وثائق وبيانات

نص كلمة الرفيق محمد جاسم اللبان، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، في حفل تكريم كوكبة العمال النقابيين امس الاول الثلاثاء في بغداد / 26 ايار 2014.

منذ تحول الطبقة العاملة من طبقة بذاتها، الى طبقة لذاتها، وتبلور وعيها الطبقي والسياسي، وتشكيل حزبها الثوري، الحزب الشيوعي العراقي، كان لها شرف المساهمة في العمل على تحقيق الاستقلال الناجز والسيادة الوطنية، عبر الخلاص من الاستعمار البريطاني، والتحالف الطبقي المهيمن آنذاك، وربطت هذه الأهداف بمهارة وبشكل جدي بالدفاع عن مصالحها الطبقية، وحقوقها النقابية، ومن أجل ظروف عمل انسانية وحياة افضل.
وقد اجترحت في سبيل ذلك، مآثر وبطولات تدعو للفخر والاعتزاز، تجسدت في إضرابات عمال الموانئ والسكك والنفط و(كي ثري) وكاورباغي والنسيج والزيوت والسكاير وغيرها. كما كان لها اسهاماتها المعروفة في ثورة 14 تموز المجيدة، وفي حمايتها، والسعي لتجذير مسيرتها. ورغم المضايقات والضغوطات الكثيرة التي تعرضت لها، استطاعت تحقيق انجازات ومكاسب يُعتد بها، كالاعتراف بشرعية العمل النقابي، وإجازة الاتحاد العام لنقابات العمال، واعتبار الأول من أيار عيداً رسمياً للطبقة العاملة العراقية.
وفي ظل الأنظمة الدكتاتورية والاستبدادية التي تعاقبت على حكم العراق، بعد انقلاب شباط الاسود عام 1963 ، واصلت الطبقة العاملة مع أبناء شعبنا العراقي النضال الجسور، دفاعاً عن مصالحها الاقتصادية الاجتماعية وحقوقها النقابية، وعن المصالح الجذرية للشعب والوطن، رغم قساوة الظروف وتعقيدها، وشراسة القمع والإرهاب سيما في حقبة النظام الدكتاتوري المقبور، وما جلبه لشعبنا من ويلات ومآس وحروب عبثية وحصار اقتصادي جائر. وقد ساهم عمالنا البواسل وسائر كادحي شعبنا في تقريب ساعة الخلاص منه، بنضالهم المتفاني وتضحياتهم الغالية.
وعقب رحيل صدام حسين ونظامه الى مزبلة التاريخ، واستمراراً لتقاليدها الكفاحية شارك أبناء طبقتنا العاملة في حماية العديد من المنشآت والمرافق الانتاجية والخدمية من عبث العابثين، وفرسان الحواسم، رغبة ووعياً منهم بضرورة الحفاظ على ثروات الوطن وممتلكات الشعب.
اليوم وبعد مرور أكثر من عقد من السنين على سقوط الدكتاتورية، تتصدى الطبقة العاملة، وحركتها النقابية المجاهدة للدفاع عن مصالح العمال وقضاياهم العادلة، وتقاوم بإصرار يدعو الى الاعجاب، محاولات الالتفاف على حقوقهم المشروعة وتطلعات البعض في السيطرة على أطرها النقابية وتوظيفها لخدمة مشاريعه الأنانية، وأجنداته السياسية الضيقة. وتناضل في ذات الوقت من أجل وحدتها النقابية، لما لذلك من اثر كبير في تأمين مستلزمات الدفاع الناجح عن مصالح أبنائها وحقوقهم، بما فيها مكافحة البطالة واقتراح الحلول المناسبة لها، وإعادة المفصولين السياسيين، او الذين اضطروا الى ترك اعمالهم ايام النظام المقبور، وتطوير قوانين العمل والتقاعد، بما يضمن مواكبتها للظروف الجديدة، وسن قانون شامل للضمان الاجتماعي.
كما تتصدى طبقتنا العاملة للمهمات الوطنية مستلهمة تراثها الثوري، فهي تناضل مع باقي القوى الوطنية والديمقراطية من اجل وضع حدٍ للتدهور الحاصل في كل المجالات الأمنية منها والسياسية والاقتصادية- الاجتماعية، والثقافية، مدركة تماما بأن الحراك الجماهيري والفعاليات المطلبية ستكون احدى أكثر الأساليب النضالية تأثيرا في الضغط على المتنفذين الذين عادوا الى السلطة، بعد انتخابهم مجددا للإسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنية لاتستثني أحداً من الحريصين على الوحدة الوطنية، وعلى تصحيح المسار الديمقراطي القاصر، ومن اجل احداث التغيير المنشود في العملية السياسية وفي كل مناحي الحياة والمطالبة بالكف عن المهاترات والصراعات العبثية، ونزعات التفرد والاستئثار بالسلطة والنفوذ والمال، والايمان الحقيقي بأن العراق ملك للجميع، وليس لفرد، او حزب، او طائفة، او قومية، بمعنى آخر القاء المحاصصة الطائفية  الأثنية التي هي اس البلاء كما يقر الجميع، في كيس القمامة السياسية، واستبدالها بمبدأ المواطنة ومساواة العراقيين دون تمييز بسبب الدين او الطائفة او العشيرة.
ذلك هو الطريق الوحيد للحفاظ على وحدة العراق شعبا ووطنا، ولتنظيفه من فايروسات الإرهاب والإرهابيين على اختلاف مسمياتهم، والشروع الجدي بإعادة بناء العراق الديمقراطي الاتحادي المزدهر، الذي يضمن العيش الرغيد لأبنائه ويصون كرامتهم، ويشركهم في صنع حاضرهم ومستقبلهم، سيما صانعي الخيرات المادية والروحية للمجتمع، عمالنا الأشاوس وسائر شغيلة اليد والفكر.
وفي الذكرى الثمانين لتأسيس حزبنا الشيوعي العراقي المجيد وتثميناً لجهود ونضالات شخصيات عمالية ونقابية، ساهمت بقسط كبير في الدفاع عن مصالح وحقوق الطبقة العاملة العراقية، وكل ابناء شعبنا، وضحت بالكثير متحملة عذابات السجون والمعتقلات والمنافي التي قل نظيرها وأفنت زهرة شبابها على هذا الطريق المشرف. وعرفانا منا بجميلها ووفاء لها، يقوم حزبنا الشيوعي العراقي بتكريم كوكبة من هؤلاء المناضلين البواسل وستقوم منظماتنا المحلية بتكريم المناضلين الاخرين ، كل في مكانه ومنطقة سكناه.
طوبى لكم ولنضالكم المتفاني في سبيل الوطن الحر والشعب السعيد، شعار كل العراقيين المخلصين لوطنهم وشعبهم وطبقتهم العاملة.