فضاءات

ندوة في ميونخ حول المؤتمر الوطني العاشر للحزب والتطورات السياسية الراهنة

بتضافر جهود القوى المدنية والديمقراطية والوطنية والتفاف الشعب حولها
سيتحقق التغيير المنشود
اقامت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في ألمانيا ندوة جماهيرية في مدينة ميونخ يوم السبت 26 آب 2017، حضرها حشد من أبناء الجالية العراقية من أصدقاء الحزب ورفاقه وجماهيره. وأستهلها الرفيق الدكتور رمزي ياقو توماس بالدعوة للوقوف دقيقة صمت حداداً على أرواح شهداء الحزب والحركة الوطنية وشهداء القوات المسلحة التي تواصل معاركها من أجل طرد فلول الدولة الإسلامية من مدينة تلعفر وضواحيها. وبعد الترحيب بالحضور أشار الى محاور الندوة التي شملت المؤتمر الوطني العاشر للحزب، إضافة إلى أهم التحديات التي تواجه شعبنا في ظل الظروف الحالية، ودعا الرفيق ناظم سكرتير منظمة ألمانيا للحديث عن هذه المحاور ومواقف الحزب.

وتناول الرفيق ناظم ظروف انعقاد المؤتمر الوطني العاشر (1- 3 كانون الأول 2016) وما تمخض عنه من قرارات سياسية وتنظيمية، وتبني شعار "التغيير .. دولة مدنية ديمقراطية اتحادية وعدالة اجتماعية ". وأشار في هذا الصدد الى إن الحزب الشيوعي العراقي يسعى إلى تغيير المنظومة السياسية القائمة على المحاصصة الطائفية والعرقية التي أوصلت البلاد إلى مفترق طرق وإغراقه في المزيد من الأزمات المتلاحقة وانتشار الفساد في مختلف مؤسسات الدولة، من قبل المتنفذين، وتوسع ظاهرة الميليشيات وعصابات الإجرام التي مارست القتل والخطف والترويع، وفرض القوانين العشائرية وغياب القانون والدولة والتفريط بدستورها، وازدياد مساحات الفقر بين أوسع فئات الشعب العراقي وتمزيق وشائجه الاجتماعية، وسيطرة قوى الإرهاب المتمثلة بداعش على مساحات واسعة من وطننا، الأمر الذي تطلبت مواجهته بذل دماء عزيزة لشبابنا وأموال كثيرة من خزينة الدولة، ونجمت عنه معاناة لا حدود لها لأبناء المدن التي احتلتها داعش من بؤس وحرمان وخطف وسبي نساء وتجنيد الأطفال. وأعطى مثالين لهذه الجرائم البشعة، الإبادة الجماعية لأبناء الديانة الأيزيدية في سنجار ومجزرة سبايكر.
وتطرق الرفيق ناظم خلال حديثه إلى التغيير المنشود من قبل حزبنا والقوى المدنية والديمقراطية وسبل تحقيق ذلك. وقال إن تضافر الجهود بين جميع أطراف تلك القوى وفئات الشعب المتضررة، إضافة إلى قواعد احزاب متنفذة بسبب تذمرها من سياسات الاحزاب الحاكمة، كفيل بتغيير موازين القوى ووضع البلاد على السكة الصحيحة للبدء بتثبيت أسس الدولة المدنية التي ترتكز على مبدأ المواطنة الحقة ومغادرة الانتماءات والهويات الفرعية.
وأكد في هذا السياق على نداء المؤتمر الوطني العاشر الذي دعا كل الشيوعيين الذين يقفون خارج تنظيم حزبهم للوقوف إلى جانبه لتقوية صفوفه ولتمكينه من تنفيذ مهامه النضالية الجسيمة. كما ناشد المدنيين والديمقراطيين وكل الوطنيين المخلصين لرص صفوفهم من اجل التخلص من نظام المحاصصة الطائفية والاثنية ومواجهة القوى الحاكمة التي تصر على التمسك بمكاسبها ونفوذها ومواصلة التفرد بالسلطة، من أجل بناء الدولة المدنية التي تكفل حقوق المواطنين والعدالة الاجتماعية. وحض المثقفين المخلصين لقضايا شعبهم على المساهمة الفاعلة في بناء ثقافة وطنية تقدمية تساهم في رفع وعي الجماهير من أجل الدفاع عن مصالحها والمطالبة بحقوقها من خلال الانخراط في الحركة الشعبية الاحتجاجية المتواصلة في مختلف المدن العراقية.
وعن التحديات التي تواجه شعبنا، تحدث بإسهاب عن مرحلة ما بعد داعش وتحرير كافة المدن العراقية. وقال ان من أولويات الحكومة العراقية تعزيز انتصارات القوات الأمنية من خلال جملة من الإجراءات السياسية والفكرية والاجتماعية الكفيلة بسد الطريق أمام عودة الإرهاب وأهمية تجفيف منابعه. واعتبر ذلك مهمة كل القوى التي تهمها مصلحة الوطن والشعب العراقي، و دعا إلى أهمية المباشرة الفورية بإعادة تأهيل المدن المدمرة لتسهيل عودة النازحين إلى منازلهم ووضع حد لمأساتهم التي يرزحون تحت وطأتها.
كما تحدث عن أهمية فرض الأمن وحماية أرواح المواطنين من خلال سحب السلاح من أيدي العصابات المنفلتة وحصره بيد الدولة، وتوفير الظروف المناسبة والطبيعية لتمكين الناس من ممارسة حياتهم الاعتيادية.
وعن المشاريع المطروحة بخصوص مستقبل محافظة نينوى، قال الرفيق إن حزبنا يقدر المخاوف التي تبديها الأقليات هناك جراء ما ارتكبتها الدولة الإسلامية من جرائم وفظائع بعد احتلالها لمناطقهم وعدم قدرة الدولة على حمايتهم. وقال إن قيام الدولة المدنية الديمقراطية هو الحل الأمثل، لكي تعيش الأقليات في ظل أمن دائم، وإن الدستور العراقي الذي يكفل للجميع حقوقهم بشكل متساوي، ينبغي أن يكون المرجع الأساسي لإجراء أي تغيير إداري.
وجرى الحديث عن الانتخابات ومحاولات المتنفذين للاستفراد بالحكم من خلال تشريع قوانين انتخابية لصالح بقاء هيمنتهم على السلطة، مثل قانون انتخابات مجالس المحافظات وإقرار نظام سانت ليغو 1,7 وقانون مجلس المفوضية المستقلة. وأشار الى أن الحزب الشيوعي العراقي يسعى، رغم كل هذا، إلى تشكيل تحالف مدني ديمقراطي واسع لخوض الانتخابات القادمة، وقطع في هذا المجال شوطا مهما، فعقدت الكثير من اللقاءات بين القوى المعنية وسيواصل مساعيه في هذا المجال.
وكان للاستفتاء المزمع إجراءه في كوردستان حيزاً مهماً في نقاشات هذه الندوة، إذ بيّن الرفيق موقف الحزب، مؤكداً انه وقف تاريخيا إلى جانب حق تقرير المصير للشعب الكوردي، عادّا الاستفتاء وممارسة الشعب الكوردي لهذا الحق بالأمر الطبيعي، مع ان يظل الدستور المرجع في تنظيم العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم، وإيجاد الحلول للمشاكل العالقة عبر الحوار بين الطرفين وذلك لتنقية أجواء العلاقات المتأزمة والمليئة بالتعقيدات والعقبات الكثيرة بما يعزز البناء الاتحادي، الفيدرالي، وتطوير التجربة الديمقراطية عبر منظومة من الإجراءات، وتشريع القوانين المهمة، وبناء دولة المؤسسات والقانون .وتطرق إلى الأوضاع الداخلية في الإقليم وأهمية تطبيعها وعودة الحياة البرلمانية وأطلاق رواتب الموظفين ومعالجة المشاكل العالقة بين الأحزاب الكوردستانية والنظر في المشاكل الخاصة بالأقليات وغير ذلك.
وقال إن الشعب الكوردي قدم تضحيات جسيمة من أجل حقوقه المشروعة، ما يقتضي حماية مكتسبات المواطنين وتأمين كامل حقوقهم الاجتماعية والسياسية والفكرية وصيانة حرياتهم الشخصية وضمان حياة آمنة ومستقرة في ظل رفاهية مستديمة.
وفي نهاية المداخلة فتح باب النقاش أمام الحضور، وقدّمت مداخلات عبرت عن الحرص على تعزيز دور الحزب في الحياة السياسية ومستقبل العراق وشعبه. وامتد النقاش إلى جوانب نظرية مهمة حرصاً على استقلالية الحزب الفكرية. كما جرى الحديث مطولاً عن قضية التنسيق والتعاون بين الأطراف ذات المصلحة الحقيقية في التغيير والمشاركة في الحركة الاحتجاجية، وايضاً بشأن التحالفات التي يسعى الحزب الى اقامتها من أجل خوض الانتخابات القادمة.
وعبر الحضور عن سعادتهم لهذه الفعالية التي تعد الأولى من نوعها في مدينتهم.