اعمدة طريق الشعب

مَا الَّذِي قَالَهُ شِكسبير لأَبي سُكينة؟! / يوسف أَبو الفوز

كان صديقي الصدوق أَبُو سُكينة يصغي لنا جيداً، ونحن نتداول الأحاديث حول أهم ما جرى من أحداث في الايام الاخيرة . ففي الوقت الذي كنا فيه نعلن عن فرحتنا بتحرير الفلوجة، وتوالي أخبار الانتصارات التي تحققها قواتنا المسلحة بكل صنوفها ضد قوى الارهاب الداعشي، كان جَلِيل لايزال مغتما من الخبر الذي أشيع حول دعوة جهات ما الى تغيير أسم بابل !
قال بأمتعاض: لقد بذل الدكتاتورالمقبور «صدام حسين» جهوداً جبارة، وصرف الملايين من أموال خزينة الدولة العراقية ،لاجل تزوير تأريخ العراق، وإعادة كتابتة ليكون وفقا لفكره القومي والشوفيني، فجند لأجل ذلك عشرات الكتاب المرتزقة، والباحثين المزيفين، ممن خانوا الامانة العلمية، فكتبوا له ما يريد. رسموا له شجرة عائلة تنتهي بالامام علي بن أبي طالب، جعلوا ثورة العشرين تنطلق من المناطق الغربية في العراق، جعلوا حزب البعث العفلقي الصدامي الشوفيني، قائداً كل نضالات الشعب العراقي لاجل التحرر من الاستعمار وحاولوا طمس جهود وتضحيات كل القوى الوطنية العراقية الاخرى، والان يأتينا ألـ ... !.
وبلع الكلمة الاخيرة لسبب ما . قالت زوجتي : صارت قضية التزوير في زمن «القائد الضرورة» عند حاشيته شأنا عاديا. هل تتذكرون شهادات الدكتوراه المزورة التي حملها ابرز جلاوزة النظام وبعض من افراد عائلته، رغم ان فيهم من لا يعرف كيف يكتب أسمه ؟
ضحكت سُكينة : حقا ان الضحية احيانا تقلد جلادها ! إذ تجد الان البعض ممن يعتبر نفسه من ضحايا الدكتاتورية يحاول وبكل صلافة التشبه بنهج الدكتاتور، فهم لا يكتفون بتزوير الشهادات الدراسية لاجل تبوأ مواقع تسهل لهم النهب وسرقة اموال الشعب، بل يريدون تزوير تأريخ حضارة عريقة، هي رمز للعراق وفخر اجياله !
ضحك أَبُوجَلِيل: عيوني أَبُو سُكينة ، بلا زعل، ليش ما تزوّر شهادتك في محو الامية وتسويها دكتوراه وتصير لنا مديرعام ؟!
أبتسم أَبُو سُكينة ، وقال موجها كلامه الى الجميع : هؤلاء الذين تحكون عنهم أعتبرهم جماعة في قمة الجهل، فهم لا يدركون بأن الشعوب لا ترحم. واذا نجحوا لفترة من الزمن مهما طالت في خداع بعض الناس، فالكثير من الناس تفتحت عيونها يوم بعد يوم. بعد ان أكتووا بمسلسلات الوعود الزائفة والكذب والخداع . صارت الناس تعرف ان الفساد هو الوجه الاخر لداعش، وان داعش لم تنجح في اغتصاب اراضينا واذلال ابناء شعبنا في المنطقة الغربية وسبي بناتنا الايزيديات، لولا ان هؤلاء المزورين هم المطبلون للمحاصصة والمدافعين عن الفساد. اسألكم .. كم من سنوات حكم المجرم صدام حسين بلادنا ، ولكن أين صار مصيره الان؟ أن هؤلاء المزورين قوم زائلون .
والتفت نحوي وقال : أن بابل ستبقى بابل ، صرحا تاريخيا ورمزا للحضارة ، مهما غيروا إسمها، مثل ما قال لنا صاحبك «شيخ زبير»!
وضحكنا جميعا، فأبي سُكينة يقصد الكاتب العبقري وليم شكسبير (1564 ــ 1616 م)، الذي قال عدد من الباحثين العرب ان اصله عربي وان أسمه» شيخ زبير». في مسرحيته «روميو وجوليت»، وبعد اللقاء الاول بين جوليت و روميو وانجذابهما لبعض، ومعرفة جوليت بأن روميو من العائلة العدوة لعائلتها ويحمل اسمها، قالت «أن الأسم لا يهم، فالشيء الذي أسمه زهرة يظل يعطي عطراً مهما تغيّر أسمه «!.