اعمدة طريق الشعب

قوة الحراك في سلميته / محمد عبد الرحمن

الحراك الجماهيري غدا رقما صعبا ليس من السهل ان تؤثر فيه صفات ونعوت يطلقها هذا المتنفذ المذعور من صيحات المتظاهرين وهتفافاتهم ام ذاك القلق على كرسيه الذي جلس او اجلس عليه بدون وجه حق ولا استحقاق .
النعوت جاهزة ولعل بعضها مكرور منذ العهد الملكي، فماذا عساهم يقولون امام آلاف الناس التي صممت على ان تقول كلمتها وتسمع صوتها وتطرق على الحديد ، مطالبة بحقوقها وداعية إلى الاصلاح والتغيير فبدونهما ، وكما تقرا هذه الالاف، فان البلد يتجه الى اوضاع لا يحمد عقباها ومفتوحه على كل الاحتمالات السيئة . لذا تتجاوب الناس مع المتظاهرين والمحتجين ويرون فيما يطالبون به من اصلاح ومحاسبة الفاسدين وتوفير الخدمات وتحسين مستوى حياة الناس ، هو ما يعبر عن مشاعرهم وطموحهم في ان يروا شيئا اخر مختلفا عما يرونه اليوم من سوء على مختلف الصعد .
منى البعض من « المتضايقين « من الحراك والمذعورين من حركة الجماهير النفس في ان يرروا نهاية قريبة للحراك ، فراهنوا على عامل الوقت ، وعلى التسويف والمماطلة واغداق الوعود ،وسعوا الى شق الصفوف ، واستمالة البعض ، وكل مرة ياتي الرد واضحا ان «بغداد لن تسكت بعد» و» ما نتعب « .
ووجدوا في معركة شعبنا ضد الارهاب وداعش وخصوصا في معركة تحرير الفلوجة مناسبة اخرى ، وانطلقت الاصوات تنادي بتاجيل التظاهرات لما بعد تخليص الفلوجة من التنظيم الارهاب ، فجاء الرد قويا واضحا : نحن مع قواتنا المسلحة والمتطوعين في الحشد الشعبي الذين لبوا نداء المرجعية ، والمقاتلين من ابناء العشائر ، وندعمهم بكل ما نملك ، وهم يقاتلون دواعش الارهاب ، ونحن نقاتل دواعش الفساد . وبعد والسؤال الملح لماذا لم ترتفع الاصوات مطالبة بايقاف التظاهرات عندما كانت المعارك تدور لتحرير تكريت وبيجي والرمادي وهيت والرطبة ؟ لماذا الان ؟ . ومن الملفت للانتباه ان نائبا تذكر حلول شهر رمضان الكريم فطالب هو الاخر ان تتوقف التظاهرات لتنطلق بعد عيد الفطر!.
على ان احد الساسة المتنفذين ابتكر نظرية جديدة تفوق الجاذبية والنسبية وغيرهما ، بل باكتشافه بز ادسون مكتشف الكهرباء ، عندما غرد بان تناقص اعداد المحتجين دليل وعي المواطن ! لا اعرف ماذا قال عندما شاهد ساحات الاحتجاجات في بغداد والمحافظات ليلة الجمعة في 10 حزيران 2016 ولكنه في اغلب الظن كان يعيش كوابيس ليلة 10 حزيران 2014 .
ولن تصل التظاهرات الى غاياتها الا اذا حافظت على الاسس والتوجهات التي دشنت فيها انطلاقتها المباركة ، وفي المقدمة سلميتها ورفضها العنف ووجوب الاصرار على هذا فجرها الى العنف هو مايريده اعداء الاصلاح والتغيير . وايضا عدم جرها الى متاهات فرعية وشوارع مغلقة وشعارات غير مفهومة لم تخرج الناس من اجلها مثل الدفع باتجاه اغلاق بعض المقار الحزبية او مؤسسات رسمية ، وفي اليقين ان هذا لن يوسع دائرة المتعاطفين والداعمين لها وسوف يتثير تساؤلات جدية حول الغايات والمرامي . نعم من المؤكد ان بعض المتنفذين مع كتلهم هم المسؤولون عما وصلنا اليه ، ولكن وصولنا الى الاصلاح الشامل هو الكفيل بتغيير النهج والاداء والاشخاص .
ايها المتظاهرون والمحتجون حقا انكم قد قضيتم مضاجع المتنفذين الفاسدين ، فواصلوا حراككم السلمي ، فانتم تعبرون بما تقومون به عن تطلعات الملايين ورغبتها الجامحة في الاصلاح والتغيير ، ورؤية يوم عراقي حقيقي مشرق ، بلا محاصصة ، ولا فاسدين ، ولا سيارات مصفحة ، ولا حمايات ، ولا منطقة خضراء ، ولا صبات كونكريتية ، انه يوم قادم لا محال شاء من شاء وابا من ابى.