فضاءات

في "بيت المدى" .. استذكار شهيد الثقافة التنويري كامل شياع

طه رشيد
نظم "بيت المدى" للثقافة والفنون في شارع المتنبي، صباح الجمعة الماضية، جلسة استذكار لشهيد الثقافة كامل شياع، في مناسبة الذكرى التاسعة لاستشهاده برصاصات غادرة حاقدة.
حضر جلسة الاحتفاء أشقاء الفقيد، وجمع من الأدباء والمثقفين والأكاديميين. فيما أدارها الإعلامي طه رشيد مفتتحا إياها بكلمة قال فيها انه "قبل تسع سنوات نالت رصاصات حاقدة جسد الكاتب المبدع كامل شياع، الذي غاب عنا جسدا الا انه ما زال بيننا روحا وفكرا نستمد من ذكراه إصرارا على تصحيح المسار الثقافي العراقي ونشر الثقافة الشعبية التقدمية، بما يؤهل إضاءة النفق المظلم الذي حاولت القوى التكفيرية والمتخلفة ادامته".
وأضاف قائلا ان الراحل كان قد ترك العراق في نهاية سبعينيات القرن الماضي، إثر الهجمة الفاشية الشرسة التي قادها النظام الدكتاتوري السابق ضد القوى اليسارية والوطنية، مارا بالجزائر وإيطاليا ليستقر به المقام في بلجيكا، ويواصل دراسته للفلسفة ويكون ناشطا في معظم الفعاليات الثقافية التي أقامتها المعارضة اليسارية العراقية خارج الوطن.
وأوضح رشيد انه "ما ان سقط النظام الدكتاتوري الدموي، حتى حزم كامل شياع حقائبه وعاد إلى الوطن، ليعمل مستشارا في وزارة الثقافة، حاملا معه مشروعا ثقافيا كبيرا أسماه "خارطة الطريق الثقافية"، بقي مركونا على الرفوف بعد اغتياله".
وبعد وقوف الحاضرين دقيقة صمت إكراما للراحل وشهداء الثقافة العراقية، ألقيت كلمة عائلة الفقيد بالنيابة من قبل الإعلامي علاء المفرجي. وعبرت الكلمة عن الفراغ المؤلم الذي تركه رحيل شياع ليس على مستوى العائلة فقط، بل على المستوى الثقافي العراقي برمته.
بعد ذلك ألقى د. جمال العتابي كلمة افتتحها بأبيات من قصيدة للشاعر علي نوير، ثم نوه بموضوع طويل كتبه عن الشهيد كامل شياع، نشر في الملحق الثقافي لجريدة "المدى" يوم الخميس الماضي 24 آب.
أما الشاعر المعروف ياسين طه حافظ، فقد قال في كلمة له انه يتردد كثيرا عندما يريد أن يبدأ الكلام عن كامل شياع "لأنه يعني لي غذاءً روحياً وثقافيا"، مضيفا قوله "كان شياع يُصغي لمخالفيه بالرأي، إصغاءً كاملاً، بعدها يعترض على حديثهم بأخلاقية وأدب عاليين، وهذا ما نفتقده اليوم، ما نفتقده اليوم كان يمتلكه هو". ثم جلجل القاعة بقصيدة طويلة مليئة بالحزن وألم السجون، كان قد كتبها إثر استشهاد كامل شياع، وهي تحمل عنوان "مخاطبات كامل شياع قبل قتله".
وكان آخر المتحدثين في الجلسة التشكيلي الأكاديمي د. جواد الزيدي الذي كان قد لازم الراحل وزامله اثناء عملهما معا في وزارة الثقافة.
وقال الزيدي في كلمته ان "كامل شياع العابر من الفلسفة والموسيقى والتفكير النقدي إلى مواجع الناس دون محدودات طبقية او فكرية، كان داعيا للكمال او الاكتمال من خلال التنوع الجناسي والاجتماعي والطبقي والفكري، دون اقصاء احد او غض السمع عن رؤية او فكرة وان كانت مخالفة".
وأضاف متسائلا "هل كان كامل شياع حالماً بوطن هادئ، رغم انه صاحب جراح معمرة؟ هل كان يرغب بوطن يُشعِره بالامان؟"، مجيبا بالقول "نعم، إنه كان يحمل صدق النوايا حين جمع قناديل فارغة عبّأها بالزيت ليضيء لنا مسارات الطريق الثقافي".