجلتها الخالد.