فضاءات

أوراق مهمة عن العراق على طاولة المقهى الثقافي العراقي في لندن / عبد جعفر

في أجواء لإستحضار عبق الأحداث التاريخية والتطورات والأحوال الإجتماعية في العراق وأثرها في إنطباعات الغربيين وكتاباتهم، أقام المقهى الثقافي العراقي في لندن، أمسية للباحث الإكاديمي نديم العبد الله في الحديث عن ( إوراق مهمة عن العراق في المطبوعات الغربية ما بين 1800-2000 ،غير مترجمة، ظلت بعيدة عن العراقيين).
وفي تقديمها أكدت الفنانة التشكيلية إنسام الجراح أهمية توثيق المنتج الفكري في العراق، لدوره في تنظيم الحياة بمختلف جوانبها الإقتصادية والإجتماعية والروحية. ومعروف أن الإنسان بدأ بذلك منذ ألاف السنين بالأرشفة، وهو ما تأكده رسوم الإنسان القديم على الكهوف، و ما دون في مسلة حمورابي، وهي نص ونحت وبناء، هذا التوثيق، وبثلاثة إبعاد، بالإضافة الى مكتبه أشور بانبيال التي حفظت تاريخ العراق عن ذلك الوقت، و ملحمة كلكامش التي تعد أول نص أدبي متكامل عرفته البشرية.
وأشارت الجراح الى أن الدولة العراقية الحديثة أهتمت بموضوع الأرشيف وكان التوثيق الى حد لا بأس به، ما بين 1921-1963 والمتمثل في المتحف العراقي، ومكتبة المتحف والمكتبة الوطنية المركزية ، ودار المخطوطات، ومخطوطات التوراة وكل الإرث اليهودي وغيرها.
وحذرت من المخاطر التي تتعرض لها الوثائق العراقية سواء في زمن صدام بالإمس أوعلى أيدي العصابات المنظمة في الوقت الحاضر. بالاضافة الى ما تعرض له شارع المتنبي من تفجير، ويجري على قدم وساق تهريب الاثار أو تدميرها على أيدي عصابات داعش. ومن هنا تكمن أهمية وجود مراكز ومؤسسات متخصصة للحفاظ على المنتج الفكري داخل وخارج العراقي، ومنها جهود محاضر اليوم الإستاذ نديم العبدالله الذي يرأس اليوم مؤسسة الحكيم ( مركز الدراسات الأنكلو- عراقية ).
وفي تناوله موضوع البحث شدد العبدالله على أهمية التوثيق، وتطرق الى أن ظهور الطباعة في أوروبا ساعد في زيادة ثروتها من القيم البحثية في المطبوعات، التي وصلت منذ إكتشاف الطباعة عام 1436 الى 150 مليون كتاب، بينما الدول العربية مجتمعة وخلال الفترة نفسها لم تنتج سوى 300 ألف كتاب.
وأوضح أن أوروبا وتحديداً في بريطانيا ظهر الكثيرمن المطبوعات التي تتناول مختلف الجوانب من الحياة في العراق، ولكن ما وصل إلينا كان قليلاً وفي ترجمات رديئة.
وأشار الى أن محاولته عبر مشروعه الشخصي في ( مركز الدراسات الأنكلو-عراقية) هو التعريف بهذا النتاج عن العراق لخلق خارطة معرفية يستفيد منها الجميع.
وهو مركز لجمع وعرض ومراجعة جميع المواد باللغة الإنجليزية حول العراق في القرنين الأخيرين (1800 - 2000)، ويحتوي بحدود ألف كتاب مطبوع ووثيقة حول العراق.
و أوضح أن محاضرته ستتناول عرض عشر وثائق من كتب ومجلات وصحف تتناول جوانب مختلفة من الحياة السياسية والاجتماعية العراقية.
فصحيفة ( فيوننغ كرونيكل ) الصادرة في 13-5-1941 تتحدث فيها عن الفرهود وقتل فيها ما بين 300-400 يهودي بسبب غياب الدولة اثناء حركة الكيلاني عام 1941. وتشير الى وضع القوات البريطانية السيء آنذاك.
وهناك وثيقة تتحدث عن تعيين مزاحم الباجه جي سفيراً في روما، بينما تتحدث وثيقة اخرى عن مراسلات شخصية في 1-11-1920
لها أهميتها في الحديث عن إوضاع العراق وتقديم معلومة وهي بحاجة الى تدقيق كقولها أن محمد ابن عبد الوهاب (مؤسس الوهابية) هوعراقي ومولود في الحلة!
وهنالك وثيقة في 1-7-1927 تصف بغداد أنها أصبحت قرية صغيرة عدد نفوسها ما بين 50 الى 100 الف نسمة، بحكم تعرضها للإوبئة وموت العديد من سكانها ونزوح سكان إليها من مناطق أخرى.
وتشير وثيقة في 25-7-1835 الى الطاعون وإنتشاره في بغداد،
كما أن هنالك وثائق تتحدث عن بعثة إكتشاف الفرات، وكان هنالك محاولة من قبل أحد الجنرلات البريطانيين لربط الفرات بالمتوسط لتسهيل التجارة الى الهند وذلك قبل افتتاح قناة السويس عام 1869،
وقد نظم الجنرال رحلتين في سفينة دجلة التي غرقت قبل إتمام الرحلة و سفينة الفرات التي وصلت الى البصرة.
وقد كتبت قصيدة عن مأساة سفنية دجلة في الصحافة البريطانية.
وحول التنقيبات والإثار، أشارت الصحف ما بين 1840-1841 حول دور القنصل الفرنسي بوتيه بول والإنكليزي همري لايرو
في هذا المجال، لأن معظم الاثار التي وصلت إلينا من خلال جهود جهود الرجلين.
وتشير الصحف الى رجل آخر وهو فكتور بليس الذي كان سيء الحظ، فقد جمع 200 صندوق من الإثار ولكن سفينته تعرضت الى هجوم القبائل في 23-5-1855 وتم إغراق جميع الصناديق ولم يستطع سوى إنقاذ 26 قطعة.
ولم يعثر على الصناديق المفقودة لحد الان وقد حاولت الحكومة العراقية في السبعينات البحث عنها من خلال شركة يابانية ولم تستطع العثور عليها.
ويعتقد العبدالله أن الأثار يمكن أن تكون مطمورة في الإرض وليس في النهر بسبب زحف مجراه.
وأشار الى دور مسز بيل ودعوتها الى المنقبين في ترك النسخة المتشابهة الى المتحف العراقي.
وحول الصور والرسوم عن العراق، أوضح أن صورة لطاق كسرى عام 1876 تظهر الأقواس المتبقية به قبل إنهيارها، وهذه هي أهمية التوثيق.
وأشار الباحث الى وجود وثائق تشير الى حصار القوات البريطانية في الكوت كتبها تيدور روزفيلت .
وتناول أيضا ما كتبته مجلة التايمز في 17-7-1957 عن نوري السعيد (صورة الغلاف) الذي أعتبرته أنه رجل دولة من الطراز الأول، وتحدث عن العراق في تضاعف ثروته النفطية ودور مجلس الإعمار، ومشروع بناء أكبر أوبرا في المنطقة في جزيرة أم الخنازير.
كما تناول عدد التايمز يوم 3-4-1959 الذي يحمل صورة الغلاف للزعيم عبد الكريم قاسم، تتحدث فيه عن دور الشيوعيين في التصدي الى إنصار عارف وسيطرتهم على الشارع عبرمنظمات المجتمع المدني التي أسسسها من إتحاد الطلبة و رابطة المرأة ونقابات عمال والجمعيات الفلاحية، كما تناول المقال دور المقاومة الشعبية.
بعد ذلك جرت محاورات مهمة مع المحاضر ، واشترك في الحوار كل من الأخوة من قاسم العكاشي، وخالد القشطيني، وهادي الحداد، وحسناء المشاط، وتحسين الشيخلي، وكريم السبع، وعبد الرحمن مفتن.
وأكد العبد الله في معرض رده على أهمية هذه الدراسات والوثائق والصور لمعرفة الأوضاع العامة وحياة العراقيين وطرق معيشتهم، سواء إتفقنا أوأختلفنا مع جاء في تحليلاتها.
يوم المسرح
ويذكر ان المقهى الثقافي، وضمن إحتفاله السنوي بيوم المسرح العالمي الذي صادف يوم إنعقاد الإمسية، قرأ الفنان علي رفيق كلمة المسرح التي كتبها هذا العام الروسي أنتولي فاسيليف.
وجاء في الكلمة:
"هل نحتاج للمسرح؟.. ذلك هو السؤال الذى سئم من طرحه، على أنفسهم، الاَلاف من المحترفين اليائسين فى المسرح، والملايين من الناس العاديين، ولأى شيء نحتاجه؟ فى تلك السنين عندما كان المشهد غير ذى أهمية بالمرة، مقارنا بميادين المدينة وأراضى الدولة، حيث المآسى الأصلية للحياة الحقيقية تؤدى. ما هوالمسرح بالنسبة لنا؟، شرفات مذهبة وردهات فى قاعات مسرحية، كراسى مخملية، وأجنحة متسخة، وأصوات ممثلين رقيقة، أو على العكس كشيء يبدو مغايرا: مقصورات سوداء ملطخة بالوحل والدم، ونتوء ضار لأجساد عارية بداخلها. ماذا بمقدوره أن يحكى لنا؟، كل شيء!". وأضاف أناتولى "يستطيع المسرح أن يحكى لنا كل شىء، كيف هى الآلهة فى الأعالى، وكيف يذوى المحبوسون فى كهوف منسية تحت الثرى، وكيف للعواطف أن ترتقي بنا، وللعشق أن يحطمنا، وكيف يمكن لامرئ ألا يحتاج لإنسان طيب فى عالمه، أو كيف يمكن للإحباط أن يسود، وكيف للناس أن يعيشوا فى دعة بينما الصغار يهلكون فى معسكرات اللجوء، وكيف لهم جميعا أن يرجعوا عائدين إلى الصحراء، وكيف نُجْبَرُ يوماً بعد يوم على فراق أحبتنا، بمقدور المسرح أن يحكى لنا كل شىء، لقد كان المسرح دائماً، ولسوف يبقى أبداً". واختتم بالقول "نحن نحتاج لكل أنواع المسرح، ولكن ثمة مسرح واحد لا يحتاجه أى إنسان، أعنى مسرح الألاعيب السياسية، مسرح الساسة، مسرح مشاغلهم غير النافعة. ما لا نحتاجه بالتأكيد هو مسرح الإرهاب اليومي، سواء كان بين الأفراد أو الجماعات. ما لا نحتاجه هو مسرح الجثث والدم فى الشوارع والميادين، فى العواصم والأقاليم، مسرح دجّال لصدامات بين الديانات والفئات العرقية".