اعمدة طريق الشعب

جدل الأمن في بغداد / قيس قاسم العجرش

المؤشرات تقول إن بغداد تتجه الى أن تكون مدينة أكثر أمناً. لكن، ما قصّة الاعتداءات الأخيرة ؟
نعم هي اعتداءات وحشية وبربرية ولا تصدر عن أصحاب ضمير أو إنسانية. لكن مع هذا، فالأمن في العاصمة يتجه نحو الأفضل. كيف؟
لو استبعدنا الإجراءات الحكومية التي وضعت بالأصل وفقاً لقرارات مرتجلة، فليس في أمن العاصمة أي انهيار او انكسار.
باختصار هذا هو هدف الرسالة الإرهابية، وهنا تدور المعضلة التي يبرع الارهاب في اللعب عليها. وليس متاحاً لدى الارهاب الا رسائل الموت، هذا هو الافلاس بعينه.
لم تستغل الجهات الارهابية الخلافات السياسية لتتسلل الى المدينة. لإن بإمكان هذه الخلايا الاجرامية التواجد دائماً في المدينة. لكنها استغلت الجهاز المترهّل والتعِب والمتلاهي للسلطة الحكومية حتى تمكنت أن تدخل عضواً في الجدل( السياسي)!.
وحين يرمي رئيس الوزراء باللائمة على الخلافات السياسية في أنها كانت السبب وراء اعتداءات الارهاب الاخيرة، فهذا يعني إنه - كرئيس للوزراء - يرغب في حياة سياسية بلا خلافات! وهذا خلاف المنطق وخلاف الديمقراطية.
ويتوهم البعض حين يتصور أن الجدل البرلماني(وحتى العراك بالأيدي)، هو أمر غريب على البرلمانات. هذا المشهد طبيعي ومألوف حول العالم. أما الغريب حقيقة، فهو أن البرلمان لا يشارك عبر دوره في تقويم الإصلاح، ويمتنع عن الرقابة، ويخصص جلّ وقته لمناقشة حصص الوزارات وشخصيات الوزراء.
يعني، إن الإعتداءات إن كانت تستند الى تقصير في الواجب من جانب القيادات الأمنية، فلأنها قيادات لا تخضع للمساءلة ولا تشعر بالرقابة، لأن البرلمان غائب عنها وعينه لا تراقبها.
الأمر ينسحب على أي دائرة حكومية، لنجرّب أن تبتعد الرقابة عنها وسيأخذنا سوء الأداء الى بحر متلاطم من الكوارث. يا ترى هل حقق البرلمان في أعداد منتسبي الأجهزة الأمنية؟ وهل عرفنا من هم المسؤولون عن تمرير (الفضائيين) وقبض رواتبهم؟ وهل تحقق البرلمان من سلوكيات الضباط القادة؟ هل تابع تفاصيل ما يضعونه من خطط أمنية ؟ هل كرّست لجنة الأمن والدفاع وقتا لهذه المتابعات؟
هذه هي بداية الحل، وليس الحل عبر الظهور في شاشات الفضائيات وملء الدنيا بالتصريحات النارية التي لا تسهم سوى في زيادة جو الغمام الذي نحن فيه.
الظهور الإعلامي لا يبني مؤسسة ولم يفعل في السابق. القوانين هي التي تفعل في العادة، وهذه حتى تجد طريقها الى التطبيق؛ يتوجب أن تخضع للمتابعة، وليس لدينا غير مجلس النواب يتابع هذه المسائل.
فليصلح النواب أعمالهم وشؤونهم، وليكونوا مهنيين في ملاحقة رقابتهم، عند ذاك فقط يمكن أن نعرف إن كان الارهاب (يستغل)الخلافات السياسية أم لا؟