اعمدة طريق الشعب

قلب "الياخة" / راصد الطريق

طبعاً الياخة كلمة عامية، اعني شعبية، وفصيحها او ارستقراطيها كلمة "الياقة". ولا اظن ان جماهير الشعب وفقراءه أبدلت القاف الى خاء صدفة او خطأ، ولا إبدالاً كما يقول النحويون. فنحن نعرف ان الهمزة يمكن ان تكون عين، سؤال تصبح سوعال، والقاف غين، وكثيرون يسمون القرآن على قدسيته قرعان..
اردت القول إبدال ياقة الى ياخة كان وراءها إدراك ووراءها مكنون ومضمون، وكأن واحدهم اراد القول يا خوي او يا للخزي! او هي من تأخير المعاملة عند صاحب الياقة البيضاء والرباط الگلگلي!
المهم اننا في "الطريق" كنا وما نزال مع المدنيّة سلوكاً ولغة ومشاريع إصلاح. وهذا ليس من نتاج ظروف اليوم. ولكنه دستور حزب الكادحين ورؤاه المستقبلية وما يتمناه للناس والبلاد.
وكنا نتمنى سلوكاً مدنياً ولغة نظيفة للحوار السياسي، وتقديم رؤى مستقبلية تقديماً علمياً، يرسمه متخصصون في الادارة والتخطيط والاقتصاد والصناعة والزراعة والمالية، ومعهم دائماً مفكرون اجتماعيون وسياسيون مخضرمون، يعرفون تاريخ البلاد السياسي وتفاصيل الفكر السياسي اليوم.
ما حصل قد حصل،
لسنا ضده
لسنا مع الخروقات التي كان ممكناً تلافيها،
ولكننا نحترم كل الافكار الاصلاحية. نفضل ونتمنى الا نضحي بالعملي ممكن التنفيذ. مهما يكن، دعوني ارجع لمسألة الياخة التي ظلت عالقة ولم احسم أمرها. فالقاريء تشوّق للياخة وقضيتها اكثر مما لنتائج الاصلاح، لانه يعرف «حيثيات الامور» وما وراءها.
يا سادتي حين كنا اولاداً فقراء في المدارس وصرنا نلبس قمصان، ما كان سهلاً علينا شراء قميص. وإذا حصلنا عليه فعلينا العناية به. لكن لاننا لا نملك عدة قمصان صرنا نبدل هذا بذاك، صار الجهد والتعب واللبس اليومي لقميص واحد.. ومن الغسل و"الاستهلاك" تتلف الياخة. لكننا لا نستطيع ان "نمتلك" قميصاً جديداً، بموديل حديث وقماش افضل. لا نستطيع ونحن فقراء ان نشتري. فما العمل؟
نقلب "الياخة" الى الجهة الاخرى ونعيد خياطتها للقميص، ونعود لقميصنا القديم بياخته القديمة المقلوبة.
معذرة.. سأتوقف عن الكلام لأني تذكرت أيام بؤسنا، أيام قلب الياخة على وجهها الثاني.. ومع ان البالات انقذت موقف "الفقراء «لكن يبدو اننا عدنا الى قلب الياخة المتهرئة!