فضاءات

حفل إستذكار للفقيد فنان الشعب بدري حسون فريد

لؤي حزام
نظمت الجمعية المندائية في ستوكهولم أمسية إستذكارية للفنان القدير بدري حسون فريد، وعلى قاعة مقرها الكائن في منطقة "فلنكبي" الواقعة شمال العاصمة السويدية ستوكهولم، بتاريخ ١٦/١٢/٢٠١٧ وبحضور جمهور متميز.
أدار الأمسية عضوا الهيئة الإدارية، الست إنعام شلش والأستاذ منذر عوفي، حيث رحبا بالحضور شاكرين حضورهم، ثم دقيقة صمت على روح الفنان. ثم قدما إستعراضا موجزا عن دوره المسرحي والأكاديمي حيث رحل المخرج والفنان العراقي الكبير بدري حسون فريد، عن عمر ناهز التسعين عاماً بعد صراع طويل مع المرض، تاركاً إرثا كبيراً من أعماله الفنية المسرحية، ويعد الفنان الراحل، الذي فارق الحياة في إحدى مستشفيات أربيل شمال العراق، من رواد الفن في العراق الذين تركوا بصمات واضحة على المسرح الوطني. وللفنان الراحل رصيد حافل من التكريم في العراق، حيث حصلت مسرحيته "الحصار" من إخراجه على جائزة أفضل إنتاج متكامل للعام 1971. كما حصل على جائزة أفضل مخرج للموسم المسرحي في العام 1973 عن إخراجه لمسرحية "مركب بلا صياد"، فيما نال جائزة أفضل ممثل مسرحي للموسم المسرحي في العام 1974 عن دوره في مسرحية "الطوفان" الكاهن آنام، وحصدت مسرحيته "الردهة" جائزة أفضل إخراج في وزارة الثقافة للعام 1995).
وأشار الأستاذ فاضل ناهي رئيس الهيئة الإدارية في كلمته عن دعم الجمعية لإرث العراق الحضاري والثقافي والإحتفاء برواد العمل العراقي من أدباء وفنانين ومبدعين في كل مجالات الحياة. وقال: من الرقي أن يترك الإنسان بصمة في الحياة وكل كائن له دور في هذه الحياة. لقد خلقنا ليس لنأكل لنعيش فقط، وإنما لنا رسالة، فكيف لفنان ملتزم أخذ على عاتقه أن ينير بفنه وعلمه العراقيين في ذلك الزمان المظلم. جميل أن نستذكر هذا العَلم العراقي الكبير والذي ضحى وناضل وجاهد بكل ما يستطيع، رغم بساطة الإمكانيات في ذلك الزمان. ترك إرثاً كي يبقى دهراً يخلده من خلال ما زرعه في نفوس تلامذته وكيف كان صديقاً وأستاذاً ومحباً لكل من عاشره وعايشه. سيبقى بدري حسون فريد علماً في سماء الفن العراقي وخالداً في ذكرى كل البسطاء العراقيين قبل المثقفين، وقد زرع في نفوسنا صورة جميلة محببة.
بعدها عُرض فلم من إنتاج الجمعية المندائية في ستوكهولم بعنوان "بدري حسون فريد أستاذ المسرح" من إعداد ومونتاج الفنان عدي حزام.
ثم جاء الدور للفنان نضال فارس الذي سطر جانب من ذكريات استاذه في أكاديمية الفنون الجميلة ومنها بشكل خاص مسرحيتي "الجرة المحطمة"، "جسر أرتا"، وأسهب بالحديث عن دور الأستاذ فريد في بناء الأعمال الفنية الراقية ودوره كأستاذ صارم وصعب في إختصاص مادة النطق، وتربيته الأبوية، ودورة كمخرج ومؤلف وممثل، وخبرته الدقيقة في تشخيص الممثلين الواعدين ودعمهم.
وشارك الفنان والمخرج الأستاذ إبراهيم فرحان البدري في إستعراض أهم المحطات في حياة الفنان الرائد وأستاذ المسرح العراقي ذاكرأً: عمود من أعمدة المسرح قد ذوى، قامة فنية كبيرة رحلت، إنه الفنان بدري حسون فريد.. الأستاذ والمؤلف والمخرج والممثل.. جئنا نستذكر أعمالك الرائعة التي قدمتها، لنرد الجميل لأول أستاذ علمنا كيف نقف على خشبة المسرح وكيف ننطق الكلمة والحرف والصوت وطريقة النطق الصحيح.. هو ومجموعة من الفنانين الذين وضعوا اللبنة الأولى لمسرح عراقي جاد وملتزم.. فتحية لهم جميعاً.
بدري حسون فريد نخلة عراقية باسقة وجدت لها ظلاً بين مويجات عين تمر.. هزت بغداد جذعها فمنحتها رطباً جنياً، وتفيأ عشاقها ظلاً ظليلا.. إنه إسم موسيقي وصوت جهوري رائع هز مسارح العراق والمسارح العربية.. أستاذ علم الصوت والإلقاء والتمثيل هو وزميله الفنان سامي عبد الحميد، وهما شخصيتان عراقيتان مبدعتان إنفردا بهذا العلم.. إسماعيل جلبي، عبد القادر بيك، عادل كاظم، إبراهيم عبد الجليل، أسماء لمعت في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، ومسلسلهم الرائع "النسر وعيون المدينة".. لقد دوى هذا المسلسل في الشارع العراقي وكتب عنه الكثير .. وبدأ الصغير والكبير يردد عباراته ويقلد أصوات شخوصه، ونتذكر منها قول الفنان الرائع جعفر السعدي "عجيب أمور غريب قضية".
ولد الفنان بدري حسون في مدينة كربلاء المقدسة عام ١٩٢٧ وأنهى دراسته الإبتدائية والثانوية في مدارسها. وتأثر بالفنان حقي الشبلي عندما جاء إلى مدينته ليعرض مسرحية "الطيش القاتل" وكان عمره أنذاك سبع سنوات. فدخل معهد الفنون الجميلة قسم الفنون المسرحية عام ١٩٥٠.. وبعد تخرجه من المعهد أسس فرقة شباب الطليعة للتمثيل وهي تضم نخبة من الممثلين الشباب من جيله. وحصل في تلك الفترة على بعثة دراسية لدراسة المسرح في معهد "كودمان ثييتر" في شيكاغوا الأمريكية للفترة من عام ١٩٦٢- ١٩٦٥، وكان بتلك الفترة قد درس فن التمثيل، ودرس نظرية "لاساك" وهو أحدث منظم ومدرب ومدرس لفن الصوت والإلقاء، ونال شهادة البكلوريوس والماجستير وبتفوق بعد إخراجه لمسرحية "الشارع الملكي" لتينسي وليم، وقد صفق لها الجمهور عشر مرات متواصلة.
وعند عوته إلى الوطن إستمر الفنان بعمله المسرحي والأكاديمي فقدم العديد من الأعمال المسرحية منها: عدو الشعب، الساعة الأخيرة، بيت أبو كمال، نشيد الأرض وهي من تأليفه وإخراجه وقد جابت أغلب المحافظات وإستمر عرضها لمدة ثلاثة أشهر، وذلك عام ١٩٧٤. ونال العديد من الجوائز عن أعماله في التأليف والإخراج والتمثيل. وللفنان عدة أعمال تلفزيونية، وله خمسة أفلام سينمائية.
وبعد أن أحيل على التقاعد عام١٩٩٥ سافر إلى الأردن وإلتقى بالفنان جواد الأسدي وأسند له دور في مسرحية "المصطبة" التي عرضت في لبنان فيما بعد. وفي عام ١٩٩٦ سافر إلى ليبيا ليقضي فيها سنة ونصف في تدريس مادة التمثيل والصوت والإلقاء.
وفي عام ١٩٨٨ إتصل به عميد المسرح المغربي بجامعة الرباط، فلبى الدعوة ليسافر إلى المغرب ليدرس مادة الصوت والإلقاء، حتى عودته للوطن عام ٢٠١٠ والعيش في مدينة أربيل حتى وفاته في ١٧/١١/٢٠١٧ بعد صراع طويل مع المرض.
يقول بدري حسون فريد أنا أجد نفسي في الحياة عندما أكون على خشبة المسرح مخرجاً، ممثلاً، وحتى مؤلفاً.. لقد جاهد الفنان الراحل بعزم من أجل تقديم تعريف مرئي لفلسفته الإخراجية، فهو فنان أصيل وملتزم وصاحب موقف. لقد إمتزج إسمه بالفن منذ صباه كما إقترنت حياته بشريكته الفنانة إبتسام فريد.
ثم كانت الكلمة لمنظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد قدمها الأستاذ سمير الجادري
وجاء فيها " فائق التقدير والشكر لهذه الإلتفاته الطيبة في إستذكارالفنان الكبير والقدير الراحل
بدري حسون فريد بإستذكاركم هذا تجسدون الروح الوطنية الكبيرة والمعطائة دائماً في حب وتقدير مبدعينا الكبار.
أعقبها مشاركة للدكتور طالب جميل الزاملي الذي أشاد بدور الجمعية الرائد وبالفنان فريد ودوره الكبير في أكاديمية الفنون الجميلة.
ثم جاء الدور للفنان بهجت هندي وذكرياته المشوقة عن أستاذه الكبير كما حمل معه محاضراً يحتفظ بها منذ أكثر من أربعين عاماً وأشاد بدوره الكبير في أكاديمية الفنون الجميلة بنشأ جيل فني قادر على تكملة البناء الفني.
ومشاركة من إستراليا بعث بها الفنان سميع عامر حيث أشاد بدور الراحل وإمكانياته ودعى له بالرحمة.
ومسك الختام كان للفنان الأستاذ محمد صالح الذي أشاد بمعلمه الكبير ودوره بخلق حس فني رفيع لكل تلاميذه لبناء أسس سليمة بالعمل وفي الختام قدم عريفي الأمسية الورود على المشاركين.