اعمدة طريق الشعب

تنزيلات في شهر رمضان! / طه رشيد

اعتادت اوربا ان تحتفل بأعياد رأس السنة الميلادية بطريقة تحاول فيها ان تشرك كل شرائح المجتمع في هذا العيد. وتقوم معظم البلديات بتوزيع المواد الغذائية والعينية والهدايا ( وحتى تذاكر لدخول صالات السينما) في ايام الاعياد.. توزع هذه الهدايا على العوائل المحتاجة دون النظر الى لونهم او جنسهم او مذهبهم او اصولهم، ومن دون جعجعة إعلامية وتطبيل وتزمير لهذا المسؤول او ذاك! وفي الدول الأوربية التي فيها جالية مسلمة تقوم محلات البيع الكبيرة (المولات ) بتخفيض أسعار المواد الغذائية والملابس في مناسبة شهر رمضان مثل ما حدث هذه الأيام في فرنسا وألمانيا وكندا وبقية الدول الأوربية، وهو عكس ما يحدث في العراق الذي تزداد فيه الاسعار بشكل ملحوظ ويضع علامات استفهام عن دور الجهات الرقابية الحكومية من جهة وعن مدى الصدق في ممارسة الطقوس الدينية وعمق الإيمان لدى المسؤولين عن زيادة الأسعار !
من جانب اخر تقيم بعض الدول الأوربية، مثل فرنسا، اماسي ثقافية وحفلات فنية لجالياتها المسلمة في مناسبة شهر رمضان يساهم فيها بشكل أساسي فنانون من المغرب العربي. ومن يريد أن يتمتع بالليالي الرمضانية، بحق وحقيقة، فما عليه إلا زيارة المغرب والجزائر وتونس في شهر رمضان. فكما تنشط المسلسلات الدرامية في القنوات الفضائية فإن اجمل السهرات والاماسي الثقافية والفنية تقام في هذه الدول العربية الإسلامية في هذا الشهر وهو عكس ما يحدث عندنا. لا مسرح ولا سينما ولا موسيقى في رمضان. والمشكلة الكبيرة انه لا يوجد قرار من الدولة بمنع هذه النشاطات، لكن المؤسسة المعنية والفنانين أنفسهم يعتقدون مسبقا بأن الجمهور سيمتنع عن حضور نشاطاتهم وهو افتراض لا يستند على قراءة ميدانية حقيقية.
لكي يأتي لك الجمهور عليك أن تحسن اختيار النشاط الذي ستقدمه وبعد ذلك يمكن لك ان تتحدث عن عزوف الجمهور من عدمه. أما الحديث عن التخوف من الوضع الأمني فهو أيضا لا يمتلك دقة كبيرة لأننا لاحظنا خروج الناس في كل شوارع بغداد بعد الفطور وبقاءهم خارج دورهم لساعات متأخرة من الليل.
الجمهور يحتاج الفن كحاجته للخبز! والفنانون مطالبون، قبل الدولة ومؤسساتها المعنية، ان ترويض النفس والعودة الى الجمهور، إلى الحياة الطبيعية، وهي أن نشجعه لمشاهدة المسرح والعروض السينمائية وان نقيم له الاماسي الفنية والثقافية المرموقة مساء، وحين لا يأتي الجمهور حينها نتحدث عن الخلل ونبحث عنه فنيا كان أم أمنيا!