اعمدة طريق الشعب

محتارين بالقنفه .. والموت يلعب بينه ! / محمد عبد الرحمن

هذا ما اطلقته حناجر المحتجين الغاضبين الذي احتشدوا في اماكن سقوط الشهداء والضحايا ، في مدينة الصدر والكاظمية وحي الجامعة ، وفي السماوة وديالى ، تعبيرا عن الاستياء والسخط على ما آل اليه وضع بلدنا ، حتى اصبحت مدننا بين مطرقة الارهاب وداعش الاجرامي وسندان المتنفذين الفاسدين .
الهتاف يلخص الموقف ، فهناك عالمان : عالم الفقر والجوع والمهمشين ومن لا يجدون ما يسد رمقهم ، وعالم آخر سادر في غيه ولا يريد ان يرعوي رغم ان البلد ينزلق الى الهاوية ، همه الاول والاخير ان يتشبث بالمنصب وكرسي السلطة ، وليحترق من يحترق ويموت من يموت من الاطفال والنساء والشيوخ ، المهم بالنسبة له سلامة المنصب .
لا احد كان ينتظر من داعش واخوانه واخواته ان يكف عن ان يكون ارهابيا ، وان لا يقتل الناس ولا يتحين فرصة او ثغرة سياسية وامنية لينفذ منها وينفذ مآربه الشريرة ، وهي كثيرة ويتضاعف تأثيرها وقت الازمات السياسية والاحتقان والتراشق بالاتهامات بين ذوي النهي والقرار. ولكن لماذا تتكرر هذه الحوادث والاختراقات الامنية الكبيرة بين الفترة والاخرى في بغداد خصوصا ، حيث هذا التمركز للقوات الامنية على اختلاف تشكيلاتها ، والذي تكاد بغداد ان تختنق به. وقد قيل يوم اول من امس ان اكثر من 30 الفا من القوى العسكرية موجود في مدينة الصدر وحدها ( ولكم ان تتصوروا كم عديدها في المنطقة الخضراء اليوم! ) ، لكنها لم تمنع انفارا من المجرمين من العبث بحياة الناس وسفح دماء ما يزيد على ستين منهم !
وفيما التحقيقات في شأن تفجيرات السماوة لا زالت جارية لمعرفة حقيقة ما جرى ، خصوصا وان هناك معلومات مسبقة حصلت عليها الاجهزة الامنية - وفقا لما اعلن - افادت بوجود مثل هذا المخطط لدى الارهابيين ، وانه جرى رصد لحركة المركبات. ولكن في نهاية الامر تفجرت سيارات الانتحارين ، والخشية ان يلف النسيان او الاهمال العمد هذا الملف ايضا ، مثل غيره من الملفات الهامة المتعلقة بسقوط الموصل ، تهريب الارهابيين من البصرة ، هروب الارهابيين من سجن ابي غريب ، سبايكر ، سقوط الرمادي ، ملف الاسلحة الروسية ، ملف الاسلحة التشيكية .. وغيرها العديد سواء من ملفات الارهاب ام الفساد وهما لا يمكن فصلهما .
ومن حق المواطن ان يسأل: كم مرة تعرض مدخل مدينة الكاظمية الى تفجيرات مماثلة لما حصل يوم الاربعاء الماضي الدامي؟ فاية عبرة اخذت مما سبق ، واي اجراء اضافي اتخذ ، واية ثغرة سدت ؟ ولماذا يتكرر التفجير هناك ؟
يبدو ان لا شيء جديا قد اتخذ لتطوير منظومة الوقاية الامنية ضد الارهابيين ، والاجراءات الاستباقية الواجب اتخاذها للحد من هذه الهجمات الاجرامية . وليتذكر المسؤولين ان اول واجبات الدولة هو توفير الامن والحماية لمواطنيها ، نقول واجب وليس منةً من الحاكم ؟ فماذا وفرتم للمواطنين العراقيين ، ام ان همكم الاكبر هو اعادة «هيبة القنفة « التي اعتبرتموها هيبة الدولة وشرفها وناموسها وعرضها !
الناس لا تريد من المسؤولين التنفيذيين بيانات وتصريحات ، هم يريدون الاجوبة على اسئلة كانت ولا زالت تبحث عن اجابات شافية ؛ من قبيل: أين صرفت الاموال المخصصة لموازنة الدفاع والامن؟ ولماذا هذا العجز البيّن في التصدي لخطط الارهابيين على المستوى الاستخباري ؟ ولماذ تشتد وتتصاعد وتيرة التفجيرات عند احتدام خلافات المتنفذين ؟
الناس انتظرت اجاباتكم طويلا ولم يصلها منكم ما هو مقنع على مدى 13 سنة ، بل ان البعض من المتنفذين يستخف بارواح الشهداء وآلام الضحايا وعوائلهم فيقول ان الارهاب يضرب دول العالم جميعا ، يضرب عندنا مثلما في لندن وباريس ، وبهذا يريد ان يخلي مسؤوليته عما يحدث!
الناس عرفت السبب ولهذا سكنت الشوارع والساحات ، مطالبة بالاصلاح الحقيقي ، فهو طريقها الذي جربته وعرفت اهميته وقيمته ، وعليه تعول في احداث التغيير المطلوب في الاوضاع والاشخاص .