من الحزب

المحرر السياسي لطريق الشعب .. الكل معنيون بالتحرك لدرء الخطر

أعلن رئيس مجلس الوزراء السيد نوري المالكي، غداة جلسة المجلس أمس الأول الثلاثاء، عن مبادرة جديدة لجمع القوى السياسية.
وجاءت هذه المبادرة بعد اربعٍ سبقنها في الآونة الماضية، وأطلق أولاها نائب رئيس الجمهورية السيد خضير الخزاعي، وطرح الثانية رئيس مجلس النواب السيد النجيفي داعيا القوى السياسية للاجتماع تحت قبة البرلمان. وبعد ذلك جاءت مبادرة السيد مقتدى الصدر، التي عرض فيها استضافة القوى السياسية، واعقبتها مبادرة السيد عمار الحكيم، الذي دعا لاجتماع القوى السياسية، وتوقيع ميثاق شرف، ومناقشة هموم المواطنين.
وتعكس هذه المبادرات مجتمعة، أن الكل يدركون عمق الأزمة التي تعصف بالبلاد، وحالة الاستعصاء التي دخلتها، وما ينجم عنها من تزايد فرص واحتمالات انفجار الأزمة، وجرها العراق وشعبه إلى ما لا تحمد عقباه. وقد بدا جليا ان الطرائق والأساليب المعتادة المعتمدة، لم تعد كافية لدرء المخاطر المحدقة. لذلك انطلقت تلك الدعوات، التي تعكس - بصرف النظر عن كل شيء- رغبة في وضع حد للتصعيد، وإيقاف التدهور، والبحث عن سبل جديدة لمواجهة استحقاقات حل الأزمة.
طبيعي اننا، من جهتنا، نرى في ما يجري أمرا ايجابيا. فمن الضروري البحث عن سبيل ومنهج جديدين لمعالجة الامور، ما دام الطريق السابق لم يعد سالكا. صحيح ان المبادرات التي طرحت، بحكم طريقة صياغتها وما تنطوي عليه وما تسرب عنها من أفكار أولية، لا تفي بمتطلبات النجاح. إلا ان من الواجب التفكير بجد في الافادة من طابعها الايجابي ومن كل ما هو نافع وملموس فيها.
من جانب آخر يؤشر تعدد المبادرات، بحد ذاته، عدم وجود اتفاق بين المعنيين، وهم أطراف مسؤولة ومعنية بما يجري. لهذا فان الخطوة الاولى المطلوبة هي توحيد تلك المبادرات، والخروج منها بفكرة رئيسة يلتقي الجميع على اساسها. كما ان من الضروري الا تطرح في البدء أهداف كبيرة، بل ان يقتصر الامر على المتواضع الممكن، والذي يسحب فتيل الأزمة. كذلك يتوجب ان تلتزم الأطراف جميعا، عدم السماح بوصول الخصام الى مستويات تفجر الأوضاع.
لهذا فلا بد اولا وقبل اعلان الدعوة، من اتصالات دؤوبة مع كل الأطراف، لضمان حضور المعنيين، وعلى الأسس التي يجري التداول بشأنها. ثانياً وبالنظر الى ان الحكومة هي احد المبادرين، فمن الواجب ان تتخذ تدابير عاجلة تثبت سلامة النية، والاستعداد للتوصل الى نتائج ملموسة. ومن هذه التدابير حسم المزيد من قضايا المعتقلين نساءً ورجالاً، وتحريك التعامل مع بعض القضايا التي تعد مطالب مشروعة للمتظاهرين، واتخاذ إجراءات أخرى لإزالة حالة الاحتقان والرعب في الشارع العراقي، الناجمة عن انفلات المليشيات من الجانبين كليهما. ومن الواجب?ان يأتي هذا مرتبطاً بدعوة جادة وحقيقية، لتشكيل وفد مفاوض من المنطقة الغربية للتباحث مع الحكومة.
ان من الصعب الحديث عن مبادرة ناجحة في ظروف البلد المعقدة الراهنة، من دون توفير الشروط المذكورة. علما ان الأطراف المعنية تتحمل مسؤولية التباطؤ والتلكؤ في إبداء حسن النية، وفي اتخاذ الإجراءات التي تسهل اللقاء والحوار، والاتفاق على جدول عمل للقاء اوسع، من شأنه ان يفتح ملف الأزمة بكامل فصوله وتعقيداته، لتحقيق ما تمس حاجة البلد اليه اليوم، وحتى الانتخابات البرلمانية المقبلة.
اننا نرحب بكل مبادرة تستبدل التعامل المنفعل والمتشنج، باللقاء والحوار والتفاهم. ففي ذلك تكمن مصلحة الجميع. وانها ليست منة من احد على آخر ان يتوجه الى اللقاء والحوار، فالكل معنيون بالتحرك لدرء الخطر عاجلا، وقبل أن يفوت الأوان.