فضاءات

الأعلامي سلام رومايا: ولـدت في الأعدادية الشرقية!/ كمال يلدو

لأنـه أصيل، فقد بقى امينا لتلك الأرض التي روته من حنانها ولناسها الخيرين ولإرثها الفني والثقافي، فإختار لمجلته والتي أصبحت لاحقا توأم روحه، اسما من تأريخ وادي الرافدين العميق، الحضارة التي اخترعت اولى الآلات الموسيقية وعلمت الناس الموسيقى! ولأنه عنيد فقد أصر على أن يقرن متاعب الغربة التي أجبر عليها منذ 28 عاماً بالعمل في مجال الإعلام والنشر، هذا الحقل الممتع والمتعب، ولأنه صادق فقد تمثل في عمله ما قاله الملاكم محمد علي كلاي يوماً: "من لايملك الشجاعة الكافية لمواجهة التحديات والمخاطر، لن يقوى على تحقيق اي شئ في الحياة".
البدايــة
يندر أن تجد بيتا عراقياً في مدينة ديترويت خالياً من مجلة "القيثارة"، التي يصدرها السيد سلام رومايا، والتي بدأت بداية متواضعة لكنها رصينة. الطباعة كانت بالأبيض والأسود وبغلاف ملون، فيما تولى السيد سلام وحيدا الأشراف على كل ما يتعلق بمرافقها من تجميع المواد والأخبار والأعلانات والطباعة والتصفيف والتوزيع والبيع، مع بعض المساعدات الموسمية من الأصدقاء. ثم كبرت مع ازدياد القراء والأعلانات، وأصبحت لقرائها من مختلف الفئات والأعمار والأجناس، مصدرا ومعينا ومرجعا للأخبار والحكايات والطرائف والمعلومات الثقافية والفنية والطبية والتأريخية وغيرها.
يقول السيد سلام رومايا، وهو يستذكر ما عاناه من صعاب:
" لعل اروع حكمة علمتنى الصبر وتحدي المشاكل والنظر للمستقبل كما احلم به ما قاله يوماً الأعلامي الراحل السيد ديفد برنكلي، الذي يعد من اشهر مقدمي البرامج السياسية في قناة ام بي سي ـ الأنسان الناجح، هو القادر على بناء اساس قاعدته من الحجر الذي يلقيه عليه الآخرون. نعم لم يكن مشروع اصدار وبيع مجلة ثقافية عامة تعني بالفن والأدب والرياضة والأخبار الطريفة والغريبة بالأمر السهل، لكن استمرار المجلة بالصدور، والزيادة التي طرأت على عدد المعلنين، اوجد لها شعبية صارت تكبر وتتنامى لتصل الآلاف، ليس في ديترويت فقط بل تجاوزت سمعتها الولايات الأمريكية الأخرى وحتى بلدان كثيرة حول العالم".
- وماذا عن ذكرياتك عن الوطن؟
"أنا من مواليد خانقين فقد كان والدي يعمل هناك قبل أن ننتقل للعيش في بغداد، حيث واصلت الدراسة في الأعدادية الشرقية وإلتحقت بعدها بكلية الزراعة وتخرجت منها في العام 1968، وسافرت الى السعودية وعملت هناك لمدة سنتين وعدت بعدها الى الوطن، فعملت مهندساً زراعياً حتى قيام الحرب العراقية الأيرانية، وتحول البلد الى ثكنة عسكرية كبرى، تجثم على صدور وعقول الناس، فرحلت الى الولايات المتحدة، حاملاً معي أكبر كنز في حياتي، مكتبتي الموسيقية. لقد بدأ إهتمامي بالنشر في الأعدادية الشرقية، عندما إجتمعنا أنا وخطاط يدعى سيسـاك خاجيك ورسام كاريكاتير اسمه عبد الرزاق احمد في الشعبة (ب) وأصدرنا مجلة اطلقت عليها اسم (اسبوعيات) وكانت من 40 صفحة وكلها كتابة باليد! وأستمر هذا المشروع حتى نهاية عهدي مع الأعدادية الشرقية، وكنت حينها متأثرا بمجلة (قرندل) العراقية، و(روز اليوسف والصباح) المصريتين. في كلية الزراعة صرت رئيسا لنادي قسم الثروة الحيوانية ومسؤول الحفلات فيه، كما أصدرت نشرة حائطية شهرية اسميتها (صدى الطلبة) مواصلا مسيرتي الأعلامية التي بدأتها في الأعدادية الشرقية قبلا.
- وماذا عن دروس هذه المسار الشاق؟
" انا اؤمن بأن هناك نجاح بعد كل فشل ان كانت الأرادة موجودة. حاولت جهدي ان لا احني قامتي للآخرين وأن اعمل بجد واخلاص، وأشعر بالسعادة وأنا انظر الى ابنائي الذين سقيتهم بكل ما احمل من قيم وأخلاق وأرادة وثقافة، وأتمنى ان يرتفع مستوى الوعي الأعلامي والفني عند الجالية وفي اوساط مثقفيها والأعلاميين. احيانا اشعر بالأسى لأن اعلامنا دون المستوى المطلوب، رغم كل ما توفره هذه البلاد من فرص عظيمة، لكن تنقصنا الشجاعة وروح المجازفة، وأتمنى ان لا تبقى احلامي هذه مجـرد احلام.