اعمدة طريق الشعب

«المتحاصصون» ينتجون الفاسدون! / طه رشيد

وبعيدا عن الكون ونشأته والانسان وخلقه وبعيدا عن كل الخطوط الحمراء التي تحيط هذا الموضوع نحاول أن نطبق هذا السؤال الوجودي على وضعنا العراقي بكل تشعباته ومشاكله وحروبه وازماته الذي يقودنا لسؤال يفتح باب الوطن على مصراعيه : فهل ولدت المحاصصة من الفساد ام ان الفساد هو الذي أوجد المحاصصة؟!
المحاصصة والفساد تربطهما علاقة ديالكتيكية، دراماتيكية، تربطهم شبكة خيوط متشابكة ليس من السهل بمكان العثور على راس الشليلة، لانهم يتبادلون المواقع حسب مصالحهم ومغانمهم!
وحين يحمى وطيس الشارع ويضغط باتجاه تصحيح مسار العملية السياسية وكشف الفاسدين ويطالب بإجراء إصلاحات فورية، تتشابك اياديهم ويصبحون كالبنيان المرصوص ويصرخون صرخة مدوية واحدة ضد المحاصصة وضد ربيبتها "الطائفية" حتى يخيل الي بان المتهم بالطائفية وبالمحاصصة هو "الشعب" وليس المتنفذين في السلطات الثلاث!
الكل يتهم الكل ولنأخذ البرلمان انموذجا، النائبة الفلانية تتهم النائب الفلاني بالفساد والآخر يتهم رئيس كتلة النائبة بصفقات مشبوهة، والآخر يتهم نائبا، له وفرة من الحظوة، بامتلاكه عقارات في دولة أوربية رغم انه كان، قبل السقوط، يعيش على مساعدات الإعانة الاجتماعية!
وتستطيع أن تسود صفحات من الاتهامات المتبادلة، وأنا أجزم بأن معظمها صحيح، ولكن لم نشاهد ولا مرة واحدة محاكمة لفاسد كبير. الفاسد حين تتم محاصرته يترك منصبه ويسافر وتأتي الأخبار بين مصدق ومكذب عن ملايين الدولارات التي هربها معه!
كان لمجزرة سبايكر دوي كبير ليس عراقيا فحسب بل حتى دولي، وما زال أهالي الطلاب - الضحايا يطالبون بكشف ملف المجزرة ومن يتحمل مسؤوليتها ولكن جسر الجمهورية يصغي ويستمع لهم، والمسؤولون لا يسمعون.. طرش اي والله طرش!
سقوط محافظة نينوى ( وليس الموصل وحدها لانه هناك عشرات القصبات والقرى والمدن العامرة سقطت مع الموصل داخل حدود محافظة نينوى) فضيحة من العيار الثقيل، من المتهم بسقوطها؟ وزارة الدفاع ام رئاسة أركان الجيش ام القائد العام للقوات المسلحة ..من؟
لا أحد يعرف وسوف لن نعرف اذا استمر نفس الحال. بالأمس ظهر وزير الدفاع أمام البرلمان وفجر قنبلة فساد تقشعر لها الأبدان!
تشخيص الفاسدين بالرغم من كونه ضرورة بحدود الخطوة الأولى للإصلاح، لكنها لا تكفي، اذ يجب فتح الملفات كاملة وإجراء محاكمات عادلة حتى يأخذ كل ذي حق حقه. ولكن هيهات ان يجري هذا في حكومات محاصصة ينخرها الفساد!