وثائق وبيانات

كلمة الحزب الشيوعي العراقي في حفل تكريم رائدات الحركة النسوية العراقية

حضرات الضيوف الكرام
الرفيقات والرفاق الأعزاء
الرفيقات الرائدات والناشطات المتميزات في الحركة النسوية العراقية اللواتي اكرمونا بحضورهن.
الحضور الكريم
نجتمع اليوم لنحتفي بالمناضلة الشيوعية نجية الشيخ حسين الساعدي (ام بشرى)، التي نسعد بتواجدها معنا بصحبة ابنتها ورفيقتها بشرى. لقد لعبت الرفيقة ام بشرى، مع كوكبة من الشيوعيات الباسلات الاوائل الاخريات، دورا رياديا في اقتحام ميادين وسوح النضال السياسي الوطني الديمقراطي والاجتماعي، وضربن بنضالهن الجسور وعطاءهن وعملهن المتفاني بين الجماهير، ومع النساء وعلى وجه الخصوص، امثلة رائعة وملهمة انحفرت في ذاكرة الأجيال ، وتستحضر عندما تشتد المصاعب وتتعقد ظروف النضال لاستلهام الشجاعة والاقدام وروح التحدي التي تشيعها في النفوس. ان احتفاءنا هذا سيكون الأول ضمن سلسلة فعاليات الاحتفاء المتوالية بالرموز النسوية والرائدات على مدى سنة الاحتفال بالذكرى الثمانين لميلاد حزبنا الشيوعي.
الرفيقة نجية الشيخ حسين الساعدي أم بشرى، انتمت إلى الحزب منذ ستة عقود، ولكنها عرفته قبل ذلك بفضل والدها الشهيد الشيخ حسين الساعدي، وعايشت الحزب يوميا في اسرتها بعد زواجها من الكادر الشيوعي البارز الراحل عبد علوان.
اقد انخرطت مبكرا في العمل السياسي في ظل ظروف العمل السري، وخاضت بجرأة وحماس ونكران ذات معتركات النضال الوطني والطبقي التحرري في صفوف الحزب، والعمل الديمقراطي النسوي في صفوف رابطة المرأة العراقية منذ اوائل خمسينيات القرن الماضي.
لن افيض في ذكر محطات سجلها النضالي وما اتسم به عطاؤها، فذلك ما ستكشف عن جوانبه المختلفة الشهادات التي ستقال عنها، بَيد ان بصمات اعمالها واثر نشاطها المثابر، على الرغم من قسوة الظروف، ظل شاخصا لدى كل من عمل معها والتقى بها، واعتُبرت بحق نموذجاً في النضال والعمل الجماهيري مع النساء جدير بالاقتداء وتعد مفخرة للحزب وللمنظمات الديمقراطية التي عملت فيها.
الحضور الأعزاء
احتفاؤنا بالرائدات انما هو تعبير عن نظرة حزبنا إلى قضية المرأة وعن الموقع المركزي الذي تحتله في مجمل نضاله. فالمرأة في ظل الانظمة الاقتصادية الاجتماعية السائدة في عالمنا اليوم، وخصوصا في البلدان الأقل تطوراً، تعاني من ظلم واضطهاد مزدوجين، الأول بسبب الاستغلال المضاعف والتمييز السلبي في المعاملة في مجال العمل مقارنة بالرجل، والآخر نتيجة التقاليد البالية والمُذِلَة لكيانها والنظرة الدونية لها التي تبعدها عن المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمجتمع وتهمش دورها في عملية صنع القرار على المستويين العام والاسري الخاص، والتي تدفع إلى حصر عالمها ودورها في تأدية الأعمال المنزلية وتربية الاطفال. ويشترك انتشار الجهل وتدني المستوى الثقافي في اوساطها في تكريس السطوة عليها.
لذا يرى حزبنا أن تحرير المرأة من هذا الاضطهاد المركب وثيق الارتباط مع تحرير المجتمع من كل أشكال الاضطهاد الطبقي والقومي والاثني والديني. ولكون المرأة تمثل نصف المجتمع، فإن تحريرها من الظلم والتخلف يهم الرجل والمرأة معا، كما لا يمكن عزل قضية المرأة عن النضال من اجل الديمقراطية والتقدم الاجتماعي،. وقد عبّر نصير المرأة، جميل صدقي الزهاوي عن هذا الترابط بين تقدم الامم واحوال المرأة بقوله :
لولا النساء لما بان للحضارة شكل
على الشعوب بمرقى نسائها يُستدل
الحضور الكريم
ادركت رائدات الحركة النسوية مبكراً، وبتحفيز واسناد من القوى التنويرية والشخصيات المتنورة في المجتمع، ومن الرفيق فهد وحزبنا أن على المرأة العراقية ان تعمل على تغيير واقعها المر وان تخوض الصراع من اجل الحصول على حقوقها وتحسين اوضاعها بتجميع صفوفها في اطر ديمقراطية متنوعة، وكان للرائدات عموما دور مبادر جريء في انشاء التنظيمات النسوية والمطالبة بالحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية. ورغم الاضطهاد ومصادرة الحريات والصعوبات الاجتماعية، إلا ان نضال القوى التنويرية في المجتمع والحركة النسوية قد حقق مكاسب مهمة للمرأة كشمولها بالتعليم والاشتراك بالوظيفة العامة والتمثيل في الحياة السياسة والانخراط في مختلف مجالات النشاط الاقتصادي والمهني والثقافي، وكذلك على صعيد تشريعات الأحوال الشخصية كما في القانون رقم 188 لسنة 1959. وكانت الآمال والطموحات كبيرة في ان تتواصل هذه المسيرة نحو تكريس وتوسيع هذه المكاسب الاقتراب اكثر فاكثر من هدف المساواة التامة بين الرجل والمرأة وازالة التشريعات الظالمة لها.
لا شك ونحن ننظر إلى واقع المرأة العراقية اليوم، نشعر بنوع من الخيبة لعدم تحقق تلك الآمال، في ضوء التراجع في احوالها وواقعها الحياتي في أكثر من مجال. فلا تزال الكثير من الاهداف التي ناضلت من اجلها القوى التقدمية والديمقراطية الحركة النسوية في بداية انطلاقتها غير متحققة، ولا سيما على صعيد خضوعها لوصاية الرجل وضعف مشاركتها في الحياة الاقتصادية وتمثيلها في السلطة التنفيذية وطغيان الطابع الشكلي لتمثيلها في المجالس المنتخبة، وتعرضها إلى العنف الجسدي والرمزي بأشكاله المختلفة، واشتداد معاناة الارامل والمطلقات وازدياد القيود على حريتها الشخصية، كما انها لا تزال تعاني من النظرة الدونية التي تنطوي عليها العادات والتقاليد الاجتماعية والتي للاسف حاضرة في نظر وسلوك نسبة غير قليلة من الديمقراطيين الذي يدعون التنور.
ويشهد لهذا الواقع الصعب اشتراك 14.5% فقط من النساء في قوة العمل ووجود اكثر من مليون ارملة، ما جعل العراق يصنف في بعض الاستطلاعات كثاني اسوأ بلد في العالم العربي فيما يتعلق بوضع المرأة.
وفي هذه المناسبة ذات الرمزية العالية المعبرة عن الاهمية التي يوليها الحزب لقضية المرأة بكل شموليتها نشدد على مطالبتنا للسلطتين التشريعية والتنفيذية بتأمين الحياة الكريمة للارامل والايتام والمطلقات والغاء القوانين المجحفة بحق المرأة، والحفاظ على قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدّل والعمل على تطويره، وإلغاء المادة 41 من الدستور وضمان التزام الدولة العراقية بجميع المواثيق الدولية المتعلقة بحماية حقوق المرأة والطفل، والعمل على تمكين المرأة من ممارسة حقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية كافة، ورفع مستوى مشاركتها في جميع المؤسسات التنفيذية والتشريعية والقضائية، واصدار المشاريع الداعمة لمنظمات المرأة، ومحاربة التمييز والعنف ضد المرأة بجميع أشكاله، كما ينبغي ضمان مساواة المرأة في الأجور، قانونا وفعلا ً، في جميع القطاعات الاقتصادية، وتهيئة المناخ الصحي لحياة سليمة للام والطفل ولبناء اسرة.
ان تحقيق هذه المطالب وثيق الصلة بإقامة الدولة المدنية الديمقراطية ويندرج ضمن اولويات برنامج القوى المدنية والديمقراطية في الانتخابات القادمة.
تحية اعتزاز وتقدير للرفيقة ام بشرى، ومن خلالها إلى جميع الرائدات والناشطات والرفيقات المنغمرات في النضال
تحية اكبار إلى جميع النساء الرائدات في جميع ميادين النشاط السياسي والاجتماعي والمهني والثقافي
تحية إلى المرأة العراقية مؤكدين دعمنا لنضالها من اجل حقوقها ومساواتها مع الرجل .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القاها الرفيق رائد فهمي عضو المكتب السياسي .