اعمدة طريق الشعب

كيف نخلق مسرحا متوهجا؟ / طه رشيد

يعاني المسرح العراقي من شلل واضح، بالرغم من الجهود التي تبذلها دائرة السينما والمسرح من خلال نشاط قسم المسارح وبعض الجهود الفردية من خارج الدائرة. وهذا الشلل تتقاسمه اسباب عدة يتحمل جزء منها المثقفون بشكل عام واصحاب الاختصاص بشكل خاص.. ناهيك عن الدولة واحزابها الحاكمة التي يرى بعض من كوادرها أن المسرح بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار! الم يقل رجل معمم (حين اعتلى خشبة المسرح الوطني بعد التغيير ) وبصوت عال انه يقف على «هذا المكان النجس» بالرغم من ان هذا الرجل المسكين وذلك «البعض» لا يتردد في استخدام العديد من البدع : السيارة وآخر انواع التلفونات والملابس والعطور وكل ما ينتجه الغرب من بدع!
أما المثقفون الذين، ينتقدون المسرح ويتهمونه بالتراجع دون ان يكلفوا أنفسهم عناء مشاهدة مسرحية واحدة خلال موسم كامل! فإنهم جاهزون لإطلاق الأحكام الجاهزة وما اسهلها!
كذلك الفنانون، ولا أقول جميعهم، فهم كذلك جاهزون للنقد او لجلد الذات دون ان يبدر منهم اي مقترح فعال لتنشيط الحياة المسرحية.. يريدون أن يعيدوا عصر فرقة المسرح الفني الحديث والمسرح الشعبي ومسرح اليوم، ويسحبوا زمن الماضي من اذنيه ويجلسونه على دكة الحاضر ناسين او متناسين الظرف الموضوعي للحدث الثقافي.. فما كان صالحاً للماضي لا يصلح للحاضر وما سيكون اليوم، ليس الزاما أن يكون نافعا للمستقبل. انها باختصار حركة التأريخ ومستجداته.
من أين لنا اليوم بـ فاروق فياض وروميو يوسف ومنذر حلمي وثامر الزيدي ومجيد العزاوي وعبد القادر رحيم ( أبو شعلة) وفاضل خليل وعوني كرومي وقاسم محمد وخليل شوقي وابراهيم جلال وجاسم العبودي وبدري حسون فريد وطارق حسون فريد وكاظم حيدر وغازي الكناني وزينب وناهدة الرماح وآزادوهي وعشرات الاسماء الاخرى من الشباب آنذاك الذين أصبحوا قاب قوسين او أدنى من الشيخوخة المبكرة او انهم رحلوا عنا؟
لكي نعيد للمسرح بهاءه فلا بد للمسرحيين، روادا وشبابا، أن لا يستكينوا للواقع المؤلم الذي تعيشه مجمل مفاصل الثقافة.. ونقول للدولة ما قالته تلك العجوز الجنوبية « ما ريد من جيبك فلوس ولا اريد من جدرك غموس، ردتك الي هيبة وناموس «!
اتمنى ان ارى وزيرا او نائبا او مسؤولا في الدولة يحضر عرضاً مسرحياً من دون دعوة رسمية ومن دون حمايات كما يفعل الكبار في الدول المتقدمة ! حينها سنقول إن جزءاً من عافية الثقافة قد عاد الى المسرح العراقي.