اعمدة طريق الشعب

للفلوجة .. السلام والامان / د. صبحي الجميلي

بدأت القوات المسلحة العراقية ، الجيش والشرطة والتشكيلات الداعمة والمساندة لها، فجر يوم الاثنين ( 23 أيار 2016) ، معركة استعادة قضاء الفلوجة ونواحيه من قبضة التنظيمات الارهابية الاجرامية التي اخذت الفلوجة واهاليها رهينة ، وسيطرت عليها حتى ضاقت الناس ذرعا بتصرفاتهم وسلوكهم المشين .
الفلوجة وساكنوها وضعوا بين المطرقة والسندان لفترة طالت كثيرا ، جراء الحسابات السياسية والحساسيات والاجواء المشحونة ومصالح هذا الطرف او ذاك .والمحصلة هي حصار للمدينة يحد من انسيابية دخول الغذاء والدواء ،ومنع من جانب داعش الارهابي لسكانها المغلوبين على امرهم من مغادرتها .
ما عاشته المدينة على يد داعش تجلى في العديد من الصور والمواقف وما عكسته تقارير المنظمات والمراسلين وصيحات الاهالي واستغاثاتهم . ولن يستطيع مرور الايام محو صورة تلك المراة التي احتضنت طفليها والقت بنفسها في النهر للخلاص من الجوع وضيق الحال ، ولا القصص التي تقرب من الخيال عن الاعدامات والقتل اليومي على يد التنظيم الارهابي، والسلوك الاجرامي لعناصره والذي هو ابعد ما يكون عن اي دوافع دينية او انسانية .
فالفلوجة ومدنها وقراها حولها الارهاب وتنظيماته المتعددة الى اوكار ومعاقل لهم على عكس ارادة اهلها وساكنيها الطيبين مثل غيرهم من ابناء العراق، المسالمين والطامحين الى حياة الامان والاستقرار . وهذا لا ينفي وجود البعض المحدود الذي تعاون وساند وشكل « حواضن اجتماعية « لداعش ولغيره . ولكن هذا البعض لا يتوجب ان يكون السبب في ما يطلق على المدينة من نعوت في اعمام غير موفق ، ولا ينم عن دراية بواقع احوال هذه المدينة وغيرها التي ابتليت بداعش .
فضلا عن ان المطلوب الان ، ومعركة التحرير قد بدأت ، ان توجه رسائل طمأنة واحتضان الى ابناء هذه المناطق التي ابتليت بداعش وغيرها ، وبالسياسات العرجاء التي قادت وساهمت ، بهذا الشكل او ذاك ، في توغل التنظيم الارهابي وتمدده بعد حزيران 2014 .فاللوم ، كل اللوم ،يتوجب ان يقع على الحكام والمتنفذين المحليين وعلى صعيد الدولة ، الذين لم يوفروا الامن للمواطنين ، وتركوهم بلا حول ولا قوة لهم امام طاعون الارهاب . وفي هذا اللحظات الحساسة يتوجب وقف اية تصريحات تثير الحساسيات والمواقف المتقابلة المتشنجة ، من اي طرف جاءت ، وان تخلي مكانها الى شيء اخر يدعو الى التماسك وتعزيز اللحمة الوطنية ، وكذلك ان تكون الانتصارات التي تحرز مقدمات الى مصالحة حقيقية نحتاجها كثيرا ، وعلى نحو ملح .
ان قواتنا المسلحة وكل المتعاونين معها يحتاجون الى الدعم والاسناد ، والقليل من التصريحات ، ولا سيما غير المنضبطة تلك وغير المسؤولة والتي لا تريد الا ان تراوح الاوضاع في مكانها خدمة لمصالحها واجنداتها الخاصة . ان الواجب يحتم الان توفير كل المستلزمات للانتصار في هذه المعركة الكبيرة ، والاصرار على طرد داعش من كل قرية ومدينة عراقية .