فضاءات

" شهادات على القرن الفلسطيني الأول " كتاب جديد لإلياس نصرالله

صدر عن دار الفارابي في بيروت كتاب بعنوان "شهادات على القرن الفلسطيني الأول" للكاتب والصحافي الفلسطيني إلياس نصرالله المقيم في بريطانيا. يحتوي الكتاب على 700 صفحة من الحجم الكبير، ويتألف من 19 فصلاً تغطي فترة زمنية تناهز القرن منذ عام 1916.
يروي الكتاب سلسلة من القصص والأحداث المهمة في تاريخ فلسطين الحديث كان الكاتب شاهداً على القسم الأكبر منها أو كان طرفاً فيها، وأخرى سمعها مباشرة من أصاحبها فدوّنها بأسلوب التحقيق الصحافي الشيق. وهي مادة أولية لم يسبق لها أن نشرت، وهي أشبه ما تكون بسجل وقائع تاريخية لفترة زمنية محددة.
فالكتاب ليس مذكرات شخصية أو سيرة ذاتية، بل هو أوسع من ذلك بكثير. فمن خلال إعطائه فكرة عن خلفيته العائلية والاجتماعية والسياسية قدم نصرالله على سبيل المثال صورة عن الحياة في مدينة حيفا ومنطقة الجليل في فلسطين خلال الفترة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية وعن سقوط فلسطين عام 1948.
كذلك يعرض الكاتب قصة تشرده وعائلته ولجوئهم إلى لبنان ومغامرة عودتهم إلى فلسطين، وقدم شهادة دقيقة على تلك الفترة وعلى تشريد مئات آلاف الفلسطينيين من ديارهم.
ويرى نصرالله أن نكبة الشعب الفلسطيني لم تنته عام 1948، بل لا تزال مستمرة إلى اليوم، والدليل على ذلك الشهادات الحية التي قدّمها في الكتاب، حيث يقول إن العالم لم يسمع بعد قصة البقية الباقية من الشعب الفلسطيني في الوطن الذي احتلته إسرائيل عام 1948 والحياة التي عاشها أفراد هذه البقية في ظل الحكم العسكري الإسرائيلي، فيقدم لنا نصرالله روايته ورواية أفراد عائلته نموذجاً لهذه التجربة المريرة والمؤلمة.
ويرسم لنا نصرالله صورة نادرة عن الأجواء التي سادت في إسرائيل عشية حرب حزيران/يونيو 1967 وقصة التحاقه بالجامعة العبرية في القدس الغربية وانتقاله مباشرة للعيش في مدينة القدس بعد انتهاء الحرب ومشاهدته آثار الفظائع التي ارتكبها الإسرائيليون في القسم الشرقي من مدينة القدس الذي احتلته إسرائيل في تلك الحرب، ويقدم صورة عن الحياة في الأراضي الفلسطينية التي أصبحت بكاملها محتلة، وعن الحياة التي عاشها الطلاب العرب في الجامعة العبرية في تلك الفترة، وانخراطه في العمل السياسي وتعرفه على المحامية الإسرائيلية فليتسيا لانغر التي تطوعت للدفاع عن الفدائيين وغيرهم من المعتقلين السياسيين الفلسطينيين، ويلقي الضوء على معاناة المعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال. ويتوقف مطولاً عند دخوله معترك العمل الصحافي، حين عمل في البداية مراسلاً لصحيفة "الإتحاد"، أقدم جريدة في فلسطين التي تصدر في حيفا، ثم محرراً في جريدتي "الشعب" و"الفجر" الفلسطينيتين اللتين صدرتا عام 1972 في القدس المحتلة ولاحقاً محرراً مسؤولاً لجريدة "الطليعة" الأسبوعية. من خلال تجربته في تلك الصحف قدم لنا عرضاً مهماً وتوثيقياً لجزء أساسي من تاريخ الصحافة الفلسطينية في ظل الاحتلال الإسرائيلي.
كما خصص نصرالله فصلاً كاملاً مليئاً بالمعلومات التي تنشر لأول مرة لقصة اختطاف يوسف نصري نصر صاحب جريدة "الفجر" واختفائه إلى اليوم، وخصص فصلاً آخر عن "مكتب صلاح الدين للعلاقات العامة" الذي أسسه نصرالله بالاشتراك مع آخرين وتحول إلى أول دار نشر فلسطينية متخصصة أطلق عليها اسم "منشورات صلاح الدين"، حيث تحدث عن تجربته في مجال النشر.
وروى نصرالله كيف انتقل عام 1979 للعيش في بريطانيا مع زوجته أمينة قبلاوي وعن تجربته في مجالي النشر والصحافة العربية، حيث عمل من لندن مع جريدة "الجزيرة" التي تصدر في الرياض، ثم في جريدة "الشرق الأوسط" السعودية التي تصدر في لندن، إذ عمل فيها حوالى 15 عاماً انتقل بعدها لفترة قصيرة للعمل في جريدة "الحياة" السعودية التي تصدر في لندن أيضاً، ثم إلى جريدة "الرأي" الكويتية. من خلال حديثه عن تجربته في هذه الصحف تطرق نصرالله إلى جملة معارك صحافية لها بُعد تاريخي أثْرَتْ تفاصيلها هذا الكتاب.
تتضمن "شهادات على القرن الفلسطيني الأول" لإلياس نصرالله فصولاً مهمة تحدث فيها عن شخصيات فلسطينية وعربية مثل رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي الذي اغتيل في لندن وهو في طريقه لزيارة نصرالله في منزله، وعن الكاتب والسياسي الفلسطيني إميل حبيبي، حيث قدم صورة نادرة عن حياة حبيبي وكيفية قبوله جائزة إسرائيل للأدب بطلب خاص من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.
وتحدث أيضاً عن الأسير المصري أحمد عثمان، الذي سجن في إسرائيل ونظم أشهر وأهم عملية تمرد وهروب جماعي للسجناء العرب من سجن شطة عام 1959، والذي تعرف إليه نصرالله وسمع منه تفاصيل كثيرة عن عملية الهروب التي أوردها في كتابه.
وخصص نصرالله فصلاً كاملاً عن مفتي فلسطين وزعيمها قبل عام 1948 الحاج أمين الحسيني، وهو الفصل الأخير في الكتاب الذي استند فيه إلى سلسلة وثائق تاريخية تدحض ما صرح به رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامن نتنياهو عام 2015 من أن "المحرقة النازية كانت فكرة الحاج أمين وهو الذي أقنع أدولف هتلر بها".