اعمدة طريق الشعب

الفاسدون أفسدوا حياتك! / طه رشيد

لو يتطلع المواطن الى التطور الحاصل في البلدان المجاورة، القريبة والبعيدة! لو يعرف أن تلك البلدان ذهبت بعيدا في عمرانها وفي بناء الانسان! لو يعرف أن الدول الأقرب لنا مذهبا، لا يتعطل فيها العمل بالمناسبات الدينية التي نتقاسمها معها! لو علم أنها منعت « إيذاء النفس» من خلال ممارسة الطقوس. فلا «تطبير» ولا ضرب الظهور بالسلاسل الحديدية! لو يعلم أن ملاعبها الرياضية تمتلئ بالنساء بجانب الرجال! لو علم أن دول الخليج التي نشتمها بمناسبة او بدون مناسبة، قد حولت الصحراء إلى مدن عصرية قابلة للعيش المريح! وان مواطنها أصبح في قائمة الأحسن عيشاً في العالم! لو علم ان بلدا مثل الأردن، لا نفط عنده او غاز او ثروات طبيعية كالتي نمتلكها، ورغم هذا يتطور عمرانا ويتغير نحو الأحسن كل ستة اشهر! لو علم ان لبنان ما زالت قبلة العالمين! لو فكر لحظة واحدة في ما فعله الشعب المصري من إجهاض للمشروع الاخواني، الذي لا يختلف عن أي مشروع «سرقة» للبلاد والعباد باسم « الدين «!
لو تطلع المواطن إلى حاله وحال بلاده بعين متفحصة! لو علم أننا عطلنا الصناعة والزراعة على حد سواء! لو علم ان معظم الخضراوات والفواكه نستوردها بالدولار! ومعظم الأدوات والحاجيات المنزلية البسيطة منها والمعقدة نستوردها بالعملة الصعبة! لو تطلع إلى ما حوله من مزابل واوساخ ! لو فكر لحظة بانقطاع الكهرباء المتواصل منذ عقود! لو فكر بالمبالغ الهائلة التي يدفعها للمولدات الكهربائية منذ أكثر من عشر سنين!
لو فكر في انعدام النقل العام الجيد ، ولم يتبق من النقل العمومي سوى عدد محدود من «الباصات الحمر» لا تغني ولا تسمن ! فاكتفينا بـ « الكيات والسايبات»! لو علم المواطن ان الدول الأوربية تمنع استخدام سيارات «السايبة « في بلدانها، وفكر مليا بالأسباب! لو فكر بأسباب انعدام الخدمات الطبية الجيدة في المستشفيات! لو فكر بأسباب غلاء المعاينة الطبية في العيادات الخاصة! لو فكر بأسباب انعدام الأرصفة في بلدنا! لو فكر بالاختناقات المرورية اليومية المتكررة! لو فكر بأسباب وجود السيطرات والصبات التي لا تحمي المواطن من مفخخة ولا من حزام ناسف! لو فكر في هدر الأموال الطائلة لحمايات المسؤولين خارج وداخل الحكومة! لو فكر بالمصالح المتشابكة للطبقة الحاكمة! لو علم ان «الشراكة» التي يدعون إليها مبنية على المحاصصة الطائفية والاثنية! لو علم ان «المحاصصة» هي التي أسست لتفريق العراق وإبعاد الرجل المناسب عن مكانه المناسب!
لو اقتنع المواطن بأن الدين لله والوطن للجميع! لو علم ان « الوطنية « ليست شعارات بل هي منجزات على الأرض! لو ادرك أن الفساد هو الوجه الآخر للإرهاب! وأن الفساد هو الذي سمم حياتنا وافسد الضحكة على شفاه ابنائنا..
لخرج، حتى بمفرده، الى ساحة التحرير شاهرا «صوته» بوجوههم!