من الحزب

عشية انعقاد المؤتمر الوطني العاشر للحزب ... رائد فهمي :الاصلاح الحقيقي ضرورة ورافعة للتغيير المنشود

الشيوعيون يسعون دائماً الى تفعيل العقل الجماعي وتحكيمه
حاوره : د. مزاحم مبارك
عقد الشيوعيون العراقيون منذ انبثاق عصبة مكافحة الاستعمار والاستثمار عام 1934 (التي أصبحت عام 1935 الحزب الشيوعي العراقي)، ولغاية عام 2012، تسعة مؤتمرات.
ومنذ ما يقارب السنة، يعدّون العدّة لعقد مؤتمرهم الوطني العاشر، حيث يعتبرون هذه المناسبة واحدة من أهم مناسباتهم النضالية إذ أنها تأتي تكليلاً لنضال وجهد وعمل وسعي أربع سنوات خلت،ولرسم سياسة الحزب لأربع سنوات أخرى قادمة وفقا للنظام الداخلي.
سبعة مؤتمرات عقدها الحزب في ظروف النضال السري، وعقد مؤتمريه الثامن (2008) والتاسع (2012)، في ظروف جديدة يعيشها الوطن وكانا علنيين.
طريق الشعب، وعشية التئام المؤتمر العاشر، التقت الرفيق رائد فهمي نائب سكرتير اللجنة المركزية للحزب، في حوار عن المؤتمر في ظل الظروف الراهنة التي يعيشها الشعب والوطن.
طريق الشعب: طرح الحزب ثلاث وثائق، ومنها وثيقتا النظام الداخلي والبرنامج المقران في المؤتمر الوطني التاسع كمشروعين معروضين للدراسة والبحث والنقاش الى المؤتمر الوطني العاشر، أما من جديد يمكنى تقديمه ؟
عندما يعقد الحزب مؤتمره في مرحلةٍ ما، فمما لا شك فيه تكون وثائق ذلك المؤتمر متعلقة بتلك المرحلة، يحدد مهامها وقواها المحركة وتناقضاتها ويوضح رؤيته أيضاً، ومنذ عام 1934 كانت هناك برامج تغطي المراحل المختلفة، ففي مرحلة النظام الملكي كان هناك برنامج، وأخر ليتماشى مع متطلبات مرحلة انتصار ثورة 14 تموز 1958 حيث استجدت مهام جديدة، ثم بعد مرحلة انقلاب شباط الاسود 1963وهكذا وصولاً الى ما قبل الاحتلال عام 2003.
في مرحلة ما قبل الاحتلال،عقد الحزب مؤتمراته الرابع والخامس والسادس والسابع، كان لكل مؤتمر برنامجه يتماشى مع المرحلة وخصوصاً المؤتمر الخامس والذي يعد من المؤتمرات المهمة جداً في مسيرة الحزب النضالية. ولاحقا كان لابد من الإعداد الواسع والعميق لوثائق المؤتمر الثامن الذي عقد في عام 2008 حيث استجدت اوضاع مختلفة واختلفت الظروف . ومن يرجع الى وثائق هذا المؤتمر، يلاحظ فيه استعراضا لكل التطورات التي حصلت قبيل السقوط والاحتلال وأثناء السقوط، مثبتاً موقف الحزب من الحرب وما بعد التغيير، والخيارات والقرارات التي اقرّت وشعارنا الذي رفعناه (لا للحرب ..لا للدكتاتورية)، وموقفنا من انهيار النظام وانهيار مؤسسات الدولة وكيف تعاملنا وتفاعلنا مع الوضع الجديد، وعندما عقد المؤتمر التاسع، أيضاً لاحظنا عدم حصول تغير عميق وكبير في طبيعة الوثائق لأن معظم المهمات المشخصة في المؤتمر الوطني الثامن، ما تزال قائمة، اي بمعنى عدم تحقيق البديل الديمقراطي الذي كنا نناضل من اجله، مواجهة نظام نهج المحاصصة وكيفية التخلص منه، مواجهة الأزمات، ومن ثم الخيارات الاقتصادية، وعملية بناء الدولة التي لم تحسم والتي ما تزال بحد ذاتها مجالاً للصراع حول الاتجاهات والمضامين، كل هذه كانت موجودة في المؤتمر الوطني الثامن، ولكنها دققت في المؤتمر التاسع في ضوء التطورات التي حصلت واتضاح الأمور بشكل أكثر. واليوم ونحن نتوجه الى المؤتمر العاشر وأمامنا معطيات 13 سنة منذ التغيير، وكثير من القضايا العقدية التي كان ينطوي عليها الوضع الجديد ولم تجد لها معالجات سليمة، كانت تحمل عناصر تحولها إلى أزمات ربما كانت بشكل جنيني، وكإرهاصات، لكنها اليوم أصبحت أكثر وضوحاً واستفحلت لتتحول إلى ازمة . والأزمة هي أزمة نهج المحاصصة والتي أصبحت عميقة وواسعة ومتجلية في مظاهر تشمل مختلف الميادين السياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية والتي يمكن اعتبار تمدد داعش وغير داعش من التنظيمات الارهابية احد نتائجها او تداعياتها، وكذلك الحالة المأزومة لاقتصاد البلد وسوء ادارة الدولة والفساد والاعباء التي يلقيها كل ذلك على ابناء شعبنا.اقتصاد البلد اليوم أصبح في حالة مأزومة والمواطن يدفع ثمن ذلك .
وحينما نقول (تدقيق وثائق المؤتمر) فنقصد ان الحزب نبّه في وثائقه إلى مشاكل وقضايا عالقة،ولا تتوفر ارادة جدية للوصول إلى حلول بشأنها . ظواهر مستعصية الحزب شخصها كازمات قائمة وقال انها موجودة تحتاج الى علاج وأخرى بدأت تتشكل. الآن الأزمات التي جرى التنويه إليها استفحلت وتكاثرت بسبب عدم التوصل إلى حلول بشأنها. وهذه الأزمات تداخلت وتشابكت وأصبحت استعصاءات كان لها نتائج وخيمة، ونتائجها كارثية وخصوصاً في الجانبين الأمني-العسكري والاقتصادي، فالفساد بات مستشريا والأموال بددت بمشاريع فاشلة او وهمية وبفساد بيّن. واليوم وصلنا الى حالة أصبح من الضروري إجراء تغيير، ولم يعد التخلص من المحاصصة مجرد خيار سياسي، وإنما ضرورة محتمة لأن الكيان العراقي أصبح مهدداً ومعاناة المواطنين شديدة.
اما ما تقصده في سؤالك (أما من جديد؟)، فهذا يحصل حينما تكون هناك انعطافه . نعم حصل جديدفي وثائق وبرامج الحزب في فترة ثورة 14 تموز 1958 وفي فترة الجبهة الوطنية وما بعد 1978/1979حينما انتقلنا الى المعارضة، اي حينما تحصل انعطافة يحصل تغيير واضح في برنامج الحزب. ما يطرح في وثائق المؤتمر الوطني العاشر هو امتداد لما موجود في المؤتمر التاسع ولكن مع التدقيقات، فهناك أمور تجاوزتها الحياة، هناك تغيرات في الملامح الاجتماعية – الطبقية والتي أصبحت أكثر وضوحاً، فالعراق يعيش مرحلة انتقالية وكل البنى تحت التشكيل. شرائح جديدة نمت وتصاعدت وتضخمت مالياً اعتمادا على أموال ريعية ونشاطات طفيلية، واخذت تتبلور لدى هذه الفئات والشرائح ملامح مصالح طبقية معينة وقطعت شوطاً كبيراً باتجاه ترسيخ تلك الملامح، والمثال الأوضح هوما يخص البرجوازية الطفيلية. وهناك جماعات وفئات لها مواقع متنفذة تسيطر على السلطة السياسية، كما تمسك بمفاتيح مهمة في المجال الاقتصادي وتملك وتسيطر على فضائيات ومنابر اعلامية ولها تاثير في القرار الاقتصادي والاعلامي . وهذا يؤشر بدايات تبلور سلطة اوليغارشية، اي سلطة القلة، او "الحيتان"، تعمل على تفريغ المؤسسات المنتخبة من مضامينها وتنزع عنها السلطة الفعلية. نحن نرصد ونتابع وندرس هذه التغييرات الجارية في المجتمع وعملية التمايز والفرز الاجتماعي-الاقتصادي الحاصل ونحاول استشراف اتجاهات تطورها وتاثيرها على لوحة الصراع السياسي . والتقدير انه بدأت تتبلور ملامح فئة معينة نحن نرصدها ونتابعها. وسيتوقف المؤتمرمليا عند الحراك الجماهيري لمناقشة ابعاده المختلفة، ويبحث في تأثيره على المستويات السياسية والاجتماعية والفكرية، ودوره في حفز وتعبئة وتعزيز وحدة عمل القوى الطامحة للاصلاح والتغيير، وبشكل خاص القوى المدنية الديمقراطية.
طريق الشعب: بعد المؤتمر التاسع حصلت تغيرات كبيرة على الساحة السياسية العراقية، ما مدى موائمة مشروع البرنامج المطروح مع المستجدات الواسعة؟
كما اسلفت في اجابتي على السؤال السابق، الملامح الأساسية للأوضاع ولمآزق العملية السياسية بسبب اعتمادها نهج المحاصصة الطائفية والأثنية، لا تزال قائمة منذ المؤتمر الوطني التاسع، ولكن الأزمة بجوانبها المتعددة تفاقمت خلال السنوات الأخيرة. فالعملية السياسية انطلقت منذ عام 2003 وتحددت طبيعة النظام السياسي الذي تسعى لبنائه في الدستور الذي تم اقراره عام 2005. والعملية السياسية للأسف بُنيت على أساس المحاصصة، بارادة سلطة الاحتلال وبالتفاهم والاتفاق مع قوى الطائفية السياسية التي تصدرت المشهد السياسي. بدأت العملية السياسية وهي تحمل في داخلها نواتات بذور أزمتها. فمسيرتها سرعان ما بدأت تتعثر بفعل الانقسامات والصراعات بين قواها الرئيسية وقد سارت بخطوات متعثرة وخرجت عن الطريق الصحيح، وبالتالي برزت الحاجة الى إعادتها الى الطريق الصواب. وقد دعونا، كحزب، منذ وقت مبكر الى عقد مؤتمر وطني يجمع كافة القوى المشاركة في السياسية، سواء المشاركة في السلطة او خارجها من اجل مراجعة المسارات، وقد حظي هذا المقترح بتأييد ودعم على كافة المستويات، بما فيها من قبل رئيس الجمهورية في حينها السيد جلال الطالباني، لكن للأسف فأن معظم القوى لم تكن جادة في الاستجابة لهذا الموضوع.
واليوم بلغت الأزمات حداً كبيراً بالارتباط مع استمرار الصراع ما بين الكتل السياسية المتنفذة وداخلها، ما اوجد مزيدا من التشظي انعكس على بنية واداء الدولة وسلطاتها الثلاث. والمحصلة هي الفشل في بناء مؤسسات دولة فاعلة توفر الأمن والخدمات للمواطنين، وصاحب ذلك استشراء للفساد وهدر للمال العام وغياب للتنمية. وتتحمل القوى المتحاصصة مسؤولية هذا الفشل والتردي في الاوضاع العامة، والذي تكشفت ابعاده الخطيرة بصورة مـاساوية في احتلال تنظيم داعش الارهابي للموصل من جهة، وفي تفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية اثر الهبوط الحاد في اسعار النفط عالميا من جهة اخرى. وتزداد مسؤولية كل قوة من القوى المتنفذة في ما آل اليه الوضع في العراق، كلما كانت "حصتها" في الدولة وفي السلطة أكبر، وليس لأي من قوى المحاصصة أن تعفي نفسها من المسؤولية إزاء ما حصل ويحصل.
وما كان مطروحاً منذ سنوات كمقترحات وحلول، قد يحتاج الآن، وفي ضوء التجربة، إلى مراجعة وتدقيق، وربما إلى معالجات جديدة. كنا قد طرحنا في المؤتمر الوطني التاسع شعار وهدف اقامة دولة مدنية ديمقراطية على أساس العدالة الاجتماعية، وهذا الشعار يحمل عملياً رؤية تتنافي مع نهج المحاصصة وتمثل مشروعا بديلاً يعتمد مبدأ المواطنة الضامن لمساواة جميع المواطنين في الحقوق والواجبات، بعيدا عن اي تمييز. وهو مشروع دولة لا تحجب مشاركة اي تكوين من طيف الشعب العراقي التعددي، بل تحفظ حقوقه وتمكّنه من ممارستها والتمتع بها، وتضمن مشاركة جميع تكوينات الشعب الدينية والمذهبية والعرقية والاجتماعية في الدولة ومؤسساتها، على اساس المواطنة ومنظومة الحقوق والواجبات المرتبطة بها، وبالاستناد إلى نص وروح الدستور. وحزبنا، والقوى المدنية الديمقراطية عامة، حريصون اشد الحرص على المشاركة الفعلية لسائر مكونات الشعب العراقي، ولا سيما القومية، في ادارة شؤون البلاد وعلى مختلف المستويات في اطار البناء الديمقراطي الاتحادي واللامركزي للدولة العراقية.
إلاّ أن هذه المشاركة في السلطات وفي أجهزة ومؤسسات الدولة الاتحادية، ينبغي ان لا تتم وفق نهج المحاصصة. وكما بينت تجربة السنوات الماضية، فأن المحاصصة عمّقت من الانشطار او التشظي العمودي للدولة، واعتُبرَت الدولة غنيمة تتصارع قوى الطائفية السياسية المتنفذة لتقاسمها. ومن نتائج هذا الصراع بين قوى المحاصصة، الأزمات الدورية التي تكاد تشل عمل الدولة ومؤسساتها وأجهزتها، وتجعل منها دولة غير قادرة على بلورة رؤى موحدة وتنفيذ الخطط في اي مجال، كما تجد صعوبة بالغة في رسم سياسة خارجية للدولة متوافق عليها من القوى المتشاركة في سلطات الدولة، إذ من المتعذر عليها ان تتفق على تحديد العدو والصديق، العجز ذاته عندما يتعلق الأمر بماهية النهج الاقتصادي المطلوب!
كما جعل نهج المحاصصة من عملية صناعة واتخاذ القرار أمراً بالغ الصعوبة والتعقيد نتيجة المناكفات وغياب الثقة والصعوبة المتزايدة في التوصل إلى توافقات بشأن العديد من القضايا الكبرى التي تعيق اعادة الأمن والاستقرار والحياة الطبيعية ألى البلاد كملفات النفط والغاز والمناطق المتنازع عليها والمصالحة الوطنية والعلاقة مع الأقليم والجماعات المسلحة خارج سلطة الدولة وغيرها، لذلك ظلت هذه الامور معلقة منذ عدة سنوات مع ما تسببه من آثار وتداعيات سلبية سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية، وينعكس ذلك على اداء الوزارات والاجهزة الحكومية وعلى قدرتها في تنفيذ الخطط والمشاريع وتلبية حاجات المواطنين، وليس غريبا أن يجد الفساد، بجميع اشكاله، في هذه الأوضاع بيئة مؤاتية لنموه وانتشاره في معظم مفاصل الدولة واجهزتها.
ثمة رأي شائع يحمّل مبدأ التوافق مسؤولية كبيرة في تردي اداء الدولة واستشراء الفساد. ويجد هذا الرأي ما يدعمه في طريقة استخدام وممارسة مبدأ التوافق من قبل القوى المتنفذة، حيث تم توظيفة في احيان كثيرة كوسيلة ابتزازية لانتزاع المكاسب الفئوية لهذه الكتلة او تلك، او لتعطيل اتخاذ قرارات بشأن قضايا ذات مساس بحياة المواطنين. إلاّ ان الممارسة المشوهة لمبدأ التوافق، والفهم الخاطيء له ينبغي أن لا يقودنا إلى التغافل عن اهميته في المرحلة الانتقالية التي يمر بها العراق وفي ظل التحديات الخطيرة التي يواجهها كيانه السياسي ونسيجه المجتمعي من قوى الارهاب، والاطماع والتدخلات الخارجية، والاحتقانات الاجتماعية وميول واتجاهات التعصب والتطرف في المجتمع، إلى جانب مهمات بناء الدولة الديمقراطية الاتحادية التي ينص عليها الدستور.
فالتوافق، كما نفهمه، هو السعي من اجل حل المشاكل الكبرى بما يحقق المصلحة الوطنية العليا. وفي السنوات الأولى التي اعقبت اقرار الدستور وتشكيل الحكومات الدائمة، كانت الأزمات اقل حدة مما هي الآن، فمنها ما كانت في بداية نشوئها، وكنّا نؤكد إمكانية إيجاد الحلول لها شريطة توفر الارادة السياسية الحقيقية. وقد شخص المؤتمران الوطنيان الثامن والتاسع طائفة من القضايا العالقة التي طال استعصاء ايجاد الحلول لها، كالعلاقة بين الاقليم والحكومة الاتحادية،القوانين والتشريعات المعطلة، موضوع المحاصصة ومعالجته، وكل ما يتعلق ببناء الدولة، وكان في الوقت متسع لخوض حوار ونقاش بشأن الإصلاح وخططه.
إلاّ أن الإصرار على ذات النهج وعدم الأخذ بمبدأ التوافق العقلاني، ادى الى حصول الشلل وإلى تراكم المشاكل والاستعصاءات، فكبرت وتعمقت وتحولت |إلى أزمات، واستشرى الفساد وأصبح يمثل الخطر الاول الذي يهدد مجمل عملية تسيير الدولة وعملها والحياة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، والمؤسسة العسكرية وانهيارها أمام داعش في الموصل مثال صارخ على ما حصل. وكذا الحال بالنسبة لاقتصاد الدولة حيث انحسرت الانشطة الانتاجية لصالح الاستهلاك للبضائع المستوردة والنشاطات الطفيلية، والبلاد تعيش حالة من الارتباك الاقتصادي: الخزينة شبه خاوية، السوق منفلتة ورواتب الموظفين تغطى جزئيا بالديون، والمشاريع الحكومية الجديدة متوقفة ومراهنات على الاستثمار الخارجي والخاص المحلي لتغطية العجز الحكومي . فهذه من تداعيات و نتائج بقاء الأمور معلقة وما يترتب عليه من اضعاف للدولة لأدائها ودورها واطلاق العنان لقوى السوق المنفلتة.
وفي ظل هذه الأوضاع بات الإصلاح الحقيقي ضرورة ورافعة من أجل التغيير، واصبح مطلبا جماهييريا تنادي به التظاهرات في مختلف المحافظات. والشيوعيون واصدقاؤهم مشاركون نشيطون في الحراك السياسي الشعبي بفعالياته المتنوعة ويسعون بثبات من اجل توحيد وتوسيع عمل جبهة القوى المطالبة بالاصلاح، والاصلاح المنشود ليس مجرد ترميم للاوضاع السائدة وإنما يعني تغييرا لها يفتح ابواب امل حقيقي في مستقبل أفضل للعراق والعراقيين.
طريق الشعب: هل تعتقدون بوجود الأسس للشروع نحو التغيير الذي تقصده؟
الدستور رغم نواقصه، يضمن حريات واسعة دون إغفال بعض الاشتراطات التي تتضمنها بعض نصوصه والقابلة للتأويل لفرض بعض التقييدات، ومع ذلك فهو يوفر مناخاً جيداً، علماً ليس كل ما يتعلق بالمنظومة الحاكمة هو سيئ ويجب رميه في النهر! هذا كلام ليس موضوعيا، فهناك عناصر وربما مجاميع لو توفرت لها المناخات الايجابية وموازين قوى مناسبة، يمكن أن تشترك في عملية الإصلاح، ولكن الظرف غير مؤاتٍ لذلك حالياً الجمهور الأكبر يريد الإصلاح، إلاّ أن هذا الجمهور لا يمتلك مفاتيح السلطة والمال والتي هما بيد قوى متحاصصة لا مصلحة لها في الإصلاح أو في القضاء على نظام المحاصصة. فالقوى الماسكة بالسلطة ليس لها مصلحة في مكافحة الفساد او تنظيم السوق وفق الأسس السليمة، بل هي تشكل منظومة لها مصلحة في استمرار الوضع على ما هو عليه، ووصل بعضها الى حد التفاهمات مع مجاميع مسلحة. لذا فان الحراك في جانب منه، يعكس اكتشاف اوساط جماهيرية متزايدة كانت مخدوعة، والكثير منها كان صامتاً وسلبياً، ولكنه انجذب اليوم الى ساحات الفعل عبرالتظاهر، مما فتح إمكانيات جديدة للضغط.
نحن لا نختلف مع من يقول بأن التغيير المنشود لم يحصل بعد مرور اكثر من سنة على بدء الحراك، لكن في نفس الوقت، لا يمكن الادعاء بان الوضع اليوم هو نفسه الذي كان قبل سنة. فالقوى الداعية الى الإصلاح أصبحت أكثر حضوراً وتأثيراً وتلعب مطالباتها بالاصلاح والتغيير وضرب الفساد دورا اساسيا في تحديد المناخ العام في المشهد السياسي، اذ لا توجد قوة سياسية تستطيع ان تقف علناً بالضد من المطالب الإصلاحية، بغض النظر عن مدى جدية وصدقية هذه القوة او تلك. فأطروحة الإصلاح اصبحت ذات حضور واسع وراسخ في الخطاب السياسي العام مع وجود صراع على تحديد مضامينه السياسية والاجتماعية-الاقتصادية، كما تولدت قناعات، آخذة بالاتساع، بعدم أمكانية ألاستمرار في أدارة شؤون البلاد كما في السابق، بل حتى المستفيدين من المحاصصة يعترفون علناً أن نظام المحاصصة جلب الويلات.
ونتيجة الضغط الذي أحدثه الحراك، اتخذت الحكومة اجراءات محدودة وخجولة ضد الفساد وتخرج قليلاً عن اشتراطات المحاصصة، من بينها التغييرات الوزارية الأخيرة. وانعكس ذلك ايضاً على عمل البرلمان، اذ رغم محاولات بعض القوى توظيف تفعيل دوره الرقابي والتشريعي باتجاه خدمة أجندات ومصالح كتلوية وسياسية ضيقة، فإن البرلمان أصبح أكثر جرأة في المحاسبة والاستجواب بصرف النظر عن الدوافع المصلحية التي قد تقف وراء ذلك، وبات اليوم من غير المقبول استمرار وزراء ووكلاء ومستشارين ومدراء عامين في التمادي في أدائهم غير المسؤول والتفرط بالمال العام وكأنهم خارج القانون.
قد تعتبر كل هذه الأمور جزئيات، ولكن بمجموعها تشكل عناصر رئيسة لتوفير مناخ ضاغط نحو التغيير. هذا صراع وسيتجلى حينما تحل الاستحقاقات الانتخابية، سيجد ذلك ترجمة له في النتائج الانتخابية بهذه الدرجة او تلك.
فإمكانيات التغيير قائمة ولكن يجب أن يسبقها فعل سياسي كبير من قبل القوى ذات المصلحة الحقيقية في أجراء الإصلاح. ونحن نعتقد أن قوى التيار المدني الديمقراطي هي الأكثر انسجاما ووضوحاً في رؤيتها، ولكنها ليست الوحيدة في الميدان، وتوجد إلى جانبها قوى أخرى تشترك معها في رفض الفساد وتحقيق بعض الاصلاحات، ما يطرح ضرورة التعامل معها والبحث عن المشتركات وتعزيزها.
طريق الشعب: اللافت أن التفاف الجماهير حول الحراك لا يتوازى مع الضغط التحاصصي، والأمر الأخر، هو غياب أنتظام وتنظيم قوى المعارضة ؟
انه صراع وجود حتى بالنسبة للقوى المتنفذة، وحراكنا يقض مضاجعهم ويهدد امتيازاتهم ويعرضهم للمساءلة القانونية، ولا نستغرب أن المتنفذين لا يتوانون عن استخدام أي وسيلة من الوسائل في الدفاع عن مصالحهم وهم يمتلكون الكثيرمنها، بما فيها استخدام العنف. نحن ندرك تماماً أن تحقيق الأصلاح والتغيير المنشودين هي عملية شاقة والنتائج لا تأتي سريعا، وهي تحتاج الى النَفَس الطويل. لذلك فليس غريباً بالتالي أن تشعر بعض مجموعات التظاهر بالتعب، أو بالضجر، وربما يتسرب اليأس الى آخرين، فليس جميع المتظاهرين على قدر واحد من الوعي، ومن الاستعداد على المطاولة. وفي نفس الوقت، هناك من كانوا صلبين في مواقفهم، وخصوصاً من بين الشباب، واثبتوا قدرة على المواصلة.
لا شك أن حجم المشاركات متفاوت، إلا أن انتظام فعاليات الحراك اسبوعيا على مدى أكثر من عام كان يبعث بصورة متواصلة رسائل تحريضية من أجل الاصلاح ومحاسبة الفاسدين، تتناقلها وسائل الأعلام. وقد لعبت هذه الرسائل، وما تزال، دوراً تثقيفياً وتوعوياً في المجتمع. ومن شأن التأثير التراكمي لهذا النشاط الاحتجاجي أن يخلق استعدادا افضل لدى المجتمع للتجاوب مع مبادرات ونشاطات الحراك، وفي ظرف ما قد يجتذب جماهير غفيرة إلى ساحات التظاهر كما حدث ذلك لأكثر من مرة خلال الأشهر والأسابيع الأخيرة. ويظل سؤال يتردد باستمرار والحاح، متى يقدح هذا الاستعداد ؟
وجوابا فان ذلك يعتمد على عوامل عدّة، وقد يحصل في أية لحظة جراء حدث معين أو انعطافة معينة، ولكن الحقيقة الشاخصة أمامنا هو وجود نضج متنامي في الوعي. ونلاحظ ذلك بصورة ملموسة في أن الناس لم تعد تنخدع بالوعود ببساطة كما في السابق، وتعكس ذلك شعارات المتظاهرين التي تبلورت باتجاه محاربة فساد وتشخيص رموزه.
كل ذلك لا يمنع من الاقرار بان حركة الجماهير ما تزال ليس في المستوى المطلوب لاحداث التغييرات المنشودة، وعلينا أن لا ننسى ان جماهير غفيرة خرجت في تموز 2015، والأسباب التي دفعتها للخروج مازالت قائمة. من الملاحظ أن وسائل الأعلام المختلفة باتت تتناول تفاصيل حجم الخراب الحاصل في مختلف المجالات، ولم يأتِ ذلك اعتباطا، وإنما هو ثمرة من ثمرات الحراك. ومن جانب آخر، راحت القوى المتنفذة تستخدم مختلف الذرائع للضغط على الحراك، تارة بحجة محاربة داعش وأخرى لتمرير الاستجوابات.
لا شك ان تلك الذرائع وغيرها لا تصمد امام المحاججة الجادة فكيف يُعقل أن يكون الحراك الجماهيري المطالب بالإصلاح معرقلاً للمعركة التي نخوضها ضد الإرهاب وداعش؟ بل على العكس تماماً، فهو يمثل دعماً لها لأن الفساد سبب رئيس في نمو داعش وتمددها. والانتصارات التي تحققت ضد داعش خلال الاشهر الأخيرة التي شهدت تظاهرات حاشدة مؤيدة للحراك الشعبي، تؤكد عدم وجود تأثير سلبي للحراك على المعركة ضد داعش. وفي هذا السياق نشير إلى أن من بين مطالب الحراك الجماهيري الإصلاحية هو أصلاح المنظومة العسكرية كي تكون بالكفاءة المطلوبة لخوض المعركة ضد داعش والارهاب عموماً.
طريق الشعب: الوثيقة الثالثة وهي السياسية تحمل الكثير من الرؤى والتكهنات والاستنتاجات، كيف تصفون المرحلة التي يمر بها البلد وما هي تصوراتكم في ما ستؤول اليه العملية السياسية؟
أنا تطرقت في حديثي الى الكثير مما ورد في الوثيقة السياسية، خصوصاً في الجانب السياسي، والوثيقة تناولت أيضاً الموضوعات الاقتصادية بتفاصيل دقيقة وأهم ما أشارت اليه، النسبة المرتفعة للذين يعيشون تحت خط الفقر، والنسبة العالية من البطالة والبطالة المقنعة، وتضاؤل النشاطات الاقتصادية غير النفطية التي في أفضل حالاتها لا تشكل أكثر من 7% من الناتج ألأجمالي المحلي. فالنشاطات الإنتاجية انحسرت والنشاطات الطفيلية تمددت، وبذلك نشأت شرائح مجتمعية ذات ثروات طائلة مستمدة أساساً من أموال الدولة المنهوبة، ومن نشاطات طفيلية وامتيازات حصلوا عليها نتيجة تبوء مواقع نفوذ في الدولة أو نتيجة ممارسات غير قانونية، سواء عبر مزادات العملة أو بالتهريب او التلاعب بالأسعار. وهذا يعني ظهور فئات تضخمت ثرواتها دون ان تضيف انتاجا وثروة للمجتمع، الأمر الذي يترتب عليه أعادة توزيع الدخل لغير صالح هذه الفئات التي تحولت إلى حيتان فساد.
هذا يجرنا الى التفكير في حصة المواطن من النفط. فأذا كان عدد الموظفين والمتقاعدين 7 ملايين، أين حصة الباقين؟ هذا عدا التمايز الواضح في الرواتب والامتيازات بين العاملين في الدولة و بينهم وبين غير العاملين في الدولة، كل هذه التمايزات استفحلت وكُرست مؤسسياً، وتكمن الخطورة في نمو هذه الامتيازات واصبح المستفيدون منها يشكلون مركز ثقل الى حد امتلاك القدرة المالية على اقراض الدولة. وعلى خلفية هذه الاتجاهات في التطور يجري طرح الخصخصة، واذا ما تحقق التوجه نحو توسيع المجالات التي تشملها عملية الخصخصة لتمتد إلى قطاعات التعليم والصحة والكهرباء، فذلك سيعني أن حياة المواطنين ستدار أكثر فأكثر من قبل قطاع خاص غير خاضع لرقابة فعّالة ويبحث عن الربح السريع.
فالعراق على مفترق طرق وخصوصاً عند الحديث عن ماذا بعد داعش ؟ فهل الدولة ستتجاوز السلبيات التي اشرنا اليها؟ ام المقصود التقسيم والأقلمة المذهبية والعرقية؟ كيف ستكون وما مآلها؟ من الذي سيدير المناطق المحررة؟ كيف ستكون العلاقات الاتحادية؟ هل ما سيحصل سيكون وفق الضوابط الدستورية أم ولادات جديدة؟ وإزاء كل هذه القضايا تطرح مشاريع خارجية وداخلية لا تنبع من هواجس ومصالح وطنية عليا، وانما من الرغبة في في فرض واقع جديد بمعزل عن أغلبية اهالي المناطق المعنية الذين يعانون من آثار الارهاب والنزوح والتهجير، بهدف الحصول على مواقع ونفوذ ومكاسب وامتيازات وتمرير اجندات.
وللأسف فان القوى التي تتبنى المشروع الوطني لا تزال لم تحقق الدرجة المطلوبة من التماسك والقوة اللازمتين التي تحول دون ظهور ورواج المشاريع المشبوهة. فلا زلنا أمام مشروع وطني قواه غير موحدة وتعاني من عدم التنسيق والتعاون، مقابل مشاريع أكثر تبلورا تمتلك موارد كبيرة واسنادا خارجياً.
العراق أمام تحديات كبيرة؛ والسؤال الكبير هو كيف نستطيع، كعراقيين، ان نُفشل هذه المخططات والأطماع، وكيف نذود عن المصلحة الوطنية ونضمن الحفاظ عليها؟ فالمرحلة ما بعد داعش سوف لا تبدأ من خط شروع واحد، والعديد من القوى الحريصة على المشاركة في المعركة ضد داعش غالبا ما تنطلق من رؤية مستقبلية لمواقعها ونفوذها بعد تحرير الأراضي، وتتطلع للدور الذي يمكن أن تنهض به في رسم ملامح عراق ما بعد داعش.
طريق الشعب:ما يثير الأستغراب عدم استمرار التشكيل الذي شارك في الانتخابات البرلمانية السابقة باسم التحالف المدني الديمقراطي على نحو واضح المعالم، فما حصل هو العكس، أن أطرافاً قد خرجت منه ؟
هذه أحدى نقاط الضعف التي يجب ان نسعى لتداركها، فالتيار المدني تيار واسع ومتعدد ويجمع اناسا لهم رؤاهم وطموحاتهم ويشتركون في قناعات وخيارات فكرية وسياسية، لذا فان تحقيق وحدته وتماسكه أصعب بالمقارنة مع أوضاع القوى القائمة على الولاءات والانتماءات القومية والطائفية.
فالتيار المدني الديمقراطي قائم على أسس فكرية وسياسية ورؤى برنامجية وهو تعددي بطبيعته وتوجد داخله افكار واجتهادات مختلفة مما يجعل عملية ادارة التحالف والمحافظة عليه اكثر تعقيدا، ولكن هذه الصعوبات قابلة للتذليل بتوفر الارادة والعمل الجاد نحو العمل المشترك، لا سيما وأن الانتخابات الأخيرة كشفت عن وجود تعاطف واسع مع مشروع وافكار ورموز التيار المدني الديمقراطي ويؤشر الى امكانيات كبيرة لتوسيع التأييد له. ومنذ الانتخابات الأخيرة تنامت هذه الامكانية ارتباطاُ بانطلاق واستمرار الحراك الشعبي منذ أكثر من سنة، إذ أن الاحتجاج والتظاهر أشاع مفاهيم المدنية والأفكار التحررية وزيادة الوعي بها وقبولها.
والتحدي الأكبر امام قوى وشخصيات التيار المدني، ولا سيما الأكثر حضورا وفاعلية في ميادين النشاط السياسي والجماهيري، يتمثل بمدى قدرتها على تحويل هذا التعاطف والقبول الأكبر لافكار التيار المدني ولشعار اقامة الدولة المدنية الى اصوات انتخابية وقوة سياسية فاعلة، فما زال غير معلوم مدى تاثير الحراك على الانتخابات.
ولا بد أن نضع أمام أعيننا أن المصالح توحّد بصورة اسرع من القناعات الفكرية، فالقوى المتنفذة على اختلافها بدأت تعمل على ترتيب اوضاعها وترميم صفوفها المتصدعة وستواصل ذلك بصورة متصاعدة لغاية الانتخابات، ولا يعني ذلك انها ستفلح بالضروة في كل ما تبتغيه. فعلى القوى المدنية أيضاً أن تعمل بهمة متزايدة للتحضير للاستحقاقات الانتخابية القادمة.
ونحن كحزب عملنا بثبات، وما نزال، من اجل تجميع القوى المدنية الديمقراطية وتوحيد عملها على اساس المشتركات. فالحزب يتفاعل مع كل جهد مدني ديمقراطي وتحت الاشكال والأطر الأكثر ملائمة لمستوى العمل الموحد الممكن، سواء وفق صيغ تنسيقية كما في تنسيقيات الحراك الشعبي، او صيغ تحالفات سياسية كما في التيار الديمقراطي او صيغة ائتلافات انتخابية كما في التحالف المدني الديمقراطي.
فالحزب الشيوعي يظل في موقع داعم وقوة ثابتة من اجل تجميع القوى المدنية الديمقراطية. ومن المؤسف أن التبلور السياسي والتنظيمي للقوى المدنية لا يزال محدوداَ، والجزء الأكبر من انصار ومؤيدي التيار المدني غير منظم سياسياً، وهذا ما يفرض اشكالا متنوعة ومتعددة المستويات للتحرك. فمنها ما يتوجه إلى القوى الموجودة ضمن التشكيلات السياسية المختلفة في كل محافظة وعلى النطاق الوطني، , وفيما اشكال أخرى تناسب المجموعات المدنية غير المتحزبة وغير المؤطرة سياسياً، وهي تؤلف نسبة عالية من المشاركين في الحراك والتظاهرات، وفي الاوساط الاجتماعية المختلفة. وهوءلاء يمارسون نشاطاتهم المدنية ضمن الحملات، والمنتديات الثقافية، وغيرها من الأطر. وبقدر ما يمثل هذا التنوع في اشكال العمل اثراء للنشاطات المدنية في المجتمع وما يرافقه من ارتقاء في الوعي وفي نشر القيم والسلوكيات والثقافة المدنية بمضمونها الواسع، فأنه يمثل ايضا تناثرا في المشهد المدني يتوجب بذل الجهود لتحقيق الترابط ما بين عناصره وجهاته واطره الفاعلة وفق صيغ شبكية. ولاجل تحقيق ذلك والتمكن من التحرك في الدوائر المدنية المتنوعة والمتعددة، يتحتم استثمار كل وسائط التواصل الاجتماعي في الفضاء الافتراضي، إلى جانب اشكال التواصل المباشرة والاعلامية والثقافية المعروفة، وعلى القوى المدنية والديمقراطية ان تحسن التواصل والتعامل مع هذا الوسط المدني الواسع وبصورة تفاعلية. وما يحصل هذه الأيام من عقد مؤتمرات، للشباب والنساء والمثقفين، وهي اجتماعات ولقاءات مفتوحة للجمهور، أنجز قسم منها في بغداد والمفروض ان يجري مثلها في المحافظات، يصب في هذه الوجهة ويساهم في التواصل مع شرائح واسعة من التيار المدني في المجتمع.
وفيما يخص الانتخابات القادمة، نتطلع ونسعى لأن تتوفر فيها شروط النزاهة والعدالة والتكافؤ، ويتطاب ذلك تأمين عدد من المستلزمات في مقدمتها، قانون انتخابات منصف وعادل للانتخاب اعضاء مجلس النواب، ومفوضية عليا مستقلة وكفوءة فعلاً، وكذلك تنفيذ قانون الأحزاب الذي يمنع امتلاك الاحزاب تشكيلات مسلحة ويفرض الكشف عن مصادر تمويل الحزب اوالتنظيم السياسي، فلا انتخابات ديمقراطية حقيقية عندما تخوضها أحزاب تمتلك النفوذ والسلطة والمال والمليشيات المسلحة وأخرى ليس لديها شيء من كل ذلك.
فقانون الأحزاب الذي تم أقراره لا يمثل طموحنا كقوى مدنية ديمقراطية، ولكن رغم ذلك يتأخر تنفيذه ويتعثر تطبيقه بسبب الاجراءات المعقدة التي فرضتها تعليمات تنفيذ القانون، لذلك ستظل الانتخابات غير متكافئة ضمن معطيات الواقع الحالي.
الفساد هو السائد، والفساد مالي وإداري، ومحاربة الفساد تقود الى الاصطدام بكل منظومة الفساد والمعركة ضده هي معركة سياسية -اقتصادية –إدارية - ثقافية – اعلامية - أخلاقية ..الخ، هي معركة شاملة، حرب حقيقية، وهي من المعارك الكبرى، ومستوى التعبئة لها لا يزال دون المستوى المطلوب.
طريق الشعب: كي تكون القراءة متكاملة،يتوجب القول بان هناك من اصابه الاحباط !
الحركة المدنية هي حراك الناس باتجاه مطالب، وهي تعبر عن هذه المطالب ولا تملك وسائل تحقيقها بذاتها، فالاحتجاج اساسا على عدم تنفيذها وممارسة الضغط يجب ان لا يوجه الى المتظاهرين وانما يجب يمارس على اصحاب القرار. والغريب ان يصبح المتظاهر والمحتج هو المدان على اعتبار انه لم يحقق شيئا! وليس مفاجئا أن لا تستجيب القوى المتنفذة لمطالب الاصلاح ومكافحة الفساد، لأن ذلك ليس في مصلحتها إلاّ اذا ارغمت على ذلك. وقد نبهنا منذ البداية، وما نزال، ان المعركة شاقة. البعض يطرح احداث التغيير بالاستعانة بالعامل الخارجي من خلال الأمم المتحدة، ولكنهم يغفلون أن قوى التحالف الدولي لم يكونوا بعيدين عما جرى في العراق.
نعم بإمكانهم فرض نوع من التغيير ولكن ليس بالطريقة وللاهداف التي يريدها العراقيون، فالأطراف الدولية لديها أولوياتها ومحدداتها وفق قراءة جيوسياسية تخدم مصالحها.
المحبَط يؤذي قضيته أولاً، فهو سيخرج عملياً من ساحة المواجهة، ويفقد تأثيره على الآخرين، وبالنتيجة فهو، شاء أم أبى، سيضعف المعسكر الذي يواجه القوى الرافضة للإصلاح. ومعالجة الإحباط لا تتم بالمواعظ، فالحراك انجز الكثيرعلى صعيد تأثيره على الحياة السياسية، قد يكفي انه أصبح الرقيب الحقيقي اليومي الذي يحسب له حساب، ولولا الحراك لما اصبحت القوى المتنفذة تتراشق فيما بينها بتهم الفساد! فهل كانت هذه الصورة موجودة قبل الحراك؟ واصبحت حتى القوى المتورطة بالفساد تتسابق وتزايد في رفع شعارات ضد الفساد! فالكل بات متفقا على وجود الفساد واستشرائه، ويمثل ذلك مرتكزا للعمل القادم. ومن الضروري الانتباه ان اشاعة الاحباط والمبالغة في الترويج له يصب في مصلحة القوى المناهضة للاصلاح او المعرقلة له، وهو حالة تصيب شريحة او مجموعة أو افراد ولكن من غير الدقيق سحبها على عموم الشعب، والدليل ان الاحتجاجات لم تتوقف يوما طيلة الأشهر الماضية في معظم المحافظات.
طريق الشعب: كيف تقيمون اداء لجان تنسيق الحراك؟
بدأ الحراك وهو يحمل نسبة غير قليلة من العفوية، وتشكلت التنسيقيات لادارة الحراك وفي داخلها كان مَن يتتبنى فكرة الحفاظ على تلك العفوية وله مواقف متحفظة ومناوئة لادخال مزيد من التنظيم على الحراك، ولكن بمرور الوقت واجه الحراك متطلبات استدعت عنصر التنظيم والتنسيق، فتشكلت تنسيقيات عديدة، بعضها اضمحل وأخرى واصلت نشاطها. والأخيرة التي استمرت في العمل، أخذت ترتقي بآليات تنظيمها ما يؤشر ظاهرة ايجابية.
ونحن في الحزب الشيوعي اكدنا منذ بداية انطلاق الحراك، ضرورة الارتقاء بتنظيمه، وعلى ان لا يتم ذلك من خارج قوى الحراك وناشطيه، فالمطلوب ان يتوصل منظمو الحراك المتعددون إلى قناعات بضرورة تطوير تنظيمه، وهذا ما حصل عملياً. فقد تم قطع شوط طويل على طريق تنظيم الحراك ضمن التنسيقيات، وهناك حاجة لمزيد من الوقت . الحراك موجود في مراكز المحافظات وفي العاصمة، ونرى ضرورة العمل على تقريب الحراك من هموم المواطن الأكثر الحاحا، لذا على الحراك أن يتسع ليشمل الاقضية والنواحي وأن يجتذب الى المشاركة في فعالياته الاتحادات النقابية والمنظمات الجماهيرية والفعاليات والمنتديات الثقافية والاجتماعية، بما يحقق هدف اشراك اوسع القطاعات الشعبية في العملية ألاحتجاجية. فالتظاهر والأعمال الاحتجاجية يمكن أن تتسع لتشمل الاحتجاج ضد الفساد والاهمال الموجود في مدرسة، أو ضد أداء البلدية أو التردي في الخدمات الصحية...الخ
طريق الشعب: هذا امر جميل ولكن كيف يتم تنفيذ ما تراه ؟
يتم من خلال ترجمة مطالب الناس الحياتية اليومية من كلام الى أفعال منظمة تتبنى إرادة الناس، فالمطلوب أن نقوم بفعاليات مطلبية ومن ثم تأطيرها بالأطار التنظيمي المطلوب، ما يقوم به الشباب الأن من متابعات ثقافية، منتديات تجمعات، طاولات، هي جزء من الحراك المجتمعي، فالحراك لا يقتصر على النشاط الاحتجاجي.
طريق الشعب: كيف يتم الأعداد لعقد مؤتمر الحزب؟ ولماذا يأخذ فترة طويلة من الإعداد ولحين انعقاده؟
أحدى صور الديمقراطية في حياة الحزب الشيوعي الداخلية تتجلى في عقد مؤتمراته، والمؤتمر يجب ان يحضره مندوبون منتخبون، وهذا يتطلب سلسلة من الإجراءات الأستحقاقية وفق النظام الداخلي، فيعقد رفاق الحزب اجتماعاتهم وموسعاتهم ومؤتمراتهم من اجل انتخاب المندوبين ابتداءً من الخلايا وصولاً الى المحليات، فمؤتمرات المحليات في عموم العراق وكذلك في منظمات الخارج تسبق المؤتمر الوطني المزمع عقده، وهذه المؤتمرات تتطلب حضور مندوبين يتم انتخابهم من كونفرنسات الأساسيات والفرعيات والتي أساساً تأتي من الخلايا، وتنتخب مؤتمرات المحليات مندوبي المؤتمر الوطني. وتعقد هذه المؤتمرات والمجالس الحزبية وفق مؤشرات ونسب تحددها اللجنة المركزية. وتشرف اللجنة المركزية على مؤتمرات المحليات وبحضور لجنة الرقابة المركزية. ومنذ سنوات أخذ الحزب بمبدأ الكوتا لتمثيل النساء والشباب في هيئاته القيادية المحلية والمركزية. ويحري اقرار جميع الضوابط المنظمة لعملية انتخاب مندوبي المؤتمر من اللجنة المركزية بعد ان تتم دراستها بكل شفافية من فبل الهيئات الحزبية على مختلف المستويات، وتخضع للممارسة الديمقراطية في إقرارها، كي يجري العمل بها كضابط لهذا النشاط الحزبي المهم.
ونتيجة هذه العملية الانتخابية سيتألف المؤتمر من المندوبين المنتخبين من داخل وخارج العراق إضافة الى نسبة محددة من مندوبي المؤتمر، لا تتجاوز العشرة بالمائة يتم تخصيصها للرفاق الذين لا تسمح ظروفهم وتكليفاتهم الحزبية بالمشاركة في الانتخابات الحزبية فيتم دعوتهم الى المؤتمر وبعد ان كي ينالوا الشرعية يتم ضمهم الى قوام المؤتمر كمندوبين. كل ذلك يجري بالتزامن مع إعداد الوثائق، وفي مؤتمرنا هذا هناك ثلاث وثائق أنفة الذكر. هذه الوثائق تخضع لدراسة وبحث وإقرار كل رفاق الحزب بدون استثناء ابتداءً من الخلايا صعوداً، والأمر المهم وربما نختلف عن باقي الاحزاب في هذا، أننا أشركنا الجماهير في دراسة هذه الوثائق، وهذا المبدأ عملنا به منذ المؤتمر الوطني الثامن بعد فسحة الحرية التي وفرها التغيير، لذلك نشرنا الوثائق في منابرنا الحزبية المختلفة ولمسنا التفاعل الكبير معها من قبل الجماهير على اختلاف تخصصاتهم وتطلعاتهم ومستوياتهم ومبادئهم، كما أن اللجنة المركزية شخصت لجان متخصصة لتجمّع وتبوب وتلخص كل ما يردها من ملاحظات سواء على النظام الداخلي او البرنامج او الوثيقة السياسية.كما سيقدم الى المؤتمر التقريرين الانجازي والمالي .
طريق الشعب: ما الغاية ان يطرح الحزب وثائقه على الشعب قبل إقرارها؟
كل سياسة الحزب تمتاز بالشفافية العالية، والحزب يتبنى كل القضايا التي تهم المصلحة العامة للشعب والبلد يعيش تحديات كبيرة جداً، فنشر وثائق الحزب تعني أن الحزب يبغي توصيل فكرة ان العقل الجماعي ليس للحزب فقط وإنما بمشاركة كل القوى المدنية والديمقراطية والوطنية، التي تلتقي مع الحزب أو تكن له احتراماً وتجد في الحزب رافعة في مسيرة النضال من أجل المصلحة الوطنية العليا، فالحزب صاحب مشروع وطني ديمقراطي، وبما أن الحزب كذلك فلماذا لا ننفتح، ولا يوجد شئ نخشاه، لذلك نتفاعل مع كل الآراء ووجهات النظر، ونحن منذ المؤتمر الخامس نخوض معركة فكرية –سياسية مفتوحة، فلا توجد أسرار او حواجز، والحزب يمتلك أدواته الفكرية والسياسية المستوحاة من نهجه الماركسي، والفكر الماركسي ليس فكراً مغلقاً، والنتيجة تكون الوثيقة النهائية محصلة جهد واسع جداً، وحتى التغيرات التي تحصل على مشروع كل وثيقة تأتي بعد التمحيص والنقاش والأستئناس بكل الآراء والتي تخضع الى التبويب والتصنيف والترتيب ليتم أقرارها كصيغة نهائية تقدم الى المؤتمر الوطني وله القول الفصل فيها .
طريق الشعب: هل تتوقعون حصول تغيرات كبيرة عمّا مطروح في مشاريع أو مسودات الوثائق؟
من الصعب أن تتوقع تغيرات كبيرة، لأن الصيغة النهائية – المشروع لكل وثيقة (والتي ستقدم الى المؤتمر ا)، هي بالحقيقة قد استوعبت الكثير من الآراء، وتتم دراستها في اجتماعات اللجنة المركزية التي تسبق انعقاد المؤتمر، لذلك يمكن الحدس بما يمكن أن يتغير، وان المندوبين هم ممن ساهم في مناقشة تلك الوثائق وربما لديهم أراء معينة وتلك الآراء ليست غائبة عنّا، ربما لا تتضمنها الوثيقة حينما تعرض في المؤتمر لذلك من حق المندوب أعادة طرحها مرة أخرى، فالرفيق الذي لم يؤخذ برأيه في الوثيقة يبقى محتفظاً بحقه في طرح رأيه، والمؤتمر هو الفيصل.
طريق الشعب: هل تعتقدون ان الظرف مؤاتٍ لانعقاد المؤتمر؟
بالرغم من الصلاحية الممنوحة للجنة المركزية وفق النظام الداخلي في إمكانية تأجيل عقد المؤتمر الوطني لمدة سنة مع تبيان الاسباب الموجبة، ولكن الحزب ومنذ المؤتمر الوطني الخامس عام 1993 كان حريصاً على الالتزام بالاستحقاق الزمني لعقد المؤتمرات وفق ما مثبت في النظام الداخلي. لا شك ان الظروف الحالية ليست المثلى لعقد المؤتمر، ولكنها ليست حائلا دون انعقاده، ما لم يحدث تطور مفاجيء يحدث تغييرا كبيرا في معطيات الوضع الراهن.
طريق الشعب: شعار المؤتمر يعبر عن توجهات الحزب للمرحلة القادمة، وشعار المؤتمر التاسع كان (دولة مدنية إتحادية ديمقراطية .. عدالة اجتماعية)، ما هي قراءتكم له بعد مضي أربع سنوات على رفعه؟ أما زال محتفظاً بحيويته؟ ام هناك ضرورة مرحلية لاستبداله او تعديله ؟
المؤتمر حر في تبني شعار المرحلة المعنية وفق كل المعطيات التي يتم تحليلها ودراستها، اما شعار المؤتمر الوطني التاسع، فلم يتحقق بعد، فالدولة المدنية الديمقراطية هي مشروع نناضل من اجله، وهنا لابد من التوقف عند هذه النقطة. فهناك قوى واطراف سياسية يحاججوننا بان الدستور قد اقر بمدنية الدولة العراقية. صحيح ان مواد الدستور تنص على العديد من عناصر ومواصفات الدولة المدنية، كما ينص على كون النظام في العراق ديمقراطي اتحادي ( فدرالي)، ولكن هناك بعض المواد التي لا تنسجم مع مدنية الدولة.
والمشكلة الأساسية تكمن في تطبيق الدستور، فالمحاصصة ابتعدت عن مفهوم المواطنة، والدستور يبدو قد أختلفت قراءاته، لذلك حينما نريد أن نعزز دور المواطنة من خلال الدستور، فقراءتنا له وفق الرؤية المدنية التي نريد ان نحولها الى ممارسة سياسية ومؤسسية وحقوقية وثقافية. والمدنية تعني الحريات وعلاقة تمايز وفصل بين المقدس والشأن السياسي العام. نحن نحترم الدستور ونعتقد انه يفتح مجالا واسعاً ورحبا في مجال الحريات وفي مختلف المجالات. فالدستور ينطوي على إمكانيات أن يكون نظام الدولة قائم على أسس احترام التعدد والتنوع واحترام المواطنة وبناء نظام تعليمي يعتمد قيم المواطنة في بنائه ومناهجه ونظمه التدريسية، وأن يتعامل مع الهويات الفرعية بصفتها مكونات للهوية الوطنية الجامعة وليست بديلاً عنها، فهذا ما نقصده بالدولة المدنية، وليس المقصود ثورة على كل ما هو موجود.
الفهم السليم للدولة المدنية ومن خلال الدستور لا يعني القضاء او التضييق او حجب حق وحرية ممارسة الطقوس الدينية والمذهبية لآي دين أو مذهب، او التدخل في القناعات والمعتقدات الفردية، بل على العكس، فإن الدولة المدنية القائمة على المواطنة توفر أفضل المناخات لممارسة طقوس كل المعتقدات الدينية وغير الدينية، وتؤمّن ضمانات لتأديتها وبكل حرية. والاعتقاد ان مفهوم الدولة المدنية بهذه الصيغة قد اصبح اكثر انتشارا وقبولاً نتيجة الحراك، فخلال الأربع سنوات الماضية تحقق فهم أوسع لمعنى الدولة المدنية ومقبولية أوسع، وباتت الحاجة لتطبيقه وتحويله إلى ممارسة حياتية أكثر الحاحاً. لذلك ما زال شعار المؤتمر الوطني التاسع يحتفظ بقيمته وراهنيته.
وبشأن الديمقراطية، نشير أنها لا تكتمل بزيادة عدد المؤسسات واعتماد آلياتها الانتخابية، فالديمقراطية مؤسسات وآليات ومنظومة قيم ومباديء وثقافة وممارسة سياسية واجتماعية، كما أنها عملية تغتني باستمرار وتفسح المجال لمشاركة الفرد بفاعلية اكبر، حتى في الدول المتقدمة هناك حديث عن تعميق الديمقراطية. وهي لا تحجم في انتخاب نائب كل اربع سنوات وانتهى الأمر، بل يفترض ان تجري متابعة ومراقبة اداء هذا النائب خلال الدورة. فالديمقراطية متكاملة من حيث التعددية والثقافة والتعلم والمشاركة والمساهمة تؤطرها الحرية، الدولة يجب أن تكون منسجمة مع كل هذا في احترم الرأي الأخر والفكر الأخر وإرساء أسس التعايش ما بين أبناء الوطن الواحد، وأن ترسي قيم ومعايير الكفاءة والنزاهة في تولي الوظيفة العامة وفي الحياة الاجتماعية..
طريق الشعب: كيف يسعى الحزب ويناضل من اجل الديمقراطية والمحاصصة قائمة؟
لذلك قلنا وأعلنا ان الديمقراطية الحقة توجب التخلص من نظام المحاصصة، وهذا بالضبط ما قصدناه في تصويب العملية السياسية، وأن فكرة المواطنة تتقاطع مع المحاصصة.
طريق الشعب: هل من كلمة أخيرة للمؤتمر وللمؤتمرين؟
المؤتمرون يتحملون مسؤولية مضاعفة، مسؤولية مَن وضعوا ثقتهم فهم، ليكونوا معبرين حقيقيين عن افكارهم ورؤاهم، وعلى المندوبة او المندوب ان يدافع عن رأيه بكل جرأة ووضوح، وبنفس الوقت يجب ان يكون الطرح على وفق المعطيات والمعرفة، لذلك فعلى كل مندوب أن يكون قد قرأ واستوعب وهضم الوثائق المقدمة للمؤتمر بشكل جيد، والتطلع الى ان تقدم ملاحظات ذات مرتكزات سليمة لتغني الافكار المطروحة في الوثائق. ونتائج المؤتمر لا تخص الشيوعيين وحدهم، وإنما اقسام واسعة من المجتمع، ولا سيما الجماهير الواسعة التي تنشد الاصلاح والتغيير والأمن والسلام والنهوض الاقتصادي والاجتماعي، لأن الشيوعيين على مدى تاريخهم، يسعون إلى تفعيل وتحكيم العقل الجماعي المسترشد بفكر علمي لتقديم رؤى واضحة وناضجة معمقة. ونريد حقا ونعمل بجد لأن يرتقي المؤتمر الى مستوى ما يتطلع اليه أبناء شعبنا العراقي.