وثائق وبيانات

بيان اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي في مناسبة الذكرى الـ 81 لتأسيسه : نحتاج الى منهج سياسي ونمط تفكير جديدين

لقد نشأ حزبنا الشيوعي العراقي، كضرورة موضوعية للتعبير عن مصالح الطبقة العاملة والجماهير الشعبية، وظهر للوجود بعد ان شهدت ساحة النضال الوطني، مساهمة واضحة من جانب العمال، وبعد ان اندمجت حركة الطبقة العاملة، بالفكر الماركسي الذي حمله عدد من المثقفين الثوريين.
في 31 آذار 1934 اندمجت الخلايا الماركسية في البصرة والناصرية وبغداد، على يد كوكبة من المناضلين الأفذاذ، يتقدمهم "يوسف سلمان يوسف" (فهد)، لتشكل لجنة "مكافحة الاستعمار والاستثمار" والتي تحولت تسميتها بعد مرور سنة واحدة إلى الحزب الشيوعي العراقي.
ومنذ لحظة التأسيس انغمر الشيوعيون في كفاح مفعم بالتضحية ونكران الذات، من اجل المصالح الجذرية للشعب والوطن، وفي مقدمتها قضايا العمال والفلاحين، وسائر الكادحين، كفاح من اجل الحرية للشعب، واستقلال البلاد الناجز وتحررها السياسي والاقتصادي، وضمان حقوق القوميات، وخصوصاً الحقوق المشروعة للشعب الكردي، وقوميات شعبنا الأخرى، وفي سبيل السلم والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، والوقوف إلى جانب قضايا الشعوب العادلة، خاصة الشعب الفلسطيني، وبقية الشعوب العربية، وتحررها واستقلالها وتقدمها، والانتصار لسائر الشعوب المناضلة من اجل الحرية والاستقلال والديمقراطية والاشتراكية.
إن مسيرة الشيوعيين المفعمة بالعطاء والنضال المتفاني، أثارت حفيظة وحقد الطغاة، بدءاً من "نوري سعيد" وانتهاء بـ "صدام حسين" لأنهم رأوا في الحزب الشيوعي مصدر خطر، يهدد مصالحهم الطبقية والسياسية، فأعدم قادته الإبطال "فهد، حازم، صارم، سلام عادل، جمال الحيدري، ومحمد صالح العبلي" وجرت تصفية الآلاف غيرهم من كوادر الحزب وأعضائه، كما تعرض مئات الآلاف من مناضليه عرباً وكرداً، تركماناً، والكلدو اشوريين السريان، وأرمن، مسلمين ومسيحيين، ومندائيين، وايزيديين، ومن كل أطياف شعبناً العراقي. إلى شتى أنواع التعذيب والسجون والملاحقات البوليسية، دون أن تفت في عضد الشيوعيين أو تثنيهم عن نضالهم الشجاع في سبيل الوطن الحر والشعب السعيد.
لقد ذهب الحكام المستبدون، الذين ناصبوا الحزب الشيوعي العداء إلى مزبلة التاريخ، وظل الحزب سنديانه حمراء سامقة، تظلل أغصانها الوارفة ارض العراق من كردستانه إلى أقصى جنوبه، لأنه اهتدى مبكراً، إلى مصدر القوة، وينبوع الصمود، إلا وهو الصلة الحية بالجماهير، مبرر وجود الحزب، وسرقوته، وستظل بناته وأبناؤه البررة، يعملون من اجلها، كما هو شأنهم دائماً وابداً، مهما اشتدت الصعاب وغلت التضحيات، ولهذا فلن تستطيع قوة على الأرض تهميش دورهم أو تغييبه.
إن (31) آذار من كل عام، هو يوم خالد في تاريخ العراق السياسي الحديث، وهذا العيد لا يخص الشيوعيين وحدهم، بل هو ملك لكل العراقيين، الذين يناضلون من اجل عراق ديمقراطي اتحادي موحد، ترفرف عليه رايات العدالة الاجتماعية والمساواة.
تمر علينا الذكرى هذا العام، والعراقيون يعيشون أوضاعا في غاية الصعوبة، ووسط أكداس من المشاكل والتعقيدات، التي قل نظيرها في عالم اليوم، فالتركة الثقيلة للنظام الديكتاتوري، والغزو الأمريكي للعراق، واحتلاله، وأساس البلاء المحاصصة الطائفية- الاثنية، أنتجت مجتمعة تجربة سياسية مشوهة، ودولة مشلولة، يعصف بها الإرهاب والفساد، والصراعات العبثية بين فرقائها المتنفذين، بحيث لم تستطع تأمين الحد الأدنى من واجبات الدولة الحديثة تجاه مواطنيها، لا في تحقيق الأمن والاستقرار ولا في توفير الخدمات الضرورية من ماء وكهرباء وسكن وصحة وتعليم، ولا في مكافحة البطالة، وتقليص نسبة الذين يعيشون تحت مستوى خط الفقر، ولا في أي شيء أخر، وأضيف لها في عهد الحكومة السابقة، سياسة التهميش والإقصاء للشركاء السياسيين، ونزعة التفرد بالسلطة، والاستحواذ على جميع مفاصلها، الأمر الذي ساهم مساهمة رئيسية في صناعة "داعش" وتدنيسها ثلث الأراضي العراقية.
إن كوة الأمل التي انفتحت بمجيء الحكومة الجديدة، تحتاج إلى مستلزمات وشروط لا غنى عنها، لكي تتسع، وتشمل كل الميادين السياسية والاقتصادية - الاجتماعية، والعسكرية - الأمنية، ومن أهم هذه المستلزمات، اعتماد نهج سياسي، ونمط تفكير جديدين، ينهيان مرحلة الانفراد بأتخاذ القرار السياسي، ويشرك الآخرين فيه، ويكون في سلم أولوياته، إنهاء المحاصصة بكل تلاوينها، والاحتكام إلى مبدأ المواطنة، وتكافؤ الفرص إمام كل العراقيين دون استثناء، ومحاربة الفساد المالي والإداري بجدّية اكبر، وتصحيح الإستراتيجية الاقتصادية للدولة، بما يضمن تفعيل القطاعات الإنتاجية، الصناعية والزراعية، ويصون مصالح الفقراء وذوي الدخل المحدود، والتعامل مع موضوعة المصالحة الوطنية بروحية جديدة، وعبر مؤتمر وطني لايستثنى أي فصيل من الفصائل السياسية التي ناهضت الدكتاتورية، وأمنت بالديمقراطية منهجاً وسلوكاً، والعمل في ذات الوقت على إعادة هيكلة القوات المسلحة العراقية، وحصر السلاح بيد الدولة، وتوفير كل ما من شأنه القضاء على الخطر الأول الذي يهدد العراق وشعبه، خطر "داعش" والمنظمات الإرهابية الأخرى، ومعالجة مشكلة النازحين بما يضمن عودتهم الآمنة إلى مناطقهم الأصلية وتعويضهم عن كل ما أصابهم.
وهنا لابد من الإشادة، وتقديم الدعم والمساعدة الكاملين لقواتنا المسلحة الباسلة، ورجال الحشد الشعبي، والبيشمركة، وأبناء العشائر، الذين يسطرون أروع الملاحم القتالية، ضد الدواعش القتلة، ومن يقف وراءهم، للانتهاء من هذا الملف المأساوي، والتفرغ لإعادة بناء العراق من جديد على أسس السلام والمحبة والتسامح والديمقراطية. ولابد للجماهير الشعبية العراقية، أن تقول كلمتها في تعديل ميزان القوى، لصالح العراق وأهله، ولصالح الديمقراطية وحملة لوائها الحقيقيين.
عاش شعبنا العراقي المُتطلع دوماً صوب التقدم والأزدهار.
عاش الحزب الشيوعي العراقي، رمزاً للوحدة الوطنية، وللدفاع عن مصالح الكادحين وحقوقهم.
المجد لشهداء الحزب، والحركة الوطنية والديمقراطية.
اللجنة المركزية
للحزب الشيوعي العراقي
آواخر آذار 2015