من الحزب

مَثَل وقدوة لنا .. سلام عادل / محمد جاسم اللبان

نحتفي هذا اليوم بعلم من إعلام النضال والثقافة والإنسانية، برمز من رموز البطولة الفذة في مقاومة الظلم والاضطهاد والعسف والهمجية، نحتفي بأسطورة الصمود والتحدي، إمام أعداء الشعب وخونة الوطن، الذين أرادوا أن تظل سماء العراق داكنة سوداء إلى ابد إلا بدين.
انه الشهيد «حسين احمد الرضي» السكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي والمعروف عراقياً وعربياً وعالمياً، بأسم «سلام عادل» ابن النجف والعراق البار، الذي اغترف بكلتا يديه وبكل مشاعره، ومنذ يفاعته حب الناس والدفاع عن الفقراء والمحرومين، لأنهم بالنسبة له ولحزبه كانوا وما زالوا وسيظلوا ملح الأرض، وبناة الحضارة والتاريخ.
لقد نذر الشهيد نفسه، كما هو حال الشيوعيين دائما، من اجل سعادة شعبهم، والارتقاء به إلى مصاف شعوب العالم المتحضرة. من اجل عيش رغيد لسائر العراقيين، يوفر لهم الأمن والاستقرار الدائمين، والخدمات جميعها من كهرباء وماء وصحة وتعليم وسكن مريح، وحريات سياسية وفردية، وديمقراطية حقيقية يستطيع العراقي بها، ومن خلالها أن يشعر بآدميته، ويحصل على كامل حقوقه بعيداً عن المحسوبية والمنسوبية، والفساد المالي والإداري الذي لوّث المجتمع العراقي ألان واخترق كل مساماته. من اجل أن يفخر العراقي بعراقيته، وبانتمائه إلى هذا الوطن ا?حبيب، وطن الأمجاد والحضارات، نقيضاً للمحاصصة الطائفية والاثنية التي دمرت العراق وأوصلته إلى الحضيض.
من اجل أن يحصل العامل والفلاح وسائر الكادحين على حقوقهم كاملة غير منقوصة، وان يكون لهم القدح المعلّى في بناء الوطن، والانتقال به إلى ذرى جديدة من التقدم والازدهار. من اجل أن تتبوأ المرأة بأعتبارها نصف المجتمع، وهي التي تلد وتربي النصف الأخر مكانتها اللائقة بها، وليس سجنها بين جدران أربعة، فالشعوب والمجتمعات يقاس رقيها وتقدمها بالمكانة التي تحتلها المرأة فيها، والابتعاد كلياَ عن التعامل معها كجارية أو سلعة تباع وتشترى. وكذلك الشباب الذين بدونهم لايستطيع المجتمع التحرك إلى إمام قيد أنملة، بل يصبح حاله حال ?لسيارة القديمة التي نضب وقودها، وغارت عجلاتها في رمال الصحراء.
لقد ضحى الشهيد البطل «سلام عادل» ومعه آلاف الشيوعيين والوطنيين والديمقراطيين، بحياتهم الغالية لكي تعلو الابتسامة شفاه الأطفال واليتامى والأرامل والثكالى، ولكي لايظل عراقي مهما كان لونه وجنسه وقوميته ودينه وطائفته، يعاني من الجوع أو الجهل أو المرض.
استلم الشهيد قيادة الحزب وهو في عز الشباب، واستطاع خلال فترة قصيرة أن يثبت سماته القيادية الرائعة، وان يعيد وحدة الشيوعيين العراقيين، وان يحقق نقلة نوعية في ميدان التحالفات والجبهات الوطنية، التي تجسدت بقيام جبهة الاتحاد الوطني في 9 آذار 1957، وكانت الذراع السياسي لثورة 14 تموز المجيدة.
وفي كراسه الشهير (رد على مفاهيم قومية تصفوية) الذي صدر عام 1957 أيضا أكد الشهيد «سلام عادل» على هذه الوجهة السليمة بلغة بليغة (نحن ننتهز هذه الفرصة للتأكيد مرة أخرى بأننا على استعداد لمد أيدينا لمن يمدّ لنا يداً واحدة، إذا كان الأمر يتعلق بخدمة جماهير شعبنا ومصلحة تحرر وطننا). واستطاع الشهيد قيادة الحزب بألمعية مشهودة في فترة من أصعب واخطر الفترات التي مرت بالعراق في العصر الحديث، وهي الفترة الممتدة من عام 1958 إلى يوم اغتيال الثورة في 8 شباط الأسود، وتوجّها بالموقف البطولي من جلاديه وسفاحي دماء الشعب ال?راقي. هذا الموقف الذي يليق به وبحزبه المجيد، في نضاله من اجل الوطن الحر والشعب السعيد.
من أقواله المأثورة والخالدة (لافضل لأحد على الحزب، بل للحزب فضل على الجميع). لا يكتمل احتفاءنا بهذا القائد النموذج والبطل الفذ، إلا بأتخاذ سيرته ونضاله وبطولته مثلاً أعلى، وقدوة تحتذى في نضالنا الجسور، لخدمة عراقنا الجريح، وإنقاذه من المحنة التي وجد نفسه فيها دون ذنب جناه، سوى تطلعه صوب الشمس لتنير له حياته، وتطرد فلول الظلام الجاثمة على أنفاسه ووجوده كله. وليس غير شمس الشيوعيين وكل المخلصين لشعبهم، من يستطيع تحقيق هذا الهدف الأثير لكل عراقي وعراقية.
لايسعنا في الختام، إلا التقدم بالشكر الجزيل، والعرفان الجميل، للسادة المحترمين أعضاء مجلس وبلدية قضاء النجف لإطلاقهم اسم شهيدنا البطل سلام عادل على احد الشوارع الرئيسية في مدينة النجف الاشرف، والشكر موصول لكل من ساهم في هذا العمل النبيل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* القاها الرفيق محمد جاسم اللبان عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي في الاحتفال المقام في النجف احياءً للذكرى الـ 51 لاستشهاد القائد الشيوعي سلام عادل.