فضاءات

لم يبرحوا الذاكرة / د. ناجي نهر

انهم المناضلون الذين مات بعضهم او استشهد او تغرب عن الوطن، ومنهم من ما زال يناضل بكل بسالة ،ولكنهم جميعا ظلوا شاخصين امام الاعين الصافية التي تفحصت مزاياهم الانسانية واعمالهم النافعة وخصالهم عن قرب حتى طبعوا فى الذاكرة ولم يبرحوها . فلقد تميزت الشعوب المعاصرة بوعي علمي وتجارب متراكمة على وفق ضوابط تجريبية متلاحقة انهم المناضلون المتميزون فى شعوبهم ،فالشعوب قادرة على التمييز ما بين الصالح والطالح والسياسي المناضل والسياسي المرتزق ، فالسياسي المناضل انما يثبت اصالته باعماله النافعة لمجتمعه و صدق نضاله ،ولذلك عد وامثاله من المناضلين والهامات العالية التي نذرت نضالها لخدمة الشعب طواعية ودون مقابل. اما السبب الاساس فى عدم نسيان مثل هذه الكوكبة السامية من المناضلين ،وعدم برحهم الذاكرة ،فيعود الى تغلغل صفة (الايثار) فيهم، فلقد كانوا مناضلين مؤثرين على انفسهم وكانوا معلمين متفانين فى تعليم اجيالهم ، فتمكنوا قبل غيرهم من اكتشاف الوعي الانساني المتقدم ،وتسخيره فى تحليل مكونات الحياة وتطويرها لصالح شعوبهم والانسانية جمعاء . ان هؤلاء المناضلين لم يبرحوا الذاكرة ،لكون رفيف راياتهم العلميه وعزائمهم الانسانية ما زال خفاقا وفاعلا ومفيدا ،وعملهم ما زال متواصلا ،يحاكي عزيمة عشاق الحياة، اولئك المناضلين الذين نذروا نضالهم لحماية الكوكب الذي يعيشون فيه وحماية ثرواته وما فيه من متع وخيرات، وان كلفهم ذلك النضال (الموت الزئآم)!!!!... ان مثل هؤلاء المناضلين المتميزون بعلمهم وسلوكهم الانساني الرائع المسخر لصالح الناس اجمعين لم ولن يبرحوا الذاكرة ،لكونهم اصبحوا مشاعل نور يتغنى الناس بعملهم ويهتدى بنضالهم وتجاربهم. لذلك كله كان من المفيد تذكرهم والاقتداء باعمالهم وتطويرها نحو الافضل ففي تذكرهم دروسا وتجارب سابقة مفيدة ،وفى ذكراهم ايضا بعضا من رد الجميل والوفاء والعرفان لهم ،وما كابدوه من متاعب وتضحيات جسيمة تثيرالعجب والافتخار!!!. ولا شك فى ان نضال تلكم الهامات العالية سيفرض احترامه على الغير تلقائيا، وسوف لن ينسى او يذهب سدى ،بل سيتغلغل فى ذاكرة محبي الحياة،وستقتدي به الاجيال اللاحقة وتطوروه نحو الافضل . فمن مزايا النضال المعروفة انه ينتج حبا متبادلا بين المناضلين وبين شعوبهم ،ويجذب لهم مناضلين جدد من شتى المشارب والثقافات، وبخاصة اولئك العمال الفقراء الذين كانوا فى كل زمان مطورين للحياة ،ولكنهم ظلوا محرومين مما ينتجون !!!. ان التذكير الدائم بالمناضلين السابقين يعبرعن الاعتراف بالجميل لهم ،و الاعتراف بالجميل كان وسيبقى رصيدهم الحقيقي الذي لا ينضب،مثلما سيبقى فى الوقت ذاته سجية انسانية متميزة من سجايا الانسان السليم التي ينبغي تعزيزها والمحافظة على وجودها ،لكونها (سجية وفاء) تذكر الشعوب بمنضاليها السابقين من اجل الاقتداء بعملمهم النافع.. وتعزيزا لصفة الاعتراف بالجميل تهافتت على ذاكرتي هذا الصباح الجميل اسماء بعض تلك الهامات العالية من المناضلين الذين عملت معهم و الذين يصعب نسيانهم (سليم اسماعيل وغني عبد الهادي وسامي احمد وكامل شياع وصديق عمري الرفيق الباسم الجميل ( جواد عطية ) والقائمة تطول ،فمرحى لذكراهم، وسيضلون قمما مناضلة تفرض ذكرها على كل من عرفها او اقتدى بنضالها.....