وثائق وبيانات

كلمة الرفيق حميد موسى في المؤتمر الوطني التاسع لحزب التقدم والاشتراكية المغربي: نواجه مهمة اخراج الوطن من أزمته

ألقى الرفيق حميد مجيد موسى، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، كلمة أمام المؤتمر الوطني التاسع لحزب التقدم والاشتراكية المغربي، الذي انعقد في العاصمة الرباط ايام السبت حتى امس الاثنين.
في ما يأتي نص الكلمة:
الرفيقات العزيزات.. الرفاق الأعزاء
اسمحوا لي باسم رفاقكم في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، ورفيقات ورفاق حزبنا جميعا ان أحييكم، وان اعبر عن اعتزازنا بجهودكم ونضالكم المتفاني من اجل تقدم المغرب، وسعادة عموم شعبه وكادحيه، وان اتمنى لاعمال مؤتمركم الوطني التاسع كل النجاح، في انجاز مهماته وتحقيق شعاره "مغرب المؤسسات والعدالة الاجتماعية" .
الأعزاء مندوبات ومندوبو المؤتمر
لقد أثبتت تجارب شعوب بلداننا العربية في السنوات الاخيرة، الحاجة الملحة لبناء الديمقراطية وترسيخ مؤسساتها، والتخلص من نظم الاستبداد والدكتاتورية. فالديمقراطية الحقة بأبعادها السياسية والاجتماعية غير المشوهة، هي الاطار والطريق الأسلم لتحقيق العدالة الاجتماعية، وهي الأداة الفعالة لإطلاق عملية التنمية الوطنية المستدامة، وتطوير واستثمار طاقات بلداننا المادية والبشرية، لخير جماهير الشعب الواسعة، ولإرساء مقومات الاستقلال السياسي والاقتصادي والسيادة الوطنية الناجزة .
وهذا ما أكدته تجربتنا العراقية حيث ادت سنوات الديكتاتورية الدموية التي تجاوزت الأربعين عاما، واستبدادها المنفلت، وتركتها الثقيلة، وإفرازات الاحتلال الامريكي الدولي المقيت، وما ارتبط بها من تشوه اقتصادي- اجتماعي وسياسي، الى خراب ودمار عميقين في بنية الوطن ومسيرته. كما تفاقمت اوضاع البلد في شتى الميادين، فيما راح النشاط الإرهابي الإجرامي يتصاعد، والتعصب الطائفي الذي ابتلى به وطننا يتأجج، ليتحول عبر المحاصصة الطائفية - الاثنية، الى نهج معتمد في تشكيل مؤسسات الدولة وأجهزة الحكم، وليسمم العلاقات بين ابناء الشعب الواحد، ضاربا مبدأ المواطنة وحقوق الانسان، ومهددا وحدة البلد الوطنية.
وعملت كل هذه النزعات الشريرة والتدخلات الخارجية، الإقليمية والدولية، على إشاعة الفوضى، وزعزعة امن البلد الوطني، وأدت الى انتشار الفساد السياسي والمالي والإداري بشكل مرعب، في مفاصل الدولة ومؤسساتها، كما في المجتمع. وما زاد الطين بلة هو نمط التفكير اللا ديمقراطي المتفشي، والصراعات اللا شرعية بين الأوساط المتنفذة والمشاركة في الحكم. هذه الأوساط التي عجزت عن ادارة الدولة بطريقة سلمية، وعن تعزيز اللحمة الوطنية للعراقيين، وتوحيد إرادتهم الخيرة لصالح التوجه نحو بناء التجربة الديمقراطية الحقّة، وترسيخ مسيرتها المتصاعدة، بما يجسد مصالحهم المشتركة، وتقدمهم الى امام نحو بناء الدولة المدنية الديمقراطية الفيدرالية البرلمانية، الموحدة والمستقلة.
ايها الأعزاء
ان بلدنا يعيش ازمة بنيوية شاملة، مستعصية. ولم تجد الدعوات لحلحة هذه الازمة وإنقاذ البلد آذانا صاغية حتى الآن. وكانت بينها دعوة حزبنا والقوى الخيرة الاخرى من ابناء شعبنا الى عقد مؤتمر وطني، ثم الدعوة الى انتخابات مبكرة كحل سلمي ودستوري للازمة التي راحت تتفاقم. حتى وصلنا الى الانتخابات البرلمانية الدورية الاخيرة التي جرت في 30 نيسان 2014، وأنتجت توازنا للقوى في الهيئة التشريعية (التي ستعيّن السلطة التنفيذية) لا يعد بتحقيق تغيير ملموس يتيح تجاوز الازمة. بل ان هناك خشية من ان عوامل انتاج الازمة ومضاعفاتها يمكن ان تتفاعل وتدفع بالوطن الى ما لا تحمد عقباه.
الا انه ورغم كل هذه التجليات المقلقة، وتفاعلاتها المؤذية، توجد في شعبنا وقواه الوطنية الخيرة طاقات تستطيع اذا ما توحدت، وأحسنت تجميع وتوظيف إمكانياتها وتنظيم قواها، ان تشكل اداة ضاغطة في اتجاه التغيير والاصلاح الحقيقيين، وبناء العراق المدني الديمقراطي وتحقيق العدالة الاجتماعية.
ايها الأعزاء
لقد عانى رفاقكم في الحزب الشيوعي العراقي الكثير من الدكتاتورية الفاشية المقبورة، لكنهم لم يتخاذلوا، بل صمدوا وواصلوا نضالهم ضد حكم الاستبداد والقهر، من اجل إسقاطه والخلاص منه، وقدموا خلال ذلك أغلى التضحيات.
لقد وقفنا ضد الحرب والغزو والاحتلال، وكان شعارنا (لا للحرب.. لا للديكتاتورية). وحين اصبح الاحتلال واقعا قائما، عملنا مع كل القوى الوطنية العراقية، على توفير جميع المستلزمات السياسية والمادية لجلاء قوات الاحتلال، وإنهاء وجوده واستعادة حرية البلد واستقلاله وسيادته الوطنية.
واليوم ونحن نواجه مهمة اخراج الوطن من أزمته العامة، ومعالجة عوامل التعثر في مسيرته، واستعادة عافيته، نعمل على تفعيل وتوسيع دائرة تحالفنا المدني الديمقراطي، والتعاون مع كل القوى ذات الإرادة الصادقة والنية الحسنة والشعور بالمسؤولية الوطنية، لوضع مسيرة الوطن على الطريق الصحيح، المفضي الى الخلاص من نهج حكم المحاصصة الطائفية الاثنية، وبناء الديمقراطية الحقة، ودولة المؤسسات والقانون، وضمان حقوق الانسان واحترام حرياته، واستثمار ثرواته الغزيرة لمصلحة الشعب، وبما يحقق الرفاه والازدهار والعدالة، وتحديث وتطوير اقتصاد البلد وطاقاته الانتاجية، واستعادة مكانته الدولية، وبناء علاقاته الخارجية على اساس التكافؤ والاحترام والمنفعة المتبادلة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
رفاقي الأعزاء
نحن على ثقة في ان مؤتمركم العتيد سيتخذ من القرارات ويرسم من التوجهات، ما ينفع كادحي المغرب، ويعزز السعي الى تحقيق الرفاه والسعادة لشعبه، وتوطيد حريته وسيادته الوطنية، وما يقوي صفوف حزبكم المناضل، ويطور دوره في الحياة السياسية والاجتماعية في بلدكم الشقيق، ويؤهله للعب دوره المنشود في التضامن مع نضال شعوب البلدان العربية الاخرى، من اجل الديمقراطية والسلام والتقدم الاجتماعي.
النجاح للمؤتمر الوطني التاسع لحزبكم الشقيق- حزب التقدم والاشتراكية المناضل.