من الحزب

إضراب عمال شركة الزيوت 1968 استلهام لدروس نضال الحركة العمالية*

الاخوات و الاخوة الكرام
الرفيقات و الرفاق الاعزاء
الحضور الكريم
نلتقي اليوم لاستذكار صفحة مشرقة في السفر النضالي المجيد للطبقة العاملة العراقية بشكل خاص و الحركة الوطنية الديمقراطية لشعبنا العراقي بشكل عام، و للاحتفاء بصناعها من القادة النقابيين و عموم العمال الذين شاركوا فيها و سطروا تفاصيل مواجهاتها و تحدياتها، صفحة دخلت تاريخ الحركة الوطنية والعمالية-النقابية باعتبارها تمريناً بطولياً للتحدي و المواجهة لسلطة البعث «الجديدة» بعد العودة الثانية له في انقلاب 17 تموز 1968.
لقد اقترن اسم هذا التمرين في ذاكرة المناضلين العراقيين و الجماهير الشعبية بتمرين نضالي آخر شهدته تلك الايام،وهو الاحتفال الجماهيري بذكرى ثورة اكتوبرالاشتراكية الذي دعا اليه و نظمه حزبنا الشيوعي العراقي في ساحة السباع في بغداد، حيث ردت عليهما السلطة «الجديدة» بذات الاساليب البوليسية البشعة و اظهرت فيهما شراستها و حقدها على اي نشاط جماهيري خارج عن حساباتها و اطرها الضيقة، بهدف ترهيب الشعب وزرع الهلع في نفوس ابنائه، و وجهت فوهات اسلحتها الجبانة الى العمال المضربين في شركة الزيوت و العمال و اخوتهم المحتفلين?في ساحة السباع، فسقط شهداء في الميدانين، و كان هناك جرحى و معتقلون و مطاردون و بيوت مستباحة بزركات الشرطة و هجمات المفارز الامنية.
جاء اضراب عمال شركة الزيوت النباتية في 5 تشرين الثاني 1968 ليؤكد قوة و عزيمة الحركة النقابية العراقية و المنظمات العمالية وقدرتها على استلهام دروس النضال الذي كدسته تجارِبُها الطويلة منذ ظهور بواكير العمل النقابي الاولى في بدايات القرن الماضي، و على استعداد الحركة لخوض النضالات المطلبية في الاحتجاج و التظاهر و الاعتصام و الاضراب ضد كل اشكال الاستلاب و هضم الحقوق و الاستغلال، و ليؤكد ايضا دور الطبقة العاملة العراقية و اسهاماتها في عموم النضالات و الهبات الجماهيرية التي اجترحتها القوى الوطنية الديمقراطية ع?ى مدى عقود طويلة.
وأكد الاضراب ان عزيمة الرجال و تحدي المناضلين النقابيين التي اظهرها المضربون، للدفاع عن حقوقهم و الاصرار على مطالبهم، في ذلك الخريف الستيني، ولم يكن قد مضى الا سنوات قليلة على انقلاب 8 شباط الاسود، هي امتداد طبيعي لعزيمة اسلافهم العمال التي اظهروها في اضرابات عمال السكك و الموانئ و النفط و الكهرباء و البناء و السكائر و الصناعات الجلدية، و اضراب كاورباغي و مسيرة عمال كي ثري، وغيرها من مئات الاضرابات و الاعتصامات، التي شهدتها مدن العراق المختلفة خصوصا المدن الكبرى منذ عشرينيات القرن الماضي.
أندلعت شرارة اضراب عمال الزيوت أثر رفض إدارة الشركة المطالب العمالية التي تصدرها مطلب دفع نسبة الارباح المخصصة للعمال بعد رفضها تطبيق قانون توزيع الارباح. وأمهل العمال الحكومة عشرة أيام لتنفيذ مطالبهم التي قدموها لوزير العمل انذاك، وبعكسه سيقومون بالأضراب . و ظلت السلطة تماطل خلال المفاوضات التي اجراها ممثلو العمال معها، و اخيرا تمّ إعلان الأضراب ورفع شعار ( عمالنا بهذا البلد قوة حديدية ) و (عمالنا متحدين موتوا يارجعية) .
بمساندة كاسري الاضراب من العمال المحسوبين على حزب البعث، إقتحمت قوات الجيش والشرطة الشركة تحت اشراف و توجيه قادة بعثيين و عسكريين كبار، وسط إطلاق كثيف للنار, مما أدى إلى إستشهاد القائد العمالي البارز ( جبار لفتة ) وجرح عدد من العمال، و أعتقال عدد آخر منهم وتوقيفهم في مراكز الشرطة و دوائر الامن. السيدات و السادة الحضور:
اليوم و نحن نستذكر تلك المعركة العمالية الطبقية و نحتفي بالرجال الذين سطروا صفحاتها المشرقة، في احتفالات العام الثمانين لتاسيس حزبنا الشيوعي العراقي حزب الفقراء من العمال و الفلاحين و العاملين باجور و عموم ذوي الدخل المحدود، نعلن دعم حزبنا الكامل لنضالات عمالنا لانتزاع حقوقهم المهضومة و تحسين ظروفهم في العمل و العيش و السكن، و تحقيق الضمانات المادية و الاجتماعية لهم، و التعجيل باصدار قانون العمل و قانون التنظيم النقابي،
نستغل هذه المناسبة لنضم صوتنا الى اصوات جماهير العمال في مختلف محافظات العراق في مطالباتها الملحة للجكومة بضرورة الالتفات الى الاف المعامل و المنشآت الصناعية و الانتاجية في القطاعين العام و الخاص المتوقفة عن العمل منذ اكثر من عقدين من الزمن، الامر الذي يساهم في ازدياد نسبة البطالة بين العمال و المهنيين و الفنيين و استمرار هدر الطاقات و الكفاءات الوطنية. ونؤكد رفضنا و ادانتنا لهذه اللاابالية من جانب المسؤولين واهمالهم المتعمد لمرافق اقتصادية هامة و ما يلحقه ذلك من خسائر مادية كبيرة و تخريب للاقتصاد الوطني.
الاخوات و الاخوة:
اسمحوا لي بالتوقف، و ان بعجالة، امام واقع العمل النقابي، للتعبير عن التقدير الكبير من جانب حزبنا للنضالات التي يخوضها العمال و اتحادهم الحقيقي الشرعي، في ظرف معقد و ملتبس، من اجل نيل حقوقهم و مطالبهم في حياة حرة كريمة. و للتاكيد على رفض كل اشكال التدخل الحكومي و الحزبي الضيق في الشأن النقابي، و محاولات الهيمنة على العمل النقابي من جانب هذه الجهة السياسية او تلك لافراغه من جدواه و مضمونه الحقيقي. كما نعبر عن ادانتنا للجهات الحكومية ذات العلاقة في عدائها للعمل النقابي و اصرارها على الاحتفاظ بقوانين و قرار?ت النظام السابق و مجلس قيادة ثورته المنحل، التي تحرم العمل النقابي خصوصا القرار رقم 150 لسنة 1987 الذي حرم العمل النقابي العمالي في جميع مؤسسات الدولة و منشآتها.
تبقى ثقتنا عالية بعمال عراقنا الحبيب و ممثليهم من النقابيين الحقيقيين و لجانهم النقابية المنتشرة في المعامل و الورش و مواقع العمل والانتاج، و في قدراتهم الخلاقة على استلهام نضالات الشعب الوطنية و الحركة النقابية على مدى قرن كامل، من اجل انتزاع حقوقهم في العيش الكريم و حرية العمل المهني و النقابي.

- المجد و الخلود للقائد العمالي الشهيد جبار لفتة ولشهداء الحركة العمالية و الوطنية.
- اسمى آيات التقدير و الاكبار لعمال شركة الزيوت النباتية الذين سطروا صفحة مشرقة في تاريخ الحركة النقابية.
- عاش نضال الطبقة العاملة العراقية.

شكراً لاصغائكم و السلام عليكم.

ــــــــــــــــــــــــــــ
* كلمة الحزب، ألقاها الرفيق حسان عاكف عضو المكتب السياسي
في احتفالية استذكار إضراب عمال الزيوت.