اعمدة طريق الشعب

نريد معرفة المندسين! / محمد عبد الرحمن

ما اشبه اليوم بالبارحة. فالحكومة والقوى المتنفذة الحاكمة والفاسدون المرتعبون من الاصلاح واستحقاقه مصممون كما يبدوعلى جر الحراك الجماهيري الى الصدام. حيث لم يعد امام هذه القوى من حيل الا اللجوء الى ذلك، بعد ان ناورت وسوفت وماطلت تهربا من واجب الاقدام فعلا لا قولا، على اجراءات واجبة تستجيب لاصوات الناس التي ما انفكت ترتفع منذ عشرة اشهر وتنادي بالاصلاح ومحاربة الفساد والخلاص من المحاصصة وتوفير الخدمات.
القوى المتنفذة ضاقت ذرعا بالمتظاهرين، فهم قد غيروا الكثير وهددوا مصالحها. ومارست تلك القوى، ولا زالت، شتى اساليب الترغيب والتهديد، واطلاق النعوت والتسميات المسيئة، وهي تعرف عن يقين من هم المتظاهرون، وان لا احد يزاود عليهم في الوطنية، وفي اخلاصهم وحبهم لوطنهم وشعبهم. فهم ليسوا بالبعثيين ولا بالدواعش، ولا بالمندسين. ولماذا يندسون وهم جهارا نهارا يعلنون عن مواقفهم، مكشوفي الوجوه، بل وان العديد من قادة التظاهرات معروفون جيدا للسياسيين في المنطقة الخضراء، كما للاجهزة الامنية، وهي التي نسقت معهم طول هذه الفترة. فمن اين جاء المندسون؟
واذا ما تناولنا ما حصل في الجمعة الاخيرة، فان الاجراءات الامنية كانت مشددة الى درجة كبيرة جدا. فاذا كان المندسون معروفين للاجهزة الامنية، فلماذا سمحت لهم تلك الاجهزة بالدخول الى ساحة التحرير، التي حُصر المرور اليها من ساحة الطيران فقط وهي محاصرة من كل حدب وصوب. فمن اين اتى هؤلاء المندسون؟ والانكى ان يعلن لاحقا من مكتب رئيس الوزراء انها تتابع هؤلاء المندسين! فاذا كانوا معروفين فلماذا لم يجر القاء القبض عليهم والساحة تضج بالاجهزة الامنية من كل الاشكال والالوان، بلباس عسكري ولباس مدني؟
نعم نريد ان نعرف مع ابناء شعبنا، من هم هؤلاء المندسون؟ ومن دفعهم، واية اجندات يريدون تنفيذها، ومن يزج او يدفع بهم، ان كانوا موجودين حقا، الى صفوف المتظاهرين والمحتجين السلميين؟ مع وجود خشية عندنا من تلفيق تهم جاهزة في عملية متعمدة لخلط الاوراق، وتكرار ما حصل في سنة 2011، ثم في 2013، قبل ان يكشف لاحقا زيف تلك التهم وتهافتها، فيما لاقى المعتقلون آنذاك صنوف التعذيب والكلام البذيء وفرض توقيع التعهدات سيئة الصيت..
وبعد، فلنسلم ان هناك حقاً مندسين، وان ذلك يمكن ان يحصل بفعل فاعل وتعمد مقصود وتخطيط مسبق، والامثلة عديدة من تاريخ بلادنا وتجارب شعوب العالم. فهل يبرر ذلك هذا الاستخدام الواسع للرصاص الحي والمطاطي، والغازات المسيلة للدموع، ورذاذ الفلفل الاحمر؟ وقد استخدم هذا كله، ليس ضد البعض الذي حاول اختراق الحاجز عند جسر الجمهورية كردة فعل، الاختراق الذي لا نقره ولا نراه ضروريا، والذي جرى التعامل مع من اقدموا عليه بقسوة لا نظير لها وامام مرأى الجميع ثم اختفت اخبارهم، بل استخدم كل ذلك ضد من كان بعيداً في الساحة وعلى مساحات كبيرة، بل وجرت ملاحقة المتظاهرين حتى حين خروجهم من ساحة التحرير؟
نعم، نريد معرفة هؤلاء المندسين، حتى لا تقول الحكومة انهم استخدموا قنابل المولوتوف او غير ذلك ضد الاجهزة الامنية، وهو ما لم يشاهده احد ممن كان في الساعة. بل حتى العديد من مراسلي الفضائيات انكر وجود ذلك. ولكي لا يُستخدم ذلك حجة وذريعة لاستعمال العنف غير المبرر، وحتى يتبين الخيط الابيض من الاسود وتتضح حقيقة المواقف وتتعرى وتسقط ورقة التوت. والا سوف نظل نسمع بالمندسين في كل تظاهرة تطالب بالحقوق.
فالحكومة مطالبة ان تقول لنا من هم هؤلاء المندسون، ما دامت قد لاحقتهم كما يُعلن وما دامت تعرفهم