اعمدة طريق الشعب

دجاجة حجي فيحان / عاصي دالي

مأساة ومعاناة الشعب العراقي ليست وليدة اليوم, بل مستمرة على مـر التاريخ العراقي القديم والحديث. حيث نلاحظ القصص والروايات التي تذكرنا بحجم العذاب والآلام والمصائب التي عاشها الإنسان العراقي في العصور السابقة. واليوم أصبح ذلك العذاب يفوق ما تعرض اليه آباؤنا وأجدادنا من قبل.
بعد عام 2003 استبشر العراقيون خيرا في أن تزول معاناتهم , ويعيشون في بلد تسوده الحرية والمساواة, ويعوضون ما فاتهم من عـوز وقهر جراء السياسات الرعناء للنظام الدكتاتوري المقبور. ولكن سياسة الاحتلال الأمريكي التي دمرت المؤسسات الأمنية وأسست لنظام المحاصصة الطائفية والعرقية, حطمت طموحات الشعب العراقي المشروعة, حيث ما زالت النتائج دون مستوى الطموح بسبب تصاعد عمليات العنف, ودخول البلاد في حرب معلنة مع الإرهاب بشقيه داعش والفساد، فضلا عن تعثر الخدمات. وفي هذا الخضم المعقّد تتواصل التظاهرات السلمية في جميع أنحاء البلاد , بشعاراتها المتنوعة الداعية إلى محاربة الفساد وفق إجراءات عملية و نتائج فعلية, وإجراء الإصلاحات المتمثلة في الغاء نظام المحاصصة الطائفية والأثنية, الذي لا يعجز عن إيجاد حلول وحسب، بل ينتج المزيد من الأزمات العامة, لتشمل مناحي الحياة كافة, التي تنعكس آثارها الوخيمة على حياة الناس وأحوالهم, وهو الذي أجج الاستياء الشعبي وحوله إلى غضب واحتجاج نتيجة تفشي الفساد واستشرائه في جميع مفاصل الدولة ومؤسساتها، وتغوله ليصبح إخطبوطا تمتد اذرعه إلى حلقات أساسية في مراكز القرار, وتتيح له نهب المال العام واستنزاف موارد الدولة, وتعطيل عملية البناء والاعمار وتغييب المحاسبة والرقابة الجدية.
وقد خرج علينا عدد غير قليل من السياسيين المتنفذين, وهم يلعنون المحاصصة كلاماً ويتشبثون بها عمليا باسم التوازن أو المشاركة. وهذا يذكرني بـ «دجاجة حجي فيحان» الذي دعا المله وهو يزور القرية ليجمع (حقوق الله)، على مأدبة عشاء, وذبح له الدجاجة الوحيدة التي كان يملكها، وجلس هو وأولاده الستة. فقام المله بسحب الدجاجة من وسط الصحن, بينما بقي الحاج فيحان وأولاده ينظرون إليه، متسائلين هل سيقسمها بينهم؟ إلا ان المله استمر في الأكل حتى أتى على الدجاجة كلها. وبعد تناول الشاي استرسل المله في الحديث عن الجنة وملذاتها , وضرورة الهداية إليها بشتى الوسائل والطرق. فقاطعة الابن الأكبر للحجي قائلا: «مـله لو الجنة مثل ما تكول جان ما دليتنه عليها، هي دجاجة وأكلتها وحدك، معقولة تخلي واحد يشاركك بالجنة؟!».