فضاءات

الحديثي يدشن ميلاد المقهى الثقافي بالغناء البدوي ورقصاته وصوت المطبك

عبد جعفر
بمناسبة دخوله عامه السادس، إستضاف المقهى الثقافي العراقي في لندن، الفنان و الباحث التراثي في الفولكلور العراقي والمتخصص بالغناء البدوي في أعالي حوض الفرات في العراق الدكتور سعدي الحديثي في محاضرة عن (فن الشعر والغناء البدوي، شرح النصوص: وظيفتها و اداؤها) بحضور حشد غفير متميز من أبناء الجالية العراقية. وذلك يوم 24-4-2016. وكانت الأمسية قد بدأت بوقفة حداد على روح الراحلة المبدعة زها حديد.
وفي تقديمها للأمسية أكدت الكاتبة إبتسام الطاهر أن الدكتور سعدي استلهم من بيئته الغناء والشعر والبحث في مضامين ما يغني، وأن جمالية وقوة صوته وصفاءه جعلته يستغني عن مصاحبة الفرق الموسيقية وآلاتها، إلا في الأغاني الفراتية البدوية حيث( الجوبي ) الذي يصاحبه صوت المطبك الأب الروحي للناي.
واضافت أن الحديثي قد عُرف بموهبته في الغناء منذ الصغر، فكان يشارك في الفعاليات المدرسية بالتمثيل والغناء، مما نمّى ونضّج عنده تلك الموهبة.
وأكدت أنه لم ينظر للغناء من زاوية الطرب والحس الموسيقي فقط بل جعل منه منهجا للدراسة وعلما للبحث في شعابه.
وفي محاضرته التي تخللها تقديم نماذج متنوعة من الغناء البدوي، أوضح الدكتور سعدي الحديثي أن أغاني الصحراء العربية هي ببساطة ما نقصده بأغاني البدو والعكس بالعكس. إلا أن موضوعة من هم البدو لم تحل بعد. وكان العلامة إبن خلدون قد أعتبر أن البدو هم سكان الأرض المفتوحة خارج المدن والقصبات، وهم في الأساس زراع جفت أراضيهم فهاجر من هاجر وبقي من بقي منهم، متعايشا مع ظروف الصحراء القاسية.
وأشار الى أن للأغاني البدوية ألوانا متعددة، ومنها الحداء، وهو أصل الغناء العربي. والحداء له ألوان متعددة ويختلف بإختلاف المواقف. فهو يتصف بالعنف والقوة في التعبير حين الذهاب الى المعركة، والزهو والكبرياء في حالة الإنتصار.
وهناك ايضا القصيد، وهو لون أدائي صحراوي يمكن توظيف أي شعر بدوي فيه، وكذلك أغاني العرضة التي توظف للتعبئة والحرب، والسامري للمتعة والترويح، وهو عند النساء رقيق الأنغام بينما عند الرجال يتسم بالقوة والعنف.
ومن ألوان الغناء البدوي الحنده، وهي تدخل في باب الأهازيج، والحماشي هو أسلوب غنائي فردي وجماعي.
كما تطرق الباحث الى رقصة الدحة، وتعتمد على التصفيق كموسيقى إيقاعية وحيدة مرافقة لها عن طريق ضرب الكف اليسرى الثابتة بالكف اليمنى. وهذه الرقصة معروفة في مناطق عربية اخرى ولكن بإسماء مختلفة.
وتناول المحاضر طبيعة هذه الرقصة التي تبدأ بالتصفيق ثم تكوين دائرة حول إثنين من الراقصين. والرقصة تعبر عن شكل من إشكال المبارزة بين الرجل والمرأة، الرجل يحاول السيطرة والمرأة تحاول الدفاع.
وأشار الى أنه شاهد في حياته مرتين هذه الرقصة، وفي كليهما يلعب الرجل دور المرأة حيث يلف نفسه ويغطي رأسه بعباءة سوداء ليتخذ مظهر المرأة.
وأثارت هذه الندوة نقاشات واسعة من قبل الجمهور، وقد أجاب عنها المحاضر بالشرح وتقديم مقاطع غنائية كنماذج للغناء البدوي.
ويذكر أن المقهى، قد أضاء القاعة بالشموع، وقطع طفلان ممن شاركوا سابقا في عرض مسرحية (سندباد في بغداد) على قاعته (كيكة ميلاد) ، وقد احتفل الجمهور معهم ، مدشنين عاما جديدا، ويحدوهم الأمل أن يكون استمرارا للعطاءات والنشاطات السابقة.