فضاءات

من اجواء الاعتصام ويوميات المعتصمين

طريق الشعب
لم يعد جسر الجمهورية كما كان، لقد اصبح الان الجسر الذي يشهد اسفلته وطء اقدام اكثر مما عرف منذ 2003. قال لي معتصم (في نهاية الثلاثينات من عمره) وهو يحث الخطى سريعا : "كان كفيلا بسيلفي هنا ان يضعك في السجن او توضع تحت طائلة اسئلة الجيش التي لا تنتهي : منين انت، وين رايح؟" لقربه من المنطقة الخضراء المحصنة بالكتل الكونكريتية والعسكر.
منذ ان اصبح الجسر طريقا للمعتصمين قرب بوابات المنطقة الخضراء، وهو مفتوح امام محتجين من كل التوجهات والاعمار: شباب في مقتبل العمر، كهول، شيوخ يقطعون الجسر في ساعة مشيا، واطفال يسرحون امام ابائهم مسحورين بمنظر دجلة.
بعد عبور الجسر الاثير، وزع اتباع التيار الصدري مخيمات الاعتصام على بوابتين، أولا امام بوابة مقر الحكومة قرب المبنى الاحمر لوزارة التخطيط، وهو المخيم الذي شغل الشارع الفرعي المؤدي الى السفارة الايرانية في حي كرادة مريم، وينتهي عند الجسر الثاني - السنك.
يهدأ الجميع قبل الثانية عشرة ليلا، تستقر الخيم مع نزلائها في صمت ينتهي مع اذان الفجر. قرابة ألفي انسان ينامون في شارعين فرعيين موزعين على مئة خيمة صغيرة، تتسع الواحدة لثلاثة اشخاص فقط، وبضع عشرات من السرادقات.
في الرابعة فجرا مشيت قرب طاولة كبيرة يقدم فيها الشاي وتشرف عليها مجموعة من الشباب الصغار. سألت احدهم عن كمية ما يستهلك هنا في اليوم. ربت بيده على "سماور" عملاق وقال مبتسما " اربعة من هذا ".
امسكت القدح الدافئ، منفتحا على حديث شخصي مع علي، عامل الاعاشة في المخيم الذي يبدو عمره اقل من التسعة عشر عاما. سألته : الى ماذا سينتهي الامر؟ اجاب بأنه مستعد لدخول المنطقة المحصنة امامه اذا امر الزعيم مقتدى الصدر. مصطفى زميل علي يرتدي زيا رياضيا، قال ضاحكا بعدما سألته عن أمد الاعتصام : "اتمنى ينتهي سريعا.. عندي مباراة كرة قدم".