وثائق وبيانات

كلمة الحزب الشيوعي العراقي في الذكرى السابعة والستين لنكبة فلسطين*

منذ ان نشأت الدول الاستعمارية قبل بضعة قرون، وهي لا تتعفف عن ممارسة اية وسيلة مهما كانت قذرة للهيمنة على مقدرات الشعوب، ونهب ثرواتها، وفي سبيل ذلك شنت حروباً وابادت شعوباً، وتآمرت واغتالت الكثير من القادة والشخصيات الوطنية، لتأمين مصالحها ومصالح حلفائها، رغم انها تبيعهم في سوق النخاسة، عندما تنتهي الفائدة منهم، عدا إسرائيل مدللة البيت الابيض وساكنيه على مدار وجودها، ومنذ ان زرعها الانكليز والامريكان في قلب الوطن العربي، في فلسطين الشهيدة، لا حباً بلّم شمل الصهاينة شذاذ الآفاق، كما يدعون، وانما ليجعلوا منها قاعدة عدوانية متقدمة ودائمية للسيطرة على منطقة الشرق الاوسط الحيوية جدا بالنسبة لمصالحهم الطبقية ومشاريعهم الامبريالية.
ولهذا فهم حريصون جدا على ابقائها متفوقة على العرب جميعاً، ولا يبخلون عليها بشيء، لا في التسليح ولا في التمويل ولا في توفير الغطاء السياسي وشرعنة عدوانها المستمر على الشعب الفلسطيني وكل شعوب المنطقة.
بيد ان النكبة الكبرى في عام 1948، لم تكن لتحصل لو كانت الانظمة العربية الرسمية صادقة في دفاعها عن فلسطين وشعبها وذلك لافتقادها اساسا الى اي قدر من الوطنية والكرامة القومية، وايغالها في اضطهاد شعوبها، ومصادرة حقها في تقرير مصائرها، وحرمانها من حرياتها الديمقراطية، ومن كل ما يمت بصلة للحياة المدنية العصرية، الامر الذي اضعف الى حد بعيد، امكانية الجماهير العربية المتعطشة الى تقديم المساعدة والدعم والمشاركة الفعلية في الدفاع عن الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
لقد خانوا القضية الفلسطينية وتواطؤا بكل خسة مع الصهاينة وحماتهم الامبرياليين وما زالوا الى يومنا هذا مستمرين على ذات النهج الخياني، رغم الصراخ الاعلامي وبعض المساعدات الطفيفة التي لا تغني ولا تسمن من جوع، ورغم الشعار البراق " كل شيء من اجل المعركة " الذي رفعته الانظمة القومية والرجعية على حد سواء، من دون ان يكون له نصيب على ارض الواقع.
وفي كل يوم يمر، تسعى اسرائيل الى اضافة حقائق جديدة على الارض، وفرضها كأمر واقع، فهي تواصل الاعتداءات العسكرية، وعزل غزة وبناء المستوطنات وتوسيع الجدار العازل وكل ذلك يجري وسط تواطؤ امريكي مكشوف، رغم ما يبدو من تغييرات شكلية في سياسة اوباما اتجاه التعامل مع قضايا الشرق الاوسط عموماً، وقضية فلسطين خاصة، سيما لجهة التشديد على اقامة الدولتين، فضلا عن الآثار السلبية لاستمرار الانقسامات في صفوف القوى الفلسطينية، والعجز الواضح في النظام العربي الرسمي عن دعم الشعب الفلسطيني واسناد قضيته. وبدلا من هذا نرى عددا من الدول العربية، وهي تتسابق للتطبيع مع اسرائيل قبل ان تفي هذه بكامل التزاماتها وفقا للشرعية الدولية.
ان تجربة السنوات السابقة، قد برهنت على فشل المراهنة على الموقف الامريكي وضرورة التوجه الى الالتزام بمرجعية القرارات الدولية ومؤسسات الامم المتحدة، بما في ذلك القرارات ذات العلاقة بانسحاب اسرائيل الى حدود ما قبل الخامس من حزيران 1967، وبقضايا اللاجئين والقدس.
ان وضوح الرؤية الفلسطينية وتحقيق الوحدة الوطنية والتوجه الى حشد التأييد العربي والدولي والاستناد الى النضال البطولي للشعب الفلسطيني، والاستفادة من زخم الحراك الشعبي في المنطقة، المتعاطف اصلا مع الحقوق العادلة للشعب العربي الفلسطيني اضافة الى المتغيرات الدولية، تحظى باهمية استثنائية في الظروف العصيبة الراهنة، وتوفر الارضية المناسبة للانطلاق بزخم اكبر والاقتراب من الهدف النهائي في ضمان حقوق ومصالح الشعب الفلسطيني.
لقد ساند حزبنا الشيوعي العراقي، ومنذ اللحظات الاولى لتأسيسه النضال الوطني التحرري للشعب الفلسطيني وقدم كل ما في استطاعته لنصرته وتعزيز صموده، سياسيا وجماهيريا وماديا واسهم العديد من الشيوعيين العراقيين واصدقائهم في القتال الى جانب اشقائهم الفلسطينيين ضد الآلة الحربية العدوانية لاسرائيل، وقدموا الشهداء دفاعا عن هذه القضية النبيلة، وهم يواصلون اليوم السير في ذات الطريق المشرف لتوفير اقصى ما يستطيعون من دعم واسناد للقضية الفلسطينية عبر اصلاح العملية السياسية الجارية في بلادنا، وانقاذها من عصابات داعش وسائر الارهابيين، وقبل هذا وذاك انقاذها من سياسيي الصدفة الذين اعتلوا مفاصل مهمة في السلطة وتحكموا برقاب العراقيين في غفلة من الزمن، هؤلاء الذين يجرون البلد الى نكبة ربما لا تقل خطراً وتدميراً عن نكبة الشعب الفلسطيني على يد الكيان الصهيوني. وما يجري في الانبار حالياً واحتمال سقوطها كاملة بيد وحوش داعش، ليس غريبا عن خطاباتهم الطائفية والمتخلفة، وتغليبهم مصالحهم الانانية الشخصية والفئوية والحزبية الضيقة على مصلحة الشعب والوطن، وارتهان العديد منهم الى اجندات خارجية، فضلا عن تعاون بعضهم مع داعش ومخططاتها الاجرامية.
سنواصل النضال مع كل الخيرين من ابناء هذا الشعب المنكوب، ودون كلل لاعادة العراق الى وضعه الطبيعي عربيا واقليميا ودوليا ليكون بمقدوره اسناد نضال الشعب الفلسطيني إسناداً حقيقياً وكل ما من شأنه جعل الموقف الفلسطيني صلباً، قوياً، وقادراً على انتزاع حقوق شعبه وبناء دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وسيظل الشيوعيون العراقيون امناء لنهجهم المبدئي الثابت في دعم واسناد الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتقديم كل ما باستطاعته لهذا الشعب البطل، والمكافح من اجل حريته وسعادته.
تحية الاكبار والاعتزاز للشعب الفلسطيني في نضاله العنيد من اجل دولته الوطنية المستقلة، والنصر آت لا محالة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
*القاها الرفيق محمد جاسم اللبان عضو المكتب السياسي للحزب في المهرجان التضامني العراقي الفلسطيني الذي اقيم يوم امس في بغداد.