فضاءات

الرسالة الخامسة الى شهيد / ناصر الثعالبي

الرفيق العزيز
لم أكن مصيباً حين حدثتك في السنة الماضية عن خبوّ جمرة الانتفاضة. ها أنت تعود هذه السنة حاملاً شرارتها، متأزراً بقاياك العطرة، التي لممتها من أزقة الكادحين وعباءات وعرق أمهاتنا في زمن المحنة. اليوم لمً وطننا صرخات الجياع وأطلقها بوجوه ساسة سارقين، عادت الينا بعض بهجتنا، ونحن ندشن تجربة الجموع المختلفة، المتلاحمة بالدفاع عن الوطن من سارقي خبزه. مثلما علمتنا في التظاهرات قديما أن نخفي راياتنا (اللافتات) تحت ملابسنا كي لا نُكشف، ونظهرها حين يصعد الهتًاف عالياً: يسقط الاستعمار، تسقط الحكومة العميلة، نريد خبزاً لا رصاصا، فترتفع راياتنا قادمة من الأزقة وشوارع المحرومين. أتَذكر كيف كنت تقود المجموعة الصِدامية الباسلة لتتصدى لرجال الأمن والشرطة كي لا تكسر التظاهرة.

رفيقي الشهيد
اليوم، رايات شعبنا ظاهرة، معلنة شعاراتها المركزية ضد الفساد – خبز، حرية، دولة مدنية - (باسم الدين باكونا الحرامية) لكنها لا تستهدف إسقاط السلطة، وإنما إصلاح العملية السياسية، وتوجيه بوصلتها الى ما يخدم الناس، وفضح من يدافع عن الفاسدين باسم القانون. إن بعض مَن فسد من القضاة مهّد لفساد مؤسسات الدولة. وسعى البعض أن يركب موجة الحراك، خافيا عفونة فساده بتصريحاته التي تستهدف العملية السياسية، إلا أن رائحة فساده دلت عليه، فضحه رفاقك الناشطون، فتحجّم دوره.

أيها الشهيد
اليوم لامست أجساد الناشطين المدنيين سياط الحكومة، وتم اختطاف بعضهم، إلا أن (جمعات) الاحتجاج المباركة لم تتوقف! رغم عنف القوى الهمجية ومليشياتها، فإن الصفوف لن تتراجع. ولكن بعضها حمّل ما تعانيه الجماهير من شظف العيش وعدم الرعاية الصحية والاجتماعية والهجرة، الى الأحزاب السياسية دون استثناء، وهي حالة مرعبة تحتاج الى وقفة جادة لتعرية الأحزاب الفاسدة كي لا تلف الجميع سورة غضب الاتهام.

رفيقي العزيز
تصورتك حاملا علم العراق ...هاتفا... المجد لك أيها الوطن. أيها الممزق بين أجندات خونة الأرض، السارقين خبز الجياع. المجد لك .. ها نحن نزف اليك أبناءنا، نورا يهزم ظلام الأحزاب المتنفذة، ويكشف عورة أجنداتها، صارخا بوجه مليشيات القتل - بمختلف هوياتها وطوائفها- قفوا، إننا هنا...لن تمروا.