اعمدة طريق الشعب

تياران.. / ياسر السالم

يسبح الوضع العراقي في مياه مجهولة، يحركها تياران.
الأول متمثل في القوى المتنفذة وسياساتها التي تدفع بالأوضاع نحو الكارثة بأعين مغلقة.
فحتى الآن، لا أمل في انعقاد جلسة مجلس النواب: المواقف السياسية تقول ذلك، وان كانت لاتقوله صراحةً.
غير ان هذه المواقف تتستر بحجج دخول المتظاهرين للمنطقة الخضراء والخشية من تكرار الأمر تارة، واخرى بوضع شروط مصالح القوى، وثالثة بشرعية هيئة الرئاسة بعد إقالتها في جلسة النواب المعتصمين.
لكن الموقف الأكيد وراء كل هذه الجعجعة هو: عدم إنعقاد البرلمان، حاليا على الاقل.. وهنا عُقدة المنشار.
والعقدة هذه، تتمثل في سؤال يكمن حلها في الإجابة عليه: ما هو موقف القوى المتنفذة من مطالب الإصلاح؛ حكومة التكنوقراط.. المدد الزمنية المحددة للإصلاحات؟
لا يريد المتنفذون العودة الى البرلمان دون حسم الأمر، على ألا يمس ذلك المحاصصة.
غير ان المتنفذين لا يعرفون شياً، إنهم لا يفهمون ما الذي يحدث في الشارع، وهم يعيشون حالة رعب وصدمة عبروا عنها بعبارة: هيبة الدولة!
وهذا هو السبب الذي يفسر لنا لماذا هم يتخذون مثل تلك المواقف غير المسؤولة. هذه المواقف الهاربة من مواجهة الواقع مؤشر على اليأس من العودة إلى الوراء: اتفاقات تقاسم السلطة.
فــ"الواقف على حافة جرف، لا يستطيع التفكير بعقلانية"، كما يُقال.
في مقابل هذا، فإن التيار الثاني- تيار المحتجين- يكبر. فهناك غليان هائل في المجتمع، وهناك تشكيك واسع النطاق في مشروعية قوى المحاصصة، لم يسمع به أحد من قبل.
فمشاعر السخط والرفض للواقع الراهن بالغ السوء، كان يجري قمعها وإسكاتها بأساليب متنوعة وأسماء عديدة منها الإرهاب والطائفية.. الخ.
أما اليوم فقد صار الغضب على المُستغِلين ونظامهم، يشق طريقه إلى السطح على شكل فعل احتجاجي منظم متحدياً استبداد أقلية «الخضراء»، ولم تعد الناس تنصت إلا لصوتها: نفذوا مطالبنا..
****
هذا الوضع يكشف عن أمرين: إفلاس قوى السلطة وفقدانها القدرة على تدوير الأزمات.. وتطلع الناس إلى التغير، بعكس ما كان يُشاع.
ماذا يبقى؟..
قد أبدو متطرفاً، لكن أقولها بصدق: لا مجال لبداية جديدة، وأنقاض نظام المحاصصة باقية على الأرض!