اعمدة طريق الشعب

شوارع فرعية / راصد الطريق

يبدو ان التربية السيئة طويلة العمر على التمييز بين الناس في السكن، في الطعام، في الاحترام، اثناء المراجعات وفي الخدمات العامة.. كل هذه اعتمدت التمييز الطبقي. ولا نتحدث عن مناطق السكن الجديدة النائية والمحيّرة في الذهاب وفي العودة إلى الاعمال او إلى المدارس ومتطلبات السلامة.
لقد وصل التمادي حداً تجاوز فيه متطلبات الحضارة ولياقات الحياة المدنية، في ابسط احوالها. فمن يرصد التعامل في الدوائر، يرَ الكلام مع الانيق ببدلته ورباطه وحقيبته غير الكلام في المسألة نفسها مع من يلبس اسمالاً ويتضح عليه الفقر والحاجة. نعم قد يكون هذا من باب الاحترام لاصحاب المكانة وثمين وقتهم او مهماتهم. لكن من قال ان وقت المراجع البائس غير مهم وهو ينجز معاملته ليكسب بعدها خبزاً لعياله او ليصل بيته قبل المساء، وبيوت الفقراء في الضواحي وهم ينتظرون الباصات؟
ايها الناس، الانسان إنسان، غنياً كان او فقيراً. هو جدير بالاحترام وبالتعامل الانساني المتحضر والمهذب والعمل على انجاز معاملته واراحته. لا توزعوا الراحة طبقياً ولا انجاز المعاملات طبقياً ولا إسداء العون طبقياً!
ينقلني هذا الكلام الى ازقة المدن، كل المدن العراقية بلا استثناء، سواء ازقة ابي سيفين والعلاوي في بغداد او ازقة « البنوك « و « جميلة « و «الشعلة « و « الحسينية « وبغداد « الجديدة «.. كما تلاحظون لم تنفع هذه المناطق اسماؤها. فجميلة ليست جميلة والبنوك فقيرة والشعلة مطفأة والحسينية لم يشفع لها الحسين فيلتفتون إليها.. مثل هذا نقوله عن ازقة العشار والبصرة القديمة، وعن ازقة الديوانية والكوت وميسان وسائر ازقة المدن الاخرى.
هذه كلها غير مشمولة بالنظافة. النظافة للشوارع الرئيسة فقط. مظهرية كاذبة بان المدن نظيفة ولها خدمات. لماذا لا ينظفون الازقة وهي اولى بالرعاية؟ التفكير الطبقي وروح التعالي على الشعب يتحكمان في كل اجراءات الدولة.
أليست الازقة والشوارع الفرعية اولى بالنظافة؟ ناسها فقراء وبيوتها مزدحمة وانتم تريدون، ألا تريدون صحة وسلامة الناس، ام ان هذا امر لا يعنيكم؟ لماذا لا تنظف الازقة مثلما تنظفون الشوارع الرئيسة؟ في الأقل خوفاً من وصول الامراض إليكم ولكي لا تستاؤوا من رائحة الازبال المكوّمة في ازقة الفقراء!