من الحزب

الاحتفاء بـ"رواد الاستنساخ" .. احتفاء بشارع المتنبي المناضل*

أيها الحضور الكريم..تحية الصباح وجمعة الثقافة..
لقد ازدانت أيام العام الثمانين لميلاد حزبنا الشيوعي العراقي بباقة من الاحتفاءات بالمناضلات والمناضلين والفنانين والأدباء والرياضيين والنقابيين، وأمامنا أيضا احتفاءات أخرى، ولكن لاحتفاء اليوم طعما مختلفا ونكهة خاصة، فاليوم نحتفي بكوكبة من رواد استنساخ الكتب في شارع المتنبي، لنقدر ونكرم دورهم المتميز أيام الطغيان الأسود، وهم يديمون معركة حروف الرفض والمعرفة والتنوير.
أيتها العزيزات..
أيها الاعزاء..
ان السرور يغمرنا ونحن نحتفي اليوم هنا، في عرين الثقافة العراقية، بهؤلاء الرواد الشجعان، الذين تحدوا الظلام المطبق المفروض من قبل نظام الجهل والقهر، يوم كان مثل هذا التحدي مأثُرة حقيقية، واخترقوا حجب العتمة جسورين باعادة طباعة الكلمة الحرة الممنوعة، و اطلقوا موجها المضيء ولو في فضاء محدود.
وان احتفاءنا بهم هو في الوقت عينه احتفاء بشارع المتنبي المناضل، الذي هو وجه بغداد ورئتها وقلبها النابض. فكما لم يقدر ضباط الأمن الصدامي على النيل من هوية هذا الشارع، ومن كتبييه ورواد استنساخ الكتب الممنوعة والنافدة فيه، ومن مكتباته، رغم العيون المتلصصة و الآذان المشنفة، كذلك لم يفلح الارهاب الاعمى في النيل من رمزية الشارع، حين استهدفه في 5 آذار 2007 ودمّره وشوّه معالمه وقتل مقهاه وأرصفته وبعضا من اسمائه. ولم يتمكن طغاة الأمس وفاشيوه جميعا، ومعهم ارهابيو اليوم، من مسح نقاط الحبر المضيئة التي أنارت ظلمة البيوت العراقية، وبصرّت الناس وغذت عقولهم. مثلما عجزوا ازاء الاسماء التي بقيت تشع في جوانح القوى الوطنية وفي ضمير الشعب، وها هي عناوين ما ابدعوه في ذلك الزمن الصعب الصعب، تتلألأ في الرفوف، مبرهنة على ان الكلمة الشريفة الحرة الملتزمة، أقوى وأعلى وأبقى من القيود والظلام والكهوف.
وفي هذه المناسبة ومن هذا المكان، ندعو الحكومة ووزارة الثقافة تحديدا الى تكريم رواد الاستنساخ في شارع المتنبي، باعادة طبع الكتب التي غامروا باستنساخها وتوزيعها سرا في زمن النظام الدكتاتوري المباد، واعادة نشرها في طبعات جماهيرية رخيصة الثمن. كذلك ندعو الحكومة ووزارة الثقافة ووزارة السياحة والآثار الى تحويل منطقة القشلة والسراي والمتنبي عموما الى حاضرة ثقافية عصرية، وان يكلف معماريونا و بضمنهم زها حديد بتصميم هذه الحاضرة، و الافادة في ذلك من مليارات الدنانير التي خصصت لهذا الغرض، والتي جرت مناقلتها الى وزارات أخرى.
أيها الحضور الكريم....
ان الحرب التي يستعر أوارها اليوم بين الشعب وقوى العملية السياسية الديمقراطية من جانب، والارهاب بألوانه كافة من جانب آخر، انما هي حرب بين ثقافتين متضادتين: ثقافة العلم والمعرفة والتنوير وشارع المتنبي، وثقافة الجهل والتخلف والتكميم والظلام. وان الاهتمام بهذا الشارع المناضل انما هو اسناد لجيشنا وشعبنا في معركتهما لدحر الارهاب.
تحية لرواد الاستنساخ الشجعان..
تحية لشارع المتنبي.. شارع الشعب والثقافة..
ــــــــــــــــــــــــــــــ
* كلمة الحزب الشيوعي العراقي في فعالية تكريم "رواد الاستنساخ"، ألقاها الرفيق د.عزت أبو التمن عضو المكتب السياسي للحزب