اعمدة طريق الشعب

«نقطة» حياء! / طه رشيد

الشعور بالمسؤولية لا يحدده الاخلاص في عملك فقط، ولكن اخلاصك، أيضا، يتضح من خلال حرصك على ديمومة العمل في المكان الذي تديره، وان لا تكون حجر عثرة في طريق تطويره. وعليك أن تعلم بأن فلك الدنيا دوار. والأجيال تعقبها أجيال جديدة وهكذا دواليك.فبركة الحياة بـ «حركتها» واذا ما توقفت «الحركة» التي يفترض ان يتبعها تغيير جديد فاقرأ على الدنيا السلام .
آثار قبل ايام رئيس وزراء بريطانيا دايفيد كامرون زوبعة كادت أن تطيح ببعض « العقول «العربية وليس الغربية! وبين العقول «العربية والغربية» نقطة واحدة ولكنها لا تشبه كل النقاط لأنها نقطة حياء!
رئيس وزراء بريطانيا اذن يعلن استقالته ويقول:«الشعب البريطاني يحتاج الى زعامة اخرى لانه اختار اتجاها اخر.. ولهذا ساستقيل». وجاء إعلان الاستقالة في خطابه المتلفز بعد فرز نتائج الاستفتاء الخاصة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي. وبما أن كاميرون كان من المتحمسين لبقاء بلده ضمن الاتحاد لذا قرر الانسحاب لانه لا يمكن للزعيم وللقائد ولرئيس الحكومة ان يكون قائدا لكل المراحل..في الحرب وفي السلم ، لأن لكل مرحلة رجالها!! السؤال الملح يا ترى كم قائد عربي، وبالأخص عراقي، يقبل الاستقالة طوعا..! كل زعماء العرب «اذا ما استثنينا القائد السوداني سوار الذهب» يرفعون شعارا عتيدا : جئنا لنبقى!
الاستقالات في العالم المتمدن مسألة طبيعية لأنهم يستمدون سلطاتهم من الأرض، ومن أجل إصلاح هذه الأرض وما عليها. أما حكامنا فإنهم يعتقدون أن وجودهم في « الكرسي» هو هبة من السماء، ولا يمكن لهم أن يخيبوا ظن السماء بهم فعليه التمسك بهذه «الهبة» حتى الرمق الأخير!
معظم الحكام العرب وبأي صفة كانوا «زعيم او رئيس او أمير او عقيد او ملك» لم يتنازل طوعا عن كرسيه، بل بالسيف أو بالدبابة. واذا حالفه الحظ وادركته الشيخوخة وهو في كرسي السلطة فإنه ينتخب زعيما فخريا مدى الحياة!
فضائح الفساد في عراقنا تزكم الانوف ويفترض أن تطيح بعدد كبير من الرؤوس ومن يمتلك نقطة حياء حكام الغرب لأقدم ليس على الاستقالة فحسب، بل الانتحار. ولا أقصد الانتحار السياسي بل الانتحار الفسيولوجي أسوة بعدد من ساسة العالم انتحروا نظرا الى شعورهم بالفشل في اداء مهماتهم مثل رئيس وزراء فرنسا الاسبق بيير بيريغوفوا، وانتحار وزير الخزانة الأمريكي بعد ثبوت براءته من التهم الموجة إليه! وانتحار وزير الإسكان الكونغولي وانتحار وزير الزراعة الياباني!
وللعلم هذه الانتحارات معظمها حدثت للشعور بالذنب والتقصير في أداء الواجب.
وعودة الى واقعنا المرير، اليوم، وبعد سلسة التفجيرات في المناطق الشعبية واخرها التفجير الدامي في الكرادة من حقنا ان نتساءل كم من راس يجب ان يستقيل او يمتلك الجرأة وينتحر ولو سياسيا أسوة بتجارب الغرب الديمقراطي.
ولكن نقطة الخلاف بين «العرب «و»الغرب» نقطة حياء!