اعمدة طريق الشعب

أطفال العراق.. اين حقوقهم؟ / حكمت عبوش

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وتحديدا في أول حزيران 1949، صدر الإعلان العالمي لحقوق الطفل. وقد وقعت عليه وقتها الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة، بالإجماع، وكان العراق من بينها.
أكد البيان في محتواه أهمية ضمان حقوق الأطفال في المأكل والسكن والملبس والرعاية الصحية والأسرية والتعليم ، مهما كانت الظروف . وباتت الامم والشعوب، وخاصة المتقدم منها، منذ ذلك الوقت، تتباهى وتتفاخر بما حققته لأطفالها من مكاسب ومنجزات، بوصفهم رمز النقاء والبراءة، والأساس لمستقبلها الوضاء. أما نحن العراقيين، فبماذا نفتخر؟
أنفتخر بأنفال صدام الهمجي التي دفن فيها الأطفال وهم أحياء مع أمهاتهم وأقاربهم؟ أنتفاخر بالمدارس التي أصبح قسم من تلاميذ السادس الابتدائي فيها، يجهلون كتابة أسمائهم؟
بعد سقوط الصنم قبل ثلاثة عشر عاما، توقعنا حدوث تغيير جذري في واقع الاطفال المزري، غير ان شيئا من هذا لم يحدث. ورغم مرور سنوات على التغيير، الا ان حال الأطفال ومدارسهم ظل يراوح في مكانه، ان لم يزدد سوءا، وبدأنا نسأل انفسنا بمرارة وسخرية: هل نتباهى بملايين الاطفال النازحين واليتامى والذين يعيشون دون خط الفقر ويتعرضون الى الأذى الجسدي والنفسي، ويتسولون في الشوارع ويعملون في محلات الحدادة والبناء والاسواق الشعبية، في أعمال لا تناسب أعمارهم؟
أنتفاخر بالمدارس الصديقة (على الورق فقط) التي انتشرت في كل أحياء المدن العراقية وأريافها، والتي توزع فيها التغذية المدرسية والمخصصات المادية لدعم الفقراء؟
أنفتخر بالمكتبات المدرسية وغرف الرسم والموسيقى والرياضة في هذه المدارس الصديقة؟
أنفتخر بـ 200مدرسة سيوقع عقد انشائها وزير التربية مع شركات فرنسية بطريقة الدفع بالآجل، والوزير نفسه قال في وقت سابق «اننا نحتاج هذه السنة لبناء 7000 مدرسة»؟
أنفتخر بأسر وتجنيد داعش الارهابي 1000من أطفال سنجار و500 من اطفال الفلوجة الابرياء، ليقوم بغسل أدمغتهم واشراكهم في أعمال ارهابية؟
أنفتخر بمستشفيات الاطفال والحدائق والمسابح والمسارح ومكتبات الاطفال التي تم انشاؤها (على الورق أيضا) في كل المحافظات، وفيها يقضي الاطفال عطلاتهم، وخاصة في فترة الاعياد؟
هنا يرتفع صوت أحد المنافقين قائلا: انك تطلب الكثير، فهذه المنجزات لا يمكن تحقيقها في فترة الثلاثة عشر عاما القصيرة. اقول له: أليست هذه الفترة قصيرة على إهدار وسرقة 1000مليار دولار وامتلاك 17 فردا من قادة الكتل والاحزاب المتنفذة العراقية 322.5 مليار دولار كما تقول مجلة «فوربس» الامريكية، وخمسة مليارات منها كافية لجعل العراق كله جنة للاطفال!؟
ان التوزيع الظالم وغير العادل للثروة الهائلة في العراق، هو الذي سبب هذا البؤس الفادح الذي يعيشه الاطفال، والذي يبغي من ورائه المتحاصصون والفاسدون تهيئة اجيال امية ضعيفة فاشلة غير قادرة على المطالبة بحقوقها والمساهمة في بناء مجتمع عراقي حضاري متقدم يشارك بفعالية في ارساء اسس الحضارة الانسانية.. لكن هذا ما لن يحدث مادامت مطالبات الجماهير والتظاهرات الشعبية العريضة والسلمية ضد المتحاصصين والفاسدين واللصوص مستمرة متواصلة!