فضاءات

الستوتة والعاطلون.. حكايات وطرائف! / أسعد محمد علي

وسيلة جديدة في حياة العراقيين ووسائط النقل في الشوارع والأحياء السكنية، فقد عهد العراقيون أنواعاً مختلفة من وسائط النقل، سيارات التاكسي قديمها وجديدها، باصات الأمانة، "فورتات"، عربات الربل، إضافة إلى الدراجات الهوائية والبخارية.
بعد العام 2003، دخل الخدمة لأول مرة ما يعرف بالستوته، وهي دراجة بخارية مربوطة بكابينة صغيرة تحوي عدة مقاعد للركاب، وأهم ما يميزها خفة وزنها وصغر حجمها، وهي تنزلق بين السيارات والسابلة وسط زحام خانق طالما شهدته شوارع بغداد وأسواقها، وربما يكون هذا السبب هو سر نجاحها وهو ما يدفع الركاب لارتيادها.
وهناك سبب آخر مهم دفع بانتشارها، وهو استقطاب آلاف العاطلين عن العمل لشرائها وقيادتها كوسيلة نقل تدر عليهم المال وتنقذهم من شبح البطالة.

سنحاول أولا أن نتعرف على آراء مقتني الستوتة وما أحدثته في حياتهم:

الستوتة أنقذتني من كابوس البطالة

يقول مرتضى ماجد ( من سكنة مدينة الصدر ) : الستوتة غيرت حياتي , حيث كنت عاطلا عن العمل لفترة , ولا أملك الطاقة الجسمانية التي تعينني على اداء عمل يحتاج جهداً مثل عمل البناء , لذلك بقيت أسير البطالة لمدة طويلة من الزمن, ناهيك عن انعدام فرص العمل أصلا، وبعد العام 2003 استطعت ان اشتري ستوتة بعد أن ساعدني أصدقائي في الحصول على مبلغها , وبدأت أعمل بها في "سوق الأولى" , والحمدلله وفرت لي فرصة لحفظ كرامتي، وقد سددت ديوني كلها.
وأضاف: أعتقد ان الستوته نجحت كوسيلة نقل خفيفة وسريعة وسط زحام الشوارع ويفضلها الكثيرون في العديد من المناطق.

أنقذتني من هموم الديون!

اما عبد الامير العبودي ( من سكنة حي النصر ) فيقول : كنت عامل تنظيف لسنتين وبأجر ثماني آلاف دينار في اليوم , وبعد ان تزوجت أصبح هذا المبلغ لا يمثل شيئاً خصوصا أن حياتي الجديدة تحتاج للكثير, لذلك لم أجد حلا لمشكلتي الا الستوتة فهي مفتاح الحل . فاشتريت ستوتة بمبلغ خمسمائة ألف دينار في وقتها , واتخذت خط نقل من والى سوق حي النصر , والحقيقة أرى أن الستوتة "صاحبة فضل" علي وعلى عائلتي فلولاها لكنت حبيس البطالة، لكنها هي التي أنقذتني من هم الديون! .

الستوتة أم شهادة البكالوريوس!؟

يقول فاضل محمد ( من سكنة الولداية ) : لا توجد حلول كبيرة امامنا , فبعد أن أكملت دراستي الجامعية ونلت شهادة البكالوريوس فرع التاريخ في كلية الآداب , لم أجد فرصة للتعيين , وبقيت "حبيس الأمل" , وقد قدمت الكثير من المعاملات إلى عدة دوائر حكومية لكن لم احصل على نتيجة . وضاعت مني ثلاث سنوات وأن أركض وراء سراب, بعدها قررت ان اكون واقعيا فاشتريت ستوتة , وبدات رحلتي معها الستوتة , فاصبحت اساعد اسرتي في مصروفهم اليومي . نعم اتحسر على سنوات الدراسة التي لم تنفعني في حياتي العملية !.

الستوته والزواج!

اما المواطن موسى علي، فاضاف : كنت مهتما باكمال تعليمي وتخرجت من معهد التكنلوجيا عام 2002 قسم الميكانيك ولم اجد فرصة للتعيين بعد انتظار استمر خمس سنوات , فانتبهت لحالي وأدركت أن الأيام تسرقني وأنا عاطل عن العمل، ولم أجد أيسر من مشروع الستوتة, فجمعت المبلغ واشتريت ستوته جديدة , وبدأت العمل، والحمد لله أنا الآن فخور بنفسي فأنا أولا أقدم خدمة للناس وثانيا أساعد عائلتي ثم بدأت بشكل جدي أفكر بالزواج . فقد جمعت مهر العروس .
وأضاف: أتمنى فقط من الجهات الحكومية ان توفر قروضاً لمشاريع صغيرة تساعد المحتاجين في ايجاد فرص عمل حقيقية .

ثم التقينا ببعض المواطنين للتعرف على آرائهم في ظاهرة الستوتة :

الستوتة خلصتنا من عربات الربل يقول مهدي الجنابي (موظف حكومي ) : الستوتة اوجدت حلا حضاريا خلصنا من عربات الربل باعتبارها صورة أكثر تحضرا منها, وكذلك باتت تمثل حلا لفئة معينة من الشباب الذين يبحثون عن أي فرصة للعمل تنتشلهم من آفة البطالة.
وأضاف: لكن العتب يقع على المستوردين الذين استغلوا حاجة الناس فقاموا برفع اسعارالستوتة بالاضافة لقيامهم باستيراد انواع رديئة لا تخدم المواطن المحتاج . وهنا يجب ان تتدخل الدولة لحماية ذوي الدخل المحدود من جشع تجار السوء المستوردين .

من واجب الدولة دعم الفقراء

تقول ضحى البياتي ( ناشطة في مجال حقوق الانسان ): من الحقوق الأساسية لكل إنسان العمل, لذا أرى من واجبات الدولة دعم افكار البسطاء عبر توفير المال والأدوات لفتح آفاق عمل جديدة لهم . وأضافت: مشروع الستوتة يمثل طوق النجاة للكثيرين فما الضير لو تقوم الدولة باستيراد الستوتات بمواصفات جيدة مع بيعها بالتقسيط من دون فوائد . بالاضافة الى اهمية تنظيم العمل لان الستوتات حوادثها كثيرة نتيجة تهور بعض السائقين .

قد تكون هي الحل !

آخر حواراتنا كانت مع المواطن ياسر محمود، قال: الستوتة مثلت نقلة مهمة في عملية النقل والوصول الى أماكن صعب وصول السيارات إليها، فالتبضع من الأسواق وإيصالها إلى البيوت عبر الشوارع والأزقة باتت شبه مستحيلة بالسيارات، إضافة إلى ارتفاع الأجور لذا كانت الستوته هي الحل.

لكنها تحتاج الى ضوابط

ولكن ما هي مضار الستوته وسلبياتها؟
يقول محمد ناصر، سائق سيارة أجرة: الستوته باتت منغصا آخر في الشوارع، فأغلب الذين يقودون الستوتات لا يفهمون قوانين المرور، وكثيرا ما يرتكبون أخطاء، بعضها يؤدي الى حوادث سير، كما أنهم متهورون، أقصد بعضهم، لذا أطالب الجهات المختصة إيجاد ضوابط لقيادة الستوتة ومحاسبة المقصرين.