فضاءات

ما بين قصر النهاية واهوار الجنوب ..حكاية استشهاد الأبن الشيوعي وبعده الأب / جراح صكر حطاب

ولد الشهيد صبري موسى عطية السويعدي عام 1949 في محافظة ميسان ومن عائلة شيوعية كادحة سكنت البصرة في خمسينات القرن الماضي ..عمل والده مصورا شمسيا واعتقل عدة مرات من قبل الانظمة الرجعية لنشاطه الشيوعي عندما كان يعمل حارسا في ميناء المعقل في البصرة، وعلى إثرها تم فصله من العمل عام 1959 .
وبعد ردة شباط عام 1963 هرب الى ايران، وانتقلت العائلة المتكونة من الشهيد صبري واخواته الثلاثة والام الى بغداد هربا من قطعان الحرس اللا قومي الفاشي ليسكنوا في عرصة قرب مدينة الحرية حيث تعلم الشهيد مهنة والده (التصوير الشمسي) ليعيل العائلة رغم صغر سنه .
عام 1964 تحول سكنه الى مدينة الشعلة وكان لقائي مع الشهيد في متوسطة بيوت الامة المسائية في مدينة الكاظمية الصف الثاني متوسط .. وبعدها عام 1967 في ثانوية التفيض المسائية في الشعلة حيث كان الشهيد ناشطا سياسيا وشيوعيا مناضلا في الحركة الطلابية آنذاك .. وفي العام نفسه في شهر تشرين الثاني كانت البلاد تئن بالاضطهاد والقمع والفساد المتمثل بضعف الحكومة حينها تجمع طلاب المتوسطة والاعدادية في نفس البناية للتهيؤ لتظاهرة تندد بالحكومة وتضامنا مع المدارس الاخرى والجامعات التي قامت بتظاهرات مشابهة .. وحين تجمع الطلاب في ساحة المدرسة خرج المدير اليهم لغرض انهاء هذا التجمع بقوله (ان هذا لن ينفعكم والدراسة افضل لكم ) مما حدا بالرفيق الشهيد صبري الوقوف وتوجيه قبضة يده امام وجه المدير والهتاف (حكم الشعب للشعب .. موتوا يا رجعية) وعلى اثرها انطلقت التظاهرة بحماس شديد الى الشارع وهي تردد (الشعب الشعب ..ويا ويلا اللي يعادي الشعب) ..(ويا ثوار شعلوا النار بوحه الظالم والغدار) .
ولتأمين قوت عائلته في ظل التحاق والده بحركة الكفاح المسلح في الاهوار بمحافظة الناصرية والعمارة عام 1967 حيث استشهد والده في اهوار العمارة في شهر آذار عام 1970 .. كما عمل الشهيد صبري كاتبا للعرائض في دائرة كهرباء العبخانة في بغداد , وبعد اشتداد حملة البعث الثانية عام 1968 على الشيوعيين واعتقال الكثير من الرفاق شملت الاعترافات التي ادلى بها جاسم الدليمي الذي كان يعمل في اللجنة الحزبية مع الشهيد صبري، وتم القبض عليه يوم 20/1/1969 ونقل على اثرها الى قصر النهاية وتعرض الى ابشع انواع التعذيب وتم على اثرها نقله الى مستشفى اليرموك حيث رفض العلاج وهو يصرخ امام الاطباء (البعثيون هم الذين ضربوني)
ثم تمت اعادته الى زنزانته وتعذيبه مرة اخرى على ايدي المجرمين صدام حسين وناظم كزار ليستشهد بعدها حافظا لاسرار الحزب وامانة اسماء الرفاق في طيات قلبه ولم يبح بها اليهم .. ولم يجر تسليم جثته الى عائلته حسب ما يرويه لنا جاسم الدليمي .
بعدها اعلن الحزب استشهاد قائمة طويلة تضم اسماء كوكبة من مناضليه في ايلول عام 1969 منهم عزيز فعل ومتي الحلاق وحاتم سجان والكبيسي وصبري موسى عطية السويعدي .
نم قرير العين رفيقنا الشهيد صبري .. فحزبك باقٍ ولا تهزه النكبات ورايته الحمراء ترفرف في سماء عراقنا الحبيب ورفاقك باقون على العهد من اجل وطن حر وشعب سعيد.
المجد والخلود لشهداء الحزب الشيوعي العراقي الابرار.