من الحزب

كلمة الحزب بمناسبة يوم الشهيد الشيوعي: التغيير يتطلب تنمية الحراك الجماهيري الشعبي

الرفيقات ..الرفاق الاعزاء
الاخوات والاخوان الكرام
الحضور الكريم

في الرابع عشر من شباط هذا العام يمر خمسة وستون عاما على ذاك اليوم الذي اعتلى فيه قادة حزبنا الشيوعي الاماجد فهد السكرتير العام ومؤسس الحزب، ورفيقاه صارم وحازم، عضوا المكتب السياسي، اعواد المشانق دفاعا عن المثل والمبادئ النبيلة، مفتتحين طريق البطولة الذي سارت عليه من بعدهم قوافل متعاقبة، مخترقةً حلكة الظلام، ومُطلعةً فجر الحرية لوطن عشقته وأسكنته المقلتين، ومؤسسةً لقيم التضحية في سبيل حرية الوطن وسعادة الشعب.. ولتستمر قوافل الشهداء الخالدين الذين جادوا بانفسهم وارواحهم الطاهرة، مسترخصينها قربانا للقضايا الانسانية، ومن اجل عالم تسوده الحرية والعدالة الاجتماعية والاشتراكية.
وعلى مدى ثمانية عقود، وهو عمر الحزب الشيوعي، ظل الشيوعيون العراقيون لا يبخلون بالتضحيات في المعارك الوطنية والطبقية، التي امتدت من ذرى كردستان حتى بطاح البصرة، وبروح اقتحامية في مواجهة انظمة الاستبداد والعسف والتجهيل والظلم. ورغم تلك السنين المثقلة، ورغم ما في القلب من غصة، وفي الروح من حزن وحسرة، بقيت تلك القوافل مُعلما و مَعلماً لكل العراقيين، ونبراساً ملهماً لنضال اجيال الشيوعيين، ومثالاً متجدداً للتحدي والاقدام والايمان بقضية الوطن والحزب.
وبقي الشيوعيون قادرين على التجديد والزهو رغم كل الجراحات، لان شجرتهم الوارفة تستمد نَسغَها من صدق قضيتهم، التي ترَسخت جذورها في تراب العراق العزيز، وازهرت اغصانها تحت شمسه البهية.
ورغم لوعة الفقدان التي تكوي الروح، وغصة الألم التي تعتصر القلب، وما يتركه الحزن في الذاكرة من مرارات، نحتفل كل عام بيوم الشهيد الشيوعي ، ويبقى كل احرار العراق محتفين معنا، ومستذكرين بفخر المآثر التي اجترحها أولئك الغيارى من فتية وصبايا الحزب، من العرب والكرد والتركمان والاشوريين والكلدان والسريان والايزيدين والصابئة المندائيين.
أنه اكبر من مآتم للندب، واوسع من مناسبة للتعبئة، واعمق من وقفة تأمل، واشمل من فرصة للتضامن والتعاضد .. أنه يوم للفخر بكوننا حزباً للشهداء، لا حباً بالموت، بل ادراكاً واعياً للحياة، لضرورة ان نسترخص الدم الغالي من اجل ان يعيش البشر بحرية وكرامة وعدل، ومن اجل ان تعود للانسان آدميته المستلبة.

الرفيقات والرفاق الاعزاء
أيها الحفل الكريم
نستذكر اليوم مآثر شهدائنا وعامة شهداء الحرية والوطن، الذين حلموا بعراق جديد يحفظ كرامتهم ومستقبل الاجيال، نستذكرها وبلادنا تشهد المزيد من التعقيدات والتدهور في ظل ازمة بنيوية عامة، تزداد في ظلها معاناة المواطنين وبؤسهم، والخشية من المستقبل، ومن تطورات الاحداث المفتوحة على كل الاحتمالات، التي احلاها مر وقد يؤدي الى الأسوأ. فالدولة ما تزال تعاني من سوء الادارة لمؤسساتها التنفيذية والتشريعية، ومن استمرار التدهور المعيشي لقطاعات واسعة من المواطنين، ومن تدني مستوى الخدمات في مجالات النقل والسكن والتعليم والصحة والكهرباء، وبقاء نسبة من هم تحت خط الفقر مرتفعة، رغم تعاظم عائدات الموارد النفطية، التي توزع بشكل غير عادل.
وما يزيد من خطورة الاحداث هذا التدهور الامني المريع، الناجم خصوصاً عن تصاعد العمليات الارهابية والتخريبية الاجرامية، التي تقوم بها المنظمات الارهابية والتكفيرية كداعش ومثيلاتها، والتي ارتبط بها انطلاق العمليات العسكرية الاخيرة في الرمادي والفلوجة والمناطق الاخرى. ونتيجة لهذه الأوضاع الأمنية المتردية والتفجيرات الارهابية والعمليات العسكرية، تزهق ارواح المئات بل الالاف من العراقيين الابرياء، وتشرد عشرات الالاف من العوائل، كما تتواصل اعمال التهجير على الهوية، مما يلحق افدح الأضرار بوحدة النسيج الوطني لشعبن.
ان سوء ادارة البلاد وازمة نظام الحكم والتخبط وانعدام الحكمة والعقلانية وسيادة الحزبية الضيقة والتفرد في السلطة وعدم وجود رؤية واضحة لبناء الدولة ومؤسساتها، ان هذا كله وظفته التنظيمات الارهابية لزيادة تواجدها وبناء حواضنها، وتأمين امتدادات بشرية جديدة، اضافة الى بقايا البعثيين الصداميين ايتام النظام المقبور.
لقد اكد حزبنا، مرارا، ان معالجة الملف الامني يجب الا تقتصر على العمليات العسكرية - الامنية، بالرغم من اهميتها، بل لا بد من حزمة اجراءات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية واعلامية، وبضمنها التخلص من الفساد المستشري في مؤسسات الدولة باعتباره الوجه الاخر للارهاب.
ومع مرور الوقت وتدهور الاوضاع الامنية والسياسية واستمرار الاستقطاب الطائفي ، الى جانب تنامي اتجاهات التفرد بالسلطة وتأجيج الخطاب الطائفي المتغطرس، وزيادة مظاهر ضعف الاداء الحكومي والبرلماني، فان ذلك يؤكد تمسك القوى المتنفذة بنهج المحاصصة الطائفية الاثنية المقيت، والذي لا فرصة لتحسين الاوضاع ومعالجة الازمات المتكاثرة دون الخلاص منه، ودون تغيير موازين القوى السياسية لصالح المشروع الوطني الديمقراطي، عبر تحالف وطني شعبي ومدني ديمقراطي واسع، عابر للانتماءات الطائفية والاثنية، يفتح الطريق نحو الحفاظ على وحدة الوطن ويَبعد شرور الاحتراب الاهلي.
ان حزبنا والقوى الديمقراطية الخيرة يواجهون اليوم تحديا كبيرا، يتمثل في وضع العملية السياسية على السكة السليمة، لتحقيق التغيير المنشود واقامة الدولة الديمقراطية المدنية. وهذا التحدي يمر عبر خوض انتخابات مجلس النواب التي ستكون ، بحق ، معركة سياسية فكرية شرسة مع المشروع الطائفي الفاشل. وان خير ما فعلت قوى التيار الديمقراطي، ومنها حزبنا، هو تشكيلها قائمة " التحالف المدني الديمقراطي " لتقتحم ساحة الانتخابات بمرشحين وبرنامج يهدف الى خدمة المواطنين، عبر تحقيق مكاسب افضل لهم، وتأمين الامن والحريات والخدمات والضمان الاجتماعي.
لقد اصبح التغيير ضرورة لا بد منها، ونعني التغيير في النهج والممارسة، وفي نمط التفكير. وهذا غير يممكن التحقيق من دون تنمية الحراك الجماهيري الشعبي، وتوحيد قيادته وتحسين ادواته ووسائله واساليبه النضالية، واطلاق المبادرات الشعبية.

نقول للشهداء وهم يشكلون للعراق ظل نخيل باسق
نقول مجداً وسلاماً لهم.. لنهر الدم والدموع الذي روّى تراب بلادنا
نقول مجداً وسلاماً.. للفتية الذين جادوا بأنفسهم، وتركوا بسمات الفخر على وجوه وشفاه الاطفال
نقول مجداً وسلاماً.. للفتية والصبايا الذين أضاءوا لنا الطريق، ليبزغ فجر عراق الحرية والمساواة والسيادة والديمقراطية والسلام
فألف تحية اجلال واكبار لشهداء الحزب الشيوعي العراقي وشهداء عموم الحركة الوطنية
وتحية تقدير واكبار لعوائلهم وتضحياتها الكبيرة
وعهداً على مواصلة النضال لاكمال المسيرة .. نحو وطن حر وشعب سعيد.
والسلام عليكم.