فضاءات

عمار صباح: استطيع تصميم مجسم لكل بغداد في خمسة أشهر!

طريق الشعب
رجل مسن يجلس على "كرويتة" أسفل شبابيك بغدادية (شناشيل) تحلق فوقها طيور، وعلى جانبيه آلة عود من جهة ودراجة هوائية من جهة أخرى. هذا المشهد ساد في أزقة بغداد القديمة في الماضي.
لكنه الآن مجسم دقيق التفاصيل يثير الشجن للحياة البسيطة الخالية من التعقيدات. وثمة أدوات ومعالم أخرى يصعب التفريق بينها وبين الحقيقية، وجميعها صنعت بأنامل احترفت مهنة يندر من يتقنها تدخل في إطار فن "الدايوراما".
"أستطيع عمل مجسم قريب الى الواقع ودقيق التفاصيل لكل بغداد خلال خمسة أشهر"، هكذا يقول عمار صباح لـ "السومرية نيوز"، واثقا في قدرته الفنية على تجسيد أي معلم أو جسم مهما كان، وهو فنان احترف مهنة صنع المجسمات بإمكانات ذاتية.
ويضيف صباح، أن "كل نموذج يستغرق ما بين عشرة أيام الى عشرين يوما لإتمامه إذا كان العمل متواصلا".
صباح، شاب عراقي من مواليد 1986، حاصل على ماجستير إدارة واقتصاد في جامعة بغداد، وهو موهوب بالرسم والنحت وتصميم النماذج المصغرة، وعلاوة على ذلك يمتهن بيع الحيوانات الأليفة. بدأت موهبته من مجرد هواية لجمع النماذج المصغرة للسيارات والدراجات المصنوعة من قبل شركات عالمية، الى جانب تربية الحيوانات الغريبة والمفترسة، ونمت تدريجياً الى أن وصلت لمرحلة الاحتراف.

يقول صباح ان "محترفي هذه الهواية قليلون على مستوى العالم"، مبينا أن أول عمل خطر في باله هو صنع نموذج مصغر لمعرض سيارات، وقبل نحو تسعة أشهر بدأ بصنع الشناشيل البغدادية، بدقة متناهية.
مهنة صباح ليست يسيرة وإنما تتطلب قدرات استثنائية تتوفر في عدد نادر من البشر، وبهذا الشأن يقول "تعلمت الصبر، العمل يحتاج صبراً، وافتقار المواد الأولية يعيقه".
أما بشأن أساسيات العمل، فيشير إلى انه "لا توجد قاعدة أساسية للعمل، ويمكن استغلال أية مادة لصنع مجسمات مقاربة للواقع"، مبينا أن "شناشيل بغداد استغرقت فترات عمل متفاوتة، وكل عمل يختلف عن الآخر، والنماذج الصغيرة ممكن أن تنجز خلال يوم أو يومين إذا كرست جهداً لها". ويلف صباح الى أن "أكثر المواد الأولية الخاصة بهذه النماذج لا تتوفر في العراق، وبعض الأصباغ يجري استيراده من الخارج"، لافتا الى أن "صاحب الفضل الأكبر بهذا الجانب هو حجي لطيف صاحب معمل التاجي لبيع المواد المصغرة، الذي دعم مجموعة محترفي مجسمات، ووفر لهم ما يحتاجونه لرفع مستواهم أكثر".
موهبة المجسمات يشار لها بالبنان في دول أخرى تسعى للاستفادة منها وتقدم الدعم لمحترفيها، لكن الحال ليس كذلك في العراق، حسبما يعبر صباح بقوله، "لا يوجد دعم حقيقي"، مبينا أن "وزارة الثقافة عرضت عليه فتح ورشة في متحف التراث البغدادي"، وهو عرض لم يرق لصباح الذي فضل عدم الاستغناء عن عمله المحبب في مشتل بيع الحيوانات.
ويوضح صباح، أن "المعدات التي يستخدمها في عمله هي مجرد مسطرة وفرجار وموس ومقص ومواد منزلية"، مبينا أن "حديد البليت الخاص بطباعة الصحف ينتج عنه عمل مهم وينفع بالكثير من الأمور في صنع المجسمات، وهناك استخدام لمادة الكرتون أحياناً".
ويطمح صباح، إلى صنع مجسم صغير لبغداد شرط توفر الدعم والفكرة، مبينا أن "الأعمال الكبيرة تحتاج لتفرغ وعقد مع شركة لتأمين المال اللازم وتعويض ترك العمل الأساسي".