من الحزب

المحرر السياسي لطريق الشعب : حصر السلاح بيد الدولة بات امرا ملحا

شهد الملف الامني خلال الفترة الاخيرة تدهورا واضحا، تجلت ابرز معالمه في سيطرة داعش الارهابي على مناطق واسعة من بلادنا، وتهديده مناطق اخرى، رغم ما تبذله القوات العسكرية والامنية والبيشمركة والحشد الشعبي والمتطوعون من جهود وتضحيات كبيرة.
وفي مسعى لاستغلال الاوضاع غير الطبيعية التي يمر بها بلدنا، فقد نشطت مختلف الجماعات غير المنضوية تحت لواء الدولة ومؤسساتها، لتمارس اعمالا خارج سياق القانون وسيادته، ويقوم معظمها بعمليات تكاد تكون يومية، وفي مناطق مختلفة، من السطو المسلح الى القتل العمد والخطف وابتزاز المواطنين، للحصول على المال.. واحيانا، وبشكل خسيس، يتم انتزاع المال ثم قتل الضحية! فيما يتواصل مسلسل التفجيرات وعمليات " الانتحاريين " وما يلحقه ذلك من خسائر جسيمة بارواح الناس وممتلكاتهم، وما يشيع من يأس من قدرة المؤسسات الامنية على حفظ ارواح المواطنين والحد من النزف اليومي الذي تشهده مدننا، لا سيما بغداد ومناطقها المتعددة.
على ان الاخطر من كل هذا، هو ما يجري من اعمال قذرة تريد خلط الاوراق، وعرقلة تكامل الجهد الوطني المناهض للارهاب وداعش ومن لف لفها، واشاعة الفوضى، واجبار الناس على ترك مساكنها، وتتجلى في القتل على الهوية واستهداف مناطق معينة تعيش فيها اطياف شعبنا بسلام ووئام. فالظاهر ان هذا لا يروق لاصحاب النفوس الضعيفة والموتورين، والمتعصبين طائفيا وقوميا، ممن لهم مراميهم واجنداتهم المجرمة التي كلفت بلادنا وما زالت الكثير من الارواح والمال والزمن.
وفي هذا الوقت الذي يتوجب فيه ان تتجه كل البنادق ضد العدو المشترك، وهو الارهاب، وان يجري دعم كل جهد على طريق دحره والخلاص منه وتحرير مدننا من سيطرة المتخلفين والحاقدين والظلاميين، اعداء الانسان والحياة، في هذا الوقت لا بد من ان تفرض الدولة هيبتها وتقوم بضبط ايقاعات مختلف الجماعات المساهمة في عملية التصدي للارهاب، ووضعها تحت سيطرة وتوجيه مؤسسات الدولة المعنية وذات الصلاحية، وان تنهض بمهمة حماية كل المناطق والمواطنين على اختلاف منحدراتهم القومية والدينية والطائفية.
الا ان الوصول الى ذلك لا يخلو من صعوبة في ظل الفوضى العارمة والطانبة الآن، وفي ظل مساع لم تنقطع لايجاد كانتونات بشرية منعزلة، وجهود تبذل من اطراف عدة في اتجاه النيل من اللحمة الوطنية، وفرض وقائع مؤلمة على الارض تتعارض مع رغبة غالبية العراقيين وتطلعهم الى العيش بوئام وسلام وتآخٍ وتوافق مجتمعي بين مختلف الاطياف.
ان تمكين الدولة من اداء واجباتها لا ينسجم مع استمرار عمل الجماعات المسلحة المليشياوية بمختلف مسمياتها، على هواها وخارج دالة الدولة، وبقاء حركة السلاح خارج السيطرة. فلا سيادة لقانون مع قرقعة السلاح والتهديد به لتحقيق هذه الغاية او نلك. ومن هنا فان من الواجب والملح ان تتوجه الحكومة الجديدة، المؤمل انبثاقها قريبا، للتعجيل بسد الفراغ الحاصل في ظرف حساس ومصيري، بخطوة طال انتظارها، واصبحت مطلبا واسعا يرفعه الناس، ونعني بذلك تقنين حمل السلاح، وحصره تحديدا بالدولة، وعدم السماح بان يستخدم خارج ما هو مسموح به قانونا. وان من الضروري جدا ان يتضمن برنامج الحكومة هذا المطلب وآلية تنفيذه، وان يجد طريقه الى التنفيذ الفعلي، ليكون مؤشرا هاما على جدية تحويل الوعود الى عمل ملموس.
على ان ما هو آني وعاجل، ان يتم الكشف عن مقترفي الجرائم المشار اليها بحق ابناء شعبنا، واعلان نتائج التحقيق فيها على الراي العام، بغض النظر عن اسماء وهويات القتلة المجرمين، والجهات الداعمة والممولة لهم، وتقديمهم الى القضاء لينالوا جزاءهم العادل.