- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الثلاثاء, 01 آذار/مارس 2016 21:05

شريط سينمائي يصور احداث درامية مأخوذ من واقع شخصية الكاتبة وثقافتها السينمائية لأحداث تتداخل في عملية مونتاج سلسة نحن بأمس الحاجة لقرائتها والتلذذ باجوائها الرومانسية ، بعدما عز النص الروائي المتجذر باحاسيس الواقع الانساني من خلال المرأة في افضائها للمشاعر الجياشة لدى شخصيات غادرت الشرق الى اوربا ولعقود طويلة ولكنها مازالت تعيش حالة البدواة في دواخلها رغم انها مرتدية مسوح العصر والثقافة الراقية، فالارملة التي تتصدر الرواية انسانة واقعية في معالجتها للنواميس في مجتمعها بعدما فقدت زوجها وبقيت تعيش لذكراه ، كالناسك في اخلاصها لعطر علاقتهما وكذلك لأبنتها التي تعيش حالة رومانسيبة وعذرية قلما تشاهدها لدى شباب العصر في الشرق والعلاقات الاوربية حيث ورقة الزواج والطلاق التي لاترتقي لمستوى المشاعر الانسانية المكنونة كجذوة في دواخل النفس البشرية ، ولكن الكاتبة وباسلوب التقطيع والمونتاج تجعلنا نعيش ذروات درامية تشد القارئ اليها في ايجاد شخصيات نسائية من مجتمعات مختلفة لها صراعات مع مجتمعاتها الشرقية والغربية ، وكل هذه الشخصيات النسائية لهن عذاباتهن مع الرجل الشرقي المتكابر على واقعه ويبغي السيادة في الجنس والبيت والمجتمع ، والقارئ لرواية الارملة سيجد شخصية تتسامى بمشاعرها واحساسها وجمالها ، أسمها أمنية ، هي الأرملة في دواخلها واحاسيسها وعذاباتها المتوحدة باطلاعها على روايتها وكتابة قصتها المتداخلة والمتحورة على قوة شخصية المرأة التي بقيت أمنية الاماني لكل الرجال في وطنها العراق والمثل الأعلى للشابات من كل الفئات ، حينما سلبتها السياسية الحب الطفولي العذري في مشاهد حب تتعاطف معها امواج دجلة الرقراقة حين تلاعب الاشجار والاغصان مع حبيبها سمير الذي يبقى يطلاً للرواية رغم ان قراء الرواية لايعرفونه إلا من خلال بضعة مشاهد عايشها القارئ، فتترك الأهل والأسم والشهرة بسبب مضايقات السلطة الجائرة وحتى الدكتاتور ذاته ، ما يدفعها لتلتجئ الى اوربا و لتبدأ من نقطة الصفر ، ولكن ارملتنا وفي عملية استراجاع للذاكرة وكما اعتدنا في السينما وهي من خيرة العارفين باساليب الاخراج ، ترجع معنا الى واقع حياتها في البيت مع كلبتها وانتظار اخبار ابنتها وذكريات زوجها الذي خطفه الموت وبقية ذكراه تعيش معها ، وتتداخل هذه المشاهد لنرى امنية منزلقة في حب جارف مفاجئ مع شخص يظهر للجميع نقاءه وصدقه وعظمته وكأنه من الطبقة الارستقراطية الاوربية لينال منها مايبتغيه واعداً ايها بالزواج ولكن صديقتها ايلونا المجرية تتعاطف مع أمنية وتحاول منع علاقتها بهذا الرجل في صراع داخلي محتدم رغم ان ايلونا كانت تدفعها لأيجاد شريك لحياتها ، لكونها ذات تجارب مع الرجال وتعرف خبايا نفوسهم الشرهة وهي تقارن مابين سلوكيات هذا الرجل الحالم عند زيارته الاولى حين كان متواضعاً رقيقياً شاعرياً رومانسياً ، ولكن القارئ والصديقة ايلونا يحسان بالرياء ويريدان منع أمنية من مواصلة اللقاء معه في زيارته الثانية لها ، وتلك ذروة درامية رائعة للكاتبة اعتقال الطائي حين تشرك القارئ وتدعه يصرخ كفى كفى لا تصدقيه ابعدي عنه ( كما في دور العرض السينمائي في بغداد ) ، ولكن امنية تصر وتسافر اليه لبناء عش الزوجية وهنا تتابع وتتسارع الاحداث عندما تتدفق مشاعر المرأة الحالمة بالحب الحقيقي وهي تتراقص كالفراشة في احضان المدينة لاقتناء مايسعدهما من حاجيات ضرورية لتكون شريكة حقيقية في تاثيث البيت الذي تتمناه كل امرأة وتحلم بدخوله وهي تتقافز لتشم رحيق الزهور التي سيزرعانها في حديقتهم وهنا تطغي على احاسيسها روح الشراكة الدائمة في الانس والجمال ونسائم تأريخ العاشقين للحياة الجديدة ، وتستمر الكاتبة في الوصف بلغة جزلة تحس خلف كل حرف وكلمة، مشاعر أمرأة تذوب عذوبة في وصف رجل احلامها ، الذي سينقلها الى فردوسه الموعود واذا بها تفاجأ ببرودة اللقاء عند الاستقبال و تشاهد موقع سكنه الذي لايطابق مع ما تحدث عنه في وصفه الجذاب حينما كان في بودابست وتنذهل من حال شقتة البائس وهي شقة قل ما يود العيش فيها عاشق او انسان عادي عند دخوله ليشاهدها على حقيقتها بعد الوصف الشاعري لروعتها ، وهنا تتفجر الاحاسيس بالبكاء الصامت الخفي و الدفين من خلال تعابيرها كي تنتصر على ذاتها وما اصعب هذا الانتصار على هذا الحبيب الذي انكشف جوهره الحقيقي امامها ، وتتذكر شقتها الاليفة عندما تسموا بمشاعرها مع فرحة الاطفال وزقزقة الطيور، و بتقنية الرجوع الى الخلف تتذكر صديقاً عربياً فلسطيناً تزوج فتاة يهودية احبها ، هذا الأنسان الشهم اعادها الى الواقع بكلماته حينما ودعها في المطار ، (عودي الينا عندما تكتشفين زيف معدنه) ، فعادت من غربتها الجديدة الى غربتها الاولى ، لتنتفض وتبني حياتها من جديد وهي شامخة ومنتصرة.
اصدار ميزوبوتاميا تصميم الغلاف :د.مصدق الحبيب