من الحزب

في حفل افتتاح فعاليات الذكرى الثمانين : حميد موسى: حزبنا سيبقى حياً وفاعلاً لتحقيق رسالته

القى الرفيق حميد مجيد موسى، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، كلمة الحزب في حفل افتتاح فعاليات الذكرى الثمانين الذي اقيم يوم الخميس الفائت في مدينة الناصرية، وفيما يلي نصها.

الرفيقات والرفاق الاعزاء
الاخوات والاخوة الكرام
نلتقي اليوم لنبدأ معا احتفالات الذكرى الثمانين لميلاد حزب الكادحين، شغيلة اليد والفكر، الحزب الشيوعي العراقي. فمرحبا بكم وتحيات صادقة وتهئنة حارة لكم بهذه المناسبة العزيزة على قلوبنا، ونتقاسم ذلك ايضا مع كل وطني مخلص من ابناء وبنات شعبنا العراقي.
فالاحتفاء بهذه المناسبة العطرة امر لا يخص الشيوعيين وحدهم، بل ان ظهور قوة منظمة وبتوجه فكري وسياسي، وعطاء متواصل رغم تقلبات الزمن وتعقيداته وصعوباته منذ عام 1934، يؤشر النضج المبكر للحركة الوطنية العراقية، بإدخالها عنصر التنظيم ووضوح الأهداف والبرامج التي تضع يدها على العلل الاساسية لتخلف المجتمع وتبعية البلد للقوى الاستعمارية الاجنبية، وتأكيدها على ضرورة وحدة القوى الوطنية ورفض عوامل الفرقة والتمزق والتشرذم لتحقيق استقلال البلد وتقدمه ورفاه شعبه. وبناءً على هذه الحقيقة فعيد الحزب هو عيد وطني لكل العراقيين الساعين للحرية والتقدم الاجتماعي.
ايها الاعزاء
قبل ثمانية عقود تداعى عراقيون تملؤهم الغيرة والمسؤولية الوطنية وتتمثل فيهم انبل خصال شعبنا، وبوعي عميق وثقافة مميزة، واستنادا الى منهج فكري علمي، وبتأثير من إشعاع ثورة اكتوبر العظمى، الى اللقاء والعمل المشترك وبناء التنظيم الذي وضع في صلب مهامه الاساسية الدفاع عن المصالح الطبقية الآنية للكادحين؛ من العمال والفلاحين والمثقفين والثوريين وعن مطامحهم الاجتماعية المستقبلية في الخلاص من استغلال الإنسان لأخيه الانسان، ومن الاضطهاد القومي، ولتحقيق الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية، وفي تصدر النضال لانجاز استقلال البلد وضمان حق الشعب في تقرير مصائره والسيطرة على ثرواته وتحريرها من كل هيمنة استعمارية، وإعادة بناء اقتصاده وتطوير ثقافته لصالح ابنائه وبناته، ومواصلة السير نحو " الوطن الحر والشعب السعيد ".

تحية للرواد الميامين

مع اقتراب ذكرى يوم التأسيس المجيد نقف لنقول مرحى لأولئك الرواد الميامين الذين عبدوا لنا الدرب، هم ومن سار على طريقهم الوعر، لنواصل خطاهم الواثقة بثبات وحمية، حتى تحقيق ما سعوا اليه وناضلوا من اجله. فتحية لذكراهم العطرة، و لذكرى الرفاق الذين لم يبخلوا بجهد وتضحية من اجل قضيتنا الوطنية والاجتماعية العادلة، وهم يرفعون عاليا قيم التحرر الوطني والديمقراطية والاستقلال والسيادة الوطنية والاشتراكية والشيوعية.
المجد الأبدي والخلود لقوافل شهداء الحزب، بناة الحزب، الذين استرخصوا الحياة من اجل أن تبقى رايته خفاقة وقضية الشعب مرفوعة حتى تحقيق النصر المؤزر: للمؤسس الخالد فهد ورفيقيه زكي بسيم والشبيبي، والقائد البطل سلام عادل والرفاق جمال الحيدري والعبلي، أبو العيس، عدنان البراك،عزيز حميد، حميد الدجيلي، عائدة ياسين، فوزية الحكيم، سحر امين، عميدة عذيبي، رحيم شريف، جورج تلو، نزار ناجي يوسف، كاظم الجاسم، نافع يونس، محمد الخضري، ستار خضير، سعدون (وضاح عبد الامير)،كامل شياع، ابو فؤاد، ابو ولاء، ابو ثابت، على البرزنجي، وتطول القائمة لتشمل الآلاف من خيرة رجال ونساء العراق وهم يمثلون نسيجه الوطني بكل قومياته واديانه ومذاهبه ومحافظاته وفئاته الاجتماعية الوطنية،نساء ورجالا وشيوخاً وشباباً، من العرب والكرد والكرد الفيليين والتركمان والكلدانيين والاشوريين والسريان والصابئة والشبك واليزيديين والارمن.
ستظل اسماء الشهداء نجوما ساطعة في سماء النضال الوطني والديمقراطي العراقي.
الذكر الطيب لمن غادرونا وهم حتى الرمق الاخير يحرسون الحزب باهداب عيونهم وشغاف قلوبهم، ليبقى دائم الخضرة وارف الظل، جديراً بحب الشعب وبثقة جماهيره.

الحزب حاجة موضوعية

الحضور الكرام
لم تكن ولادة الحزب الشيوعي العراقي محض صدفة، أو إرهاصة عابرة، بل أملت ظهوره الحاجة الموضوعية وتطور نشاط وجهد الكثير من الشخصيات والوجوه النيرة في حركتنا الثورية. فكان محصلة تلاحم وتوحد خلايا ومنظمات عديدة على امتداد الوطن، استلهمت حاجات وضرورات تطور مجتمعنا، واماني شعبنا وكادحيه، واهتدت بالمنهج الماركسي واسترشدت وتفاعلت مع ما جرى في العالم، من جديد الفكر الثوري، ومن انتصارات سياسية كبيرة على قوى التخلف والاستعمار لتؤسس الاداة النضالية القادرة على انارة الطريق والمساهمة بقيادة النضال لتحقيق مصالح الشعب الجذرية في التحرر والديمقراطية والتقدم.
وانطلقت تلك الجهود بمشروع انساني فكري متكامل وعلمي لتحرير البشرية من الاستغلال والاضطهاد والقهر وضمان حرية الفرد والمجتمع في الابداع والتطوير والرقي الحضاري والتقدم في اطار مجتمع منتج، عالي التطور علميا وتكنولوجيا، رفيع التنظيم والثقافة والوعي وغزير الانتاج المادي والروحي، القادر على تأمين المساواة والعدالة الاجتماعية وسعادة ورفاه الشعوب وتمتعها بخيرات بلدانها في اجواء السلام والبيئة النظيفة والتضامن الاممي والصداقة والتعاضد بين الشعوب، ورفض الحرب وكل اشكال الارهاب .
ومن اجل هذا نظم الشيوعيون صفوفهم، مندمجين مع كفاح جماهير شعبنا، باذلين الغالي والنفيس للارتقاء ببلدنا ولتحقيق اماني شعبنا ومطالب كادحينا في العيش الحر الرغيد.
وعلى هذا الطريق واجه الشيوعيون اعتى نظم الاستبداد والدكتاتورية معتمدين كل اساليب النضال واشكاله ومستلهمين تقاليد شعبنا الثورية في مكافحة الجور والظلم والاضطهاد ومتصدين للانظمة الدموية الارهابية بصلابة الواثق من قضيته وعدالتها.
لقد كرس الشيوعيون جهدا خاصا منذ بدايات نشاطهم لتوعية الجماهير وتعريفها بحقوقها وبمصالح الوطن، وكيفية تنظيم النضال للخلاص من ربقة التسلط الاقطاعي، والنهب الامبريالي الذي تمثل بهيمنة الاحتكارات النفطية على ثرواتنا الوطنية، وللخلاص من احلافه العدوانية ومعاهداته الاسترقاقية المعادية لتحرر الشعوب.

عملنا على ارساء ثورة تموز على اسس ديمقراطية

ووقف حزبنا الشيوعي، مساندا ومساهما، في صف ثورة 14 تموز المجيدة وسعى لارسائها على اسسس ديمقراطية، وحمايتها عبر تعميق مسيرتها وبناء المؤسسات الدستورية، وتأمين الحقوق القومية للشعب الكردي، وحل الاشكاليات بالطرق السلمية وتكريس احترام المرأة وحماية الحقوق السياسية والثقافية والادارية لكل الوان الطيف القومي في ربوع وطننا.
وتحمل الحزب الوزر الاكبر في التصدي لكل مؤامرات الانقلابيين وعوامل الردة، مقدما خيرة كوادره واعضائه دفاعاً عن منجزات الثورة ومكاسب الشعب.
وتصدى الشيوعيون بكل بسالة " لثورة الردة "- انقلاب 8 شباط الفاشي، ونظموا المقاومة الشعبية للانقلابيين، اعداء الشعب والانسانية، وتحمل الحزب خسارة قادته واعز ابنائه وبناته فداءا للوطن، ولقضية الحرية والديمقراطية.
وكان نشاط الحزب ورفاقه ومنظماته ينطلق دائما من نكران الذات والابتعاد عن الحزبية الضيقة والتمسك بمصالح الشعب والوطن العليا لانجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية.
ولم تكن مسيرة حزبنا المعمدة بالدم خالية من النواقص والثغرات والأخطاء والضعف في تقدير الموقف او من الرغبوية، ولكن النوايا كانت صادقة ونزيهة وتنطلق من التصور بان هذه او تلك من المواقف تخدم الوطن وتقدمه، لا طمعا بمكسب ذاتي او تملقا لسلطان. ودليلنا على ذلك هو جدية وجرأة الحزب في مكاشفة الجماهير بهذه العثرات ونقدها الحازم ومعالجتها بروح المسؤولية لتجنب تكرارها واستخلاص الدروس منها وتحصين نفسه والحركة الوطنية الديمقراطية ازاءها.
لقد تصدى الحزب – بعد جهود ومساع للاصلاح مؤلمة، وتجربة مرة – للنظام الفاشي المباد الذي انهك الشعب والجيران والسلم العالمي بجرائمه البشعة ضد حقوق الانسان العراقي، وبحروبه العدوانية المقيتة والمدمرة، وبممارساته الشاذة في الابادة الجماعية والبشاعة المنفلتة في التعامل مع معارضيه، ما استجلب على البلد العزلة والنبذ المعنوي والاخلاقي والحصار السياسي والاقتصادي والثقافي الدولي الذي عانى منه شعبنا لسنوات طويلة، ودفع الثمن غاليا في تخلفه الحضاري- العلمي عن ركب البشرية الصاعد.

نضال متعدد الاشكال

وخاض الشيوعيون كل اشكال النضال لاسقاط الدكتاتورية وسجلوا صفحات مجيدة مشرفة في تاريخ شعبنا بمساهمتهم في النضال البطولي لحركة الانصار الباسلة، وفي مواجهة شتى اساليب الفاشية قساوة ؛ السجون، التعذيب، الاغتيالات، الاعدامات، المقابر الجماعية، الانفال، الفصل، المطاردة، التشريد، وغيرها من ترسانة الحاقدين على الشعب وتطلعاته المشروعة.

الاخوات.. والاخوة
لقد سعى الحزب وهو يضمد جراحه ويعيد بناء نفسه، ويوسع تنظيماته في مواقع النضال المختلفة ؛ في عمق المدن، وفي كردستان وجبالها الشماء، وفي خارج الوطن، ويعافي حياته الداخلية ويجدد في مفاهيمه وشعاراته واساليبه، وفي ممارسات رفاقه وهيئاته ويرسخ الديمقراطية فيها وروح العمل الجماعي، والصمود امام الشدائد والظروف العصيبة وتقلبات الاحوال وتصاعد الازمات الفكرية والسياسية على الصعيد الداخلي والاقليمي والدولي، سعى للعمل مع غيره من القوى الوطنية والديمقراطية المكتوية بنار جرائم الدكتاتورية والتعاون والتآزر وتشكيل تحالف واسع يضم كل من تعز عليه كرامة وحرية الشعب العراقي وحقه في التطلع للتطور وبناء المجتمع الحر الديمقراطي، ويناضل من اجل خلاص الوطن من براثن الدكتاتورية المجرمة.

رفضنا الحرب والدكتاتورية

وكان جوهر شعاراته الاساسية وخلاصة برنامجه المرحلي: لا للدكتاتورية، لا للحرب، نعم للبديل الديمقراطي، نعم لبناء عراق ديمقراطي برلماني اتحادي موحد مستقل، وذي سيادة.
لقد مرت علاقات القوى السياسية الوطنية بمراحل صعبة وتقلبات حادة، وواجهت ضغوطاً اقليمية ودولية متنوعة وتدخلا غير مرغوب به في شؤونها، اضافة لما كانت تواجهه من جرائم النظام المقبور. وكان حزبنا يؤكد دائما ضرورة الحفاظ على استقلالية قرار المعارضة الوطنية السياسي، والثقة بقوى شعبنا وبطاقاته النضالية التي ارهقتها ممارسات الدكتاتورية الاجرامية، ويشدد على البراعة واليقظة في الاستفادة من العامل الدولي في تعضيد واسناد نضال شعبنا للتغيير في الداخل وبالاعتماد اساسا على قواه الخاصة لضمان بناء عراق جديد ديمقراطي، بعيدا عن الصراعات والمطامح الاجنبية، يستطيع فيه الشعب اعادة بناء اقتصاده وترميم ما خربته حروب الدكتاتورية وسياساتها الرعناء، واستثمار ثرواته الطبيعية لخير ابنائه وللمساهمة في جهود البشرية الهادفة الى اقامة السلم والعلاقات الدولية المتكافئة، دون انتقاص من حقه التام في تقرير مصائره الاجتماعية والسياسية بنفسه.
وتمسك الحزب بخلاصة تجربته في التحالفات الجبهوية التي تؤكد بان التعاون والعمل المشترك، يجب ان لا ينتهك الاستقلالية الفكرية والسياسية والتنظيمية للحزب (بل ولأي طرف). وان يبنى التعاون على اساس الاحترام المتبادل وفق برنامج يعبر عن مصالح الشعب وقناعة جميع الاطراف المساهمة، دون فرض او هيمنة تسلطية او نزعة اقصائية.

الاعزاء الحضور
ولم ينس الحزب وفي كل الظروف والاحوال اعلان تضامنه الاممي الصادق مع نضالات الشعوب من اجل الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان وتقرير المصير، بعيدها وقريبها، وخصوصا الشعوب المجاورة، وبالاخص مع الشعب الفلسطيني في نضاله لاسترداد حقوقه وبناء دولته الوطنية المستقلة.
وبسبب جملة الاوضاع الداخلية والاقليمية والدولية وما طرأ عليها من تحولات كبيرة وخطيرة في نهايات القرن الماضي وبداية القرن الجديد، وبالارتباط مع عجز القوى الوطنية المعارضة عن اقامة وحدتها الرصينة وفق برنامج وطني ديمقراطي، وعدم قدرتها على نسج امتن العلاقات، واكثرها فاعلية وديناميكية مع جماهير شعبنا وقواته المسلحة لاستسهالها الاعتماد على القوى الدولية، تبلورت اتجاهات التغيير، للاسف، من خلال التدخل العسكري الخارجي والحرب والاحتلال لاسقاط النظام الدكتاتوري الدموي. وقطعا كانت المساهمة الامريكية لا تنطلق الا من مصالح الولايات المتحدة اساسا وفي اطار مشروعها الاستراتيجي للهيمنة على العالم.
وكان لطريقة التغيير عبر الغزو وما استتبعه من احتلال، ما كان من ثمن غالي دفعه الشعب العراقي من حياة ابنائه وخصوصا شبابه، ومن خراب بنى البلد التحتية، وتدمير ركائز اقتصاده الوطني، وشيوع الفوضى، واحتدام الصراعات الداخلية، وتدهور علاقات البلاد الخارجية- الدولية والاقليمية، وتزايد التدخل في شؤونه الوطنية،وانتعاش ميول التعصب والتطرف، وتفاقم النزاعات الطائفية، وتزايد النشاط الارهابي المنفلت، والانتشار الاوسع للفساد المالي والاداري والسياسي والاخلاقي، فضلا عما ورثه البلد من تركة ثقيلة وارث قبيح من نهج وسياسات الدكتاتورية المبادة واجهزتها الحزبية القمعية المقيتة.

نمط التفكير السائد فاقم معاناة الشعب

ومما فاقم معاناة الشعب وارهق مسيرة الوطن لاستعادة استقلاله وكامل سيادته، ولانجاز ما تصبوا اليه جماهير شعبنا من بناء لعراق ديمقراطي تعددي برلماني مدني اتحادي مستقل وموحد تتحقق فيه مباديء المواطنة الحرة بعيداً عن سياسات التمييز والتهميش، ويسوده الامن والاستقرار، وتتوفر فيه الفرص المتكافئة للجميع، وحكم القانون ودولة المؤسسات، وضمان العدالة الاجتماعية في توزيع ثرواته. نقول: مما فاقم كل السيئات وزاد من الصعوبات وانتج المزيد من التردي والتخلف، هو نمط التفكير السائد لدى القوى المتنفذة من صناع القرار السياسي المتسم بالتزمت واللاديمقراطية، والابتعاد عن الواقعية والعقلانية والمرونة، وعن سعة الافق في التعامل مع شؤون البلد ومشاكل اعادة بنائه واصلاح العملية السياسية. كذلك ما تجلى في اعتماد اساليب غير شرعية في العلاقات السياسية بين القوى المتنافسة، المتعاركة، كالاستعانة بالمليشيات او الاستقواء بالقوى الاجنبية او التسقيط السياسي والاجتماعي المبتذل، وحملات التشويه والتضليل الفكري والاعلامي.

نسعى لمراجعة شاملة للعملية السياسية

اعزائي
لقد سعى الشيوعيون بكل اخلاص لاصلاح العملية السياسية عبر مراجعة نقدية شاملة، لتخليصها من عيوبها، ومن نتائج الممارسات والاجراءات الخاطئة. وبالاساس لتخليصها من اسّ البلاء، وهو نهج المحاصصة الطائفية الاثنية الذي اعتمد ستارا لاخفاء صراع المصالح بين المتنفذين على السلطة والثروة والمال، الصراع على اقتسام واعادة اقتسام غنائم ومنافع الحكم، ولصياغة ملامح حاضر ومستقبل العراق السياسي والاقتصادي والاجتماعي. هذا النهج، وما افرزه من فساد وفوضى وادارة غير كفوءة وشلل اقتصادي، والذي تنامت في ظله وبوتائر سريعة التناقضات الاجتماعية والاستقطابات الفئوية والفوارق الطبقية. وانتفخت في ظله وفي اجوائه الخصبة بشكل اخطبوطي فئات البرجوازية الطفيلية والبيروقراطية، واوساط مدللة من التجار الكومبرادور، شركاء بعض ذوي النفوذ من كبار رجال السلطة. واتسعت الهوة بين قلة من الاغنياء المهمينين على مفاتيح الاقتصاد والثروة، وبين غالبية ساحقة تعيش الكفاف، واوساطٍ واسعة منها تعيش تحت خط الفقر،وتعاني من الحرمان والبطالة والجهل والامراض وسوء الخدمات، في بلد الثروات والامكانيات الطبيعية والبشرية الغنية.
كذلك عرقلت معالجة آثار التشويهات التي لحقت بنظم وقيم الديمقراطية الحقة، واربكت عمل المؤسسات الدستورية، وعطلت انجاز الكثير من التشريعات الضرورية لاعادة العافية الى الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية في البلد؛ كقوانين الاحزاب والانتخابات والسلطات القضائية واجهزة النزاهة.. وغيرها العديد. كما انها اثرت سلبا على قوى الدولة واجهزتها وقدرتها على الحد من النشاط الارهابي ودحره (ولنا فيما يجري هذه الايام من جرائم خير دليل على ذلك).

دعونا الى التئام المؤتمر الوطني

وانسجاما مع نهجنا المنطلق من عميق الشعور بالمسؤولية الوطنية والتمسك الثابت بمصالح الوطن والشعب العليا، وبالدستور والطرق الشرعية السلمية لمعالجة الازمة العامة البنيوية متعددة الابعاد التي يعيشها الوطن، دعونا الى عقد مؤتمر وطني شامل يضم كل القوى والاطراف ذات العلاقة بانقاذ العملية السياسية، ووضع البلد على طريق التطور السلمي- الديمقراطي السليم، عبر الحوار الجاد والتفاهم والبحث عن المشتركات والحلول الوسط التي تعيد للبلد وضعه الطبيعي وتؤمن تطوره بوتائر متصاعدة.
ودعونا الى تهيئة اجواء ايجابية لتحقيق ذلك عبر التهدئة وايقاف التصعيد ومنع تدهور الاوضاع باجراءات عملية وممارسات صادقة فعلية، لا عبر مهرجانات شكلية، ووعود غير جادة، وتعهدات لا ترى النور. دعونا الى ذلك من اجل ابعاد البلد عن ما يشهده من تفاقم في التوتر وتصاعد التشنج والممارسات العنفية، وعن ما يدور في محيطه الاقليمي وعلى حدوده من صراعات دموية، تهدد البلد بافدح المخاطر واسوأ الاحتمالات.
قبل ذلك وحسما للامور، ولتجنب ضياع الوقت وتفاقم حدة الازمة، دعونا للرجوع الى الشعب، مصدر الشرعية، عبر صناديق الاقتراع لاجراء انتخابات مبكرة، تعيد رسم الخارطة السياسية وتحدد موازين القوى وتضمن استقرار البلد السياسي وشرعية الحكم.
نعم، لم نبخل بجهد وطاقة من اجل سعادة الشعب وكادحيه ولن نتوانى عن بذل المزيد حتى يتحقق لوطننا الامن والاستقرار والتطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الطبيعي. وعلى هذا الطريق سنواصل العمل لتوفير كل المستلزمات التي تؤهل حزب الشيوعيين للمساهمة الجادة في تقرير مصائر الوطن وكسب ثقة جماهير الشعب من خلال:
• بذل المزيد من الجهد لتعزيز كيان الحزب واعادة بناء قواه ومنظماته بالتزامٍ عميقٍ بنهج الديمقراطية والتجديد، ولضمان تحوله الى قوة اكثر ديناميكية وحيوية وتفاعلاً مع حركة الواقع ومجريات ما يحدث في الوطن، وفي حركة العالم من حولنا، الى حزب مؤهل فكريا وسياسيا وتنظيميا وجماهيريا ليكون في الصفوف الاولى النشطة من قوى التغيير والاصلاح والحداثة، لنشر القيم الديمقراطية والانسانية.
• الاندماج بجماهير شعبنا ومع حقوق مواطنيه، لتشكيل القوة الضاغطة على تطورات الاحداث وبما يخدم عموم الشعب وكادحيه خاصة. فالحقوق لا تمنح كهبة ولا يمكن انتظار تقطيرها كمكرمات، وانما تكتسب وتنتزع بالنضال المثابر الجاد والصبور. وبهذا نعيد الالق الى مسيرة العملية السياسية ونؤسس لبناء الديمقراطية الحقة واحياء مؤسساتها.

نعمل على توسيع جبهة القوى الديمقراطية

• توسيع صفوف جبهة القوى الديمقراطية وتيارها الناهض لتلعب دورها المنشود في اعادة بناء الوطن ومؤسساته على الاسس التي تخدم جموع مواطنيه بروح العدالة والانصاف. وان ننشّط كل الجهود التي من شأنها تشكيل تحالف انتخابي واسع يتعامل بجداره وثقة مع الاستحقاق الانتخابي البرلماني القادم.
العزيزات.. الاعزاء
بهذه الروح الايجابية المتفائلة، وبهذا النفس الكفاحي، نستجمع قوانا للاحتفاء بالذكرى الثمانين لتأسيس حزبنا الشيوعي العراقي، مدشنين باكورة الاحتفالات من مدينة الناصرية التي كان وسيبقى لها معنىً ومغزى خاص عند رفاق فهد من السائرين على دربه.
وبنفس الروح سنتعامل مع خبرة ودروس العقود الثمانية الماضية من نضال الشيوعيين المتفاني في خدمة الشعب الوطن، في التعبير عن مصالح الكادحين.
نحن على قناعة بان حزبنا الذي وجد كحاجة موضوعية سيبقى حيا، فاعلا، ثابتاً، لا تهزه الهزات ولا تثنيه الصعاب، كضرورة نضالية حتى تحقيق رسالته التاريخية.
عاشت الذكرى الثمانون لميلاد الحزب الشيوعي العراقي.
ولنجعل منها حافزا للعمل والنضال المتفاني لتحقيق آمال شعبنا وكادحيه.