فضاءات

في ستوكهولم حفل استذكار للفنان يوسف العاني / طالب عاشور

اقامت الجمعية المندائية في ستوكهولم، يوم السبت 19/11/2016، حفل تأبين واستذكار مهيب، للفنان الراحل يوسف اسماعيل العاني، حضره سفير جمهورية العراق الاستاذ بكر فتاح حسين، والدكتور حيدر محمود سكرتير ثاني في السفارة العراقية، وعدد من ممثلي الأحزاب الوطنية، ومنظمات المجتمع المدني العراقية والمندائية في ستوكهولم، وعدد من الاعلاميين، وجمع غفير من أبناء الجالية العراقية في ستوكهولم، ابتدأ الحفل بالوقوف دقيقة صمت حداداً على أرواح شهداء العراق، شهداء التحرير الأبرار.
حيث ألقى أولاً الاستاذ فاضل ناهي، رئيس الجمعية كلمة الهيئة الادارية للجمعية، والتي أشاد فيها بمواقف الفنان الكبير يوسف العاني الوطنية والفنية.
وقال:- "يسرنا ان نلتقي تهفهف علينا نسائم الاخوة والتسامح، في عراق مصغر، لنستذكر شمعة أضاءت عتمة واقع حاولت عواهر الاستعمار أن تعم الوطن، شخصية جمعت وقدمت كلما تملك من طاقات لبث الوعي وتنوير نفوس البسطاء...
فقيدنا الذي نستذكره اليوم فنان الشعب، وعميد المسرح العراقي الفنان يوسف العاني، نستذكره لنستمد روح المثابرة والعطاء السخي، لخدمة وطن كان وما زال محط أنظار البشرية...."
ثم قدمت الشاعرة ثناء السام عريفة الحفل السفير الاستاذ ( بكر فتاح حسين )، ليلقي كلمته ، التي إستذكر فيها الفنان العراقي الراحل، ووصف فقدانه، بأنه خسارة كبيرة لطاقة وطنية وفنية فذة لا تعوض، وأشار الى دور الفقيد الريادي والمجدد في المسرح العراقي، كما شكر في كلمته وأشاد بدور قواتنا المسلحة العراقية والحشد الشعبي العراقي، والبيشمرگة الكوردية، الذين سوف يبشرونا قريباً بخبر تحرير كامل التراب الوطني من رجس انجاس داعش.
بعدها قُرأت برقية التعزية التي بعثها سيادة رئيس جمهورية العراق فؤاد معصوم، الى الشعب العراقي ولعائلة الفقيد، لمناسبة رحيل الفنان.
ثم القى بعدها السيد طالب عاشور الكيلاني عضو مكتب سكرتارية اتحاد الجمعيات المندائية في المهجر كلمة الاتحاد التي جاء فيها:-
" عندما نستذكر مسيرة الفنان يوسف العاني ، فأننا نستذكر حقبة مهمة من تاريخ الفن العراقي المعاصر ، ونستذكر المسرح العراقي بطاقاته الابداعية، على مدى سبعة عقود نهضت خلالها الحركة المسرحية لتتبوء مرتبة متقدمة بين مسارح العالم ، بفضل نخبة من المبدعين.
لقد وهب فناننا الراحل طاقاته العظيمة لفن عشقه، حتى صار بالنسبة اليه كل مشاريعه، فسمى به، وارتقى سلم المجد حتى بلغ ذراه ".
ثم القى الاستاذ جاسم هداد كلمة منظمة الحزب الشيوعي العراقي في ستوكهولم، الذي حيّا الهيئة الادارية لجمعية ستوكهولم المندائية الرائدة، لمبادرتهم في تنظيم هذه الأمسية الاستذكارية في أربعينية فنان الشعب وعميد المسرح العراقي، الفنان يوسف العاني.
وهو حقاً قامة فنية عراقية، جسد ودافع عن هموم وحقوق الشعب والوطن بفنه، وبرحيله أسدل الستار على فصول حياة فنية وانسانية تزخر بكل العطاء للحياة، التي احبها الفنان ان تكون فردوساً للمعدمين من أبناء شعبه.
وبرحيل الفنان يوسف العاني تنطفئ مرحلة متوهجة من تأريخ المسرح العراقي، فلقد جمع الموهبة الفنية والفكر الإنساني المتنور.
ثم عرج على تهنئة القوات المسلحة العراقية بكل صنوفها والحشد الشعبي والعشائري، وقوات البيشمرگة على ما حققته من انتصارات كبيرة في معاركها الباسلة ضد قوى الاٍرهاب والظلام.
كما تطرق الى تمرير القوى المتنفذة في مجلس النواب لإقرار الحسابات الختامية للسنوات 2008، 2009 ،2010، 2011 مستغلة انشغال الرأي العام العراقي بمتابعة معارك تحرير الموصل، وخلال نصف ساعة رغم ان فيها هدر للمال العام بمقدار مائة مليار دولار، دون تدقيق او توضيح لمصيرها، ما يمكن اعتباره حماية للفاسدين، ودعم وتغطية على الفساد.
كما أشار الى ضرورة الاستمرار في التظاهرات السلمية، معتبرا ذلك وسيلة أفضل للضغط على الحكومة لتحقيق مطالب الناس.
بعدها جاء الدور للفنان المندائي المبدع المهندس عدي حزام عيال ليقدم مساهمة بفلم يتحدث عن جانب من المحطات المضيئة في حياة عميد المسرح العراقي وتحدث عدي ليقول.(( دَعنا يا عبود إلى تلك الايام نعود .. فيها الانسان طيّب .. والمسرحُ خالي من العساكر والجنود .. فمسارحُنا ودور السينما ، اليوم ، تحولت إلى خرائب وأنقاض ، لكن غياب الشمسِ لا يعني نهاية الامل ، فغدا تشرقُ شمسنا من جديد.))
استمر عرض الفلم 18 دقيقة، وقد استمتع الحضور بتفاصيل دقيقة من أفكار الفنان الراحل، وبعض المقاطع من أفلام سينمائية أدى فيها ادوار جريئة بشخصيات مختلفة..
كلمة الرابطة المندائية للثقافة والفنون القاها الفنان المهندس سلام غريب الشيخ دخيل، وجاء فيها:-
"سنرحل جميعاً ، لكنَّ العراقَ وأدبَهُ وفنَّهُ ، سوف لن يرحل .. بل وإيماننا بأنَّ العراقَ سيُبدع ويؤلف ، وتظهرُ نخبةٌ جديدةٌ من أبنائه ، من خلال هذا الخراب والدمار والقتل .. لا تيأسوا أيها الناس ، سيأتي يوسف العاني آخر ، وجواهري آخر ، وخليل شوقي آخر ، وأفقٌ للعراق الكبير آخر"
الدكتور صلاح السام أعد قصيدة رثاء بعنوان (بيرق الفن) وكانت قصيدة مؤثرة جداً، هذه بعض أبياتها:-
يا إبن الفراتين عذراً إنني خَجِلُ. ففي مقامكَ إنّ الشِعرَ يرتجلُ
يا راعيَ الفن أسلوباً وترجمةً. وفي محياكَ تبقى العينُ تكتحلُ
يامن حملت على الاكتاف رايته. لم تشكُ هماً ولم ينتابكَ الكللُ
ثم
نهضتَ بالفنِ أخلاقاً وتجربةً. فذا نتاجكَ غضٌّ مورقٌ جذلُ
ففي رحيلكَ رزءٌ قد ألّمَ بِنَا يبقى عميقاً وجرحاً ليس يندملُ
غنيت عبود مسروراً ومبتهجاً. أفديك نفسي لماذا أنت تعتزل
كما طالع عريفا الحفل الاستاذ صلاح جبار عوفي والسيدة ثناء السام رسالة الاستاذ بشار حربي، رئيس جمعية مشيگان المندائية، والتي جاء فيها:-
" رحلَ عنها وفي الحياة نفسٌ تشتهيه .. ولو كنتُ هناك لصنعتُ لك نعشاً من ألواح المسارحِ ومِن أخشابِ ديكوراتهِ ، لدَفنتُ معكَ قرطاساً وقلماً ، فرأسُكَ ما زالت تُعرِّشُ فيه المواضيعُ المسرحيةُ )"
كلمة الاتحاد الديمقراطي للجمعيات العراقية في السويد قرأها الاستاذ فيصل الفؤادي جاء فيها " لقد رفع العاني شعار (اعطني خبزاً ومسرحاً اعطيك شعباً مثقفاً)، وهذا الشعار جسده خلال كتاباته في الفصحى واللغة المحكية ، واعتبر ذلك من مسؤوليته في توعية الناس في نقد الممارسات السلبية ودعم المواقف الايجابية " .
الاستاذ سلام قاسم رئيس جمعية بابلون الثقافية في ستوكهولم، القى كلمة ارتجالية تحدث خلالها عن بعض من محطات تاريخية من حياة الفنان الراحل، وذكرياته معه، متحدثاً عن بضعة مقاطع من أفلامه، ومحللاً لبعض اللقطات النادرة، وقد أجاد التحليل، كما أشاد بعبقرية الفنان الفقيد وقدراته الأدبية في التأليف، والابداع في صياغة النص، والى موهبته الفنية النادرة التي كرسها لخدمة مواضيعه.
مسك الختام كان لقاء جمهور الحضور قصيراً مع الفنان المبدع الدكتور المخرج فاروق داود، والذي عمل مع الراحل في مسرحية النخلة والجيران، ليقدم مشهداً سريعاً بلغة فنية راقية، مستعرضاً بعض من شخصيات عميد المسرح العراقي الراحل.
ثم كانت كلمات عريف الحفل الاستاذ صلاح عوفي آخر الكلمات (( اسمحوا لنا، ونيابة عن الهيئة الادارية للجمعية المندائية في ستوكهولم، أن نتقدم بالشكر والتقدير لحضورِكُم وتفاعلِكُم مع برنامجنا هذا، الذي خُصِّصَ لإستذكار فنان الشعب الخالد يوسف العاني.. وإعذرونا إن كان وقته طويلاً .. فقد أعطانا يوسف العاني وقدَّمَ لنا الكثير، ولم نقدّم له اليوم، إلاّ القليل القليل، مما قدمه لنا)).