اعمدة طريق الشعب

سقوط الوثائق / راصد الطريق

هذه ظاهرة عراقية. هي ليست ادارية قدر ما هي سياسية احياناً. ثمة نزوع ثأري او ادعاء ثوري او جهل في الحياة المدنية وشروطها.
النقود لا تسقط. تستمر في العمل حتى يمتصها السوق والمصارف بالتدريج. في هذا توفير اقتصاد وتحاشي تبذير. ثم انه عمل لا ضرورة له. الحكم تغير، حسناً النقود تأخذ وقتها وتنتهي. ملكية، جمهورية.. قطعة نقود كلّف طبعها ثمناً. تُكمل دورتها وتنتهي.
كذلك الوثائق التي تصدرها الدولة. هوية احوال مدنية، شهادة جنسية، بطاقة سكن. تغيرت شهادة الجنسية الورقية المستطيلة الى اخرى جديدة. حسناً، دعوا هذه تكمل دورتها. لا، نريد "ام الفوسفورة". غزل بأم الفوسفورة.. الم تكن تلك وثيقة صادرة من الدولة؟ نعم. اصدرتم جديدة لاسباب معروفة، شكراً. دعوا هذه في العمل. لا تضطروا المواطن وهو يراجع في معاملة وعلى عجلة من امره، الى ابدالها بالسيدة الخاتون « ام الفوسفورة «!
دعوا الامور تأخذ مجراها بهدوء. ليس كل شيء بأوامر حازمة جازمة.. اليوم اليوم وليس غداً، كما تقول السيدة فيروز!
وثائق الدولة الرسمية لا تسقط. هي تُجدد وبالتدريج وبهدوء ومن دون قسر آني! ألم تصدر من الدولة؟ أليس عليها رقم السجل والصحيفة وختم الدولة؟ هل تبرأتم منها؟ "شنو.. سوّت مكسورة؟".
كل عمل يحتاج الى هدوء وحكمة، « الخبصة « ليست هي "الثورية". تلك تطبيق نظرية، وهذه تطوير عمل. ليكن التطوير مريحاً هادئاً. ودعوا الوثائق تعمل حتى تنتهي، سنة سنتين ثلاث. ثم تُجدد بيسر ومن دون وثائق جديدة ومراجعات.
نعم، شهادة الجنسية الآن تجدد بيسر والاجهزة في الداخلية يطورون عملهم بشكل حضاري وبنظام واضح. لكننا لا نرى اصلاً ضرورة للتجديد الآني السريع! هي وثيقة صادرة. بعد انجاز المعاملة ترفق بها ورقة "يُنصح بالتجديد في أقرب وقت ممكن"، وهكذا الدنيا تعمل.
لا ضرورة لشدّ العصب في العمل وفي التوجيه، وكأن جريمة ستقع. التطوير مبعث راحة وفرح. دعوه يسيراً ناعماً. تعبنا أوامر، وتعبنا من "غيّرْ .. وإلا !". ما الذي جرى؟ هي وثائق صدرت منكم!
العراقي اليوم يحمل هماً عند مراجعة أية دائرة من دوائر الدولة. هو غير متفائل من سير الامور، يخاف من الاعتراضات ومن المواجهات غير المتوقعة ومن التأخير ومن متاعب "الروح تعال.."!
كلها وثائق رسمية صادرة من الدولة. دعوا الامور على رسلها. تبقى الوثائق محترمة ما دامت الدولة موجودة ويتم تغييرها بهدوء، من دون إيقاف المعاملة. تغييرها للأحسن، للأبعد عن التزوير، للأفضل شكلاً وأدق، كلها خطوات نرحب بها.
لكن لتظل الوثائق الاولى محترمة، لا تهينوها بإبطالها وكأنها خانت مهماتها. هي لم تفعل شيئاً وهي صادرة منكم، فاحترامها مطلوب الى ان تتغير خلال مدة تقررونها: سنة سنتين او ثلاث، وبعدها نلتقي على خير...